سجل تقرير رسمي في المغرب تنامي ظاهرة التدين في صفوف الجيل الحالي من الشباب، مقارنة مع الجيل السابق، وانكفاء فئة منهم داخل دائرة التدين، رافضة الحداثة المستوحاة من الغرب، مع التحذير من تحول هذا الانكفاء إلى «تطرف ديني لدى البعض».وذكر التقرير، الذي صدر هذا الأسبوع عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب، أن شريحة كبيرة من الشباب في البلاد بقيت «على هامش النمو الاقتصادي»، منبها إلى ارتفاع مؤشرات البطالة والتسرّب المدرسي وسط هذه الفئة، التي تشكل ثلث سكان البلاد.كما أوضح التقرير أن غالبية الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة يوجدون على «هامش النمو الاقتصادي»، مسلطا الضوء على «نقص منسوب الثقة ومشاعر الاستياء إزاء السياسات والخدمات العمومية» لدى جزء كبير منهم.وقال التقرير ذاته إن 82 في المائة منهم لا يمارسون أي نشاط، ويقضون 72 في المائة من وقتهم في أنشطة «غير منتجة للرفاه الاجتماعي»، بينما لا يحصل 75 في المائة من هذه الفئة على تغطية صحية، فيما يعاني خمسهم من اضطرابات نفسية.وعلاوة على ذلك، نبه التقرير إلى ارتفاع معدل الانقطاع عن الدراسة وسطهم، فيما يصل معدل البطالة إلى 20 في المائة، موضحا أن «أغلب الشباب المشتغلين يعملون بالقطاع غير المنظم»، وفي مهن «تتسم بالهشاشة وبأجور زهيدة». وأشار إلى أن البطالة تطال الشابات أكثر من الشبان.وحسب التقرير ذاته، فقد تصدر عنصر الشباب الحركات الاجتماعية الاحتجاجية، التي شهدتها مناطق مغربية مختلفة في الآونة الأخيرة ضد تدهور الأوضاع المعيشية، وانتهت بملاحقات قضائية. لكن السلطات أطلقت أيضا مشاريع إنمائية في محاولة لاستيعاب هذه الاحتجاجات. فيما دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب عيد الجلوس نهاية يوليو (تموز) الماضي الحكومة إلى «إعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية بمجال الدعم والحماية الاجتماعية».وفي هذا السياق دعا تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى إطلاق «مبادرة وطنية مندمجة» لصالح هذه الفئة، مسجلا «أزمة ثقة حقيقية بين الشباب والمؤسسات السياسية».في المجال السياسي، أوضح التقرير أن نسبة المنخرطين في الأحزاب والنقابات لا تتعدى واحد في المائة من الشباب. لكن في المقابل يقبل «عدد متزايد» منهم على الجمعيات، ما يعد تعبيرا عن «خيبة الأمل في العمل السياسي المباشر»، وقدرته على تحقيق «تغيير فعلي».وتوقف التقرير عند أهمية الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في تكوين وعي الشباب، مشيرا إلى ما سماه «فجوة رقمية» بين الشباب المرتبط بالإنترنت والبقية، لا سيما النخبة السياسية. علما بأن 46 في المائة من المغاربة ولدوا بعد وصول الإنترنت إلى المملكة عام 1993. فيما يرتبط أكثر من ثلثي الأسر بالشبكة العنكبوتية.وفي هذا السياق، حذر التقرير من أن هذا الانفتاح غير المحدود على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يجعل الشباب عرضة «للنهل من منظومة قيم تتجاوز الحدود المرسومة في النطاق العائلي أو المجال».
مشاركة :