يبحث الراغبون في الاستمتاع بموسم صيفي هادئ على شاطئ البحر عن وجهات سياحية بعيدة عن الضوضاء، فتوفر مدينة المهدية التونسية المتميزة بطابعها الأصيل الذي تغلب عليه العمارة التقليدية، الراحة والسكينة لزائريها إلى جانب روعة شواطئها المهدية (تونس) - تقع محافظة المهدية، الجنة الخفية للبحر الأبيض المتوسط، على الساحل الأوسط الشرقي لتونس، وتوفر للزائرين أجواء تأخذهم بعيدا عن صخب العالم من حولهم. تتميز قرية الصيد الهادئة بكونها وجهة مثالية لأولئك الذين يبحثون عن الهدوء في الشواطئ الساحرة. وتعد المهدية، التي تبعد 200 كلم جنوب تونس وجهة متجذرة في التاريخ، ففي عام 920م، كانت عاصمة تونس التي حكمها الفاطميون، بعدما شيّدها الخليفة الفاطمي عبيد الله المهدي مؤسس الدولة. إن إرث الحقبة الفاطمية يكمن في العمارة الإسلامية المعقدة للمدينة القديمة، فأزقة المهدية الساحرة مليئة بالحياة، حيث يعرض التجار كمّا هائلا ومختلف الألوان من الملابس التقليدية والفخار. وعلى الزوار لدخول المدينة القديمة، المرور عبر بوابة ساحرة بطول 33 مترا، أطلق عليها اسم “السقيفة الكحلة” (البوابة السوداء). ويعود تاريخ تشييد هذه البوابة إلى عام 916م، وكانت جزءا من القلعة المحيطة بالبلدة الفاطمية، مما يجعلها من المعالم المعمارية التاريخية الهامة. قال محمد حواس، أمين متحف المهدية “تتميز مدينة المهدية عن غيرها من المدن الإسلامية بمحافظتها على مواقعها التاريخية منذ العهد الفاطمي وخاصة البوابة الرئيسية التي مازالت تقف حتى اليوم شاهدة على الدور المهم الذي لعبته المدينة على مرّالعصور”. وأضاف “أراد مؤسس الدولة الفاطمية عبيدالله المهدي بناء مدينة عسكرية تكون عاصمة لخلافته ويمكن من خلالها إطلاق غزواته إلى الشرق، فقام بجولة على طول السواحل لانتقاء موقع استراتيجي يكون موقعا مناسبا لبناء مدينته، حتى وقع اختياره على مكان به ميناء يرجع تاريخه إلى العصر البونيقي. فكانت المهدية (نسبة إلى لقبه المهدي) هي المكان الذي بدأ فيه الحكم الفاطمي، ما أعطاها قيمة تاريخية فريدة”. والبوابة التاريخية هي نصب تذكاري تجب زيارته ومشاهدته في المهدية وهو متصل بمتحف البلدة. وتابع أمين متحف المهدية “إن المتحف له قيمة كبيرة في مدينة المهدية لأنه يعرض مجموعة غنية من التراث التاريخي والثقافي للمدينة”، مضيفا “تشتهر المدينة بتراثها الثقافي المتنوع ومبانيها التقليدية الفريدة، بالإضافة إلى تاريخ يعود إلى العصور البونيقية”. وواصل “بالإضافة إلى الحضارة الإسلامية الحاضرة من خلال التراث الفاطمي، (هناك) القطع الأثرية التي تعود إلى العصر البونيقي والعهد الروماني وخاصة لوحات الفسيفساء. كل هذه الشواهد تدل على ثراء مدينة المهدية والمنطقة المحيطة بها”. المهدية تقدم ميناء صيد يحافظ على طابعه التقليدي، ومن هناك، يمكن للمرء الاستمتاع بقهوة أثناء مشاهدة القوارب إن مسجد المهدية الكبير هو شهادة على العمارة الرفيعة في العصر الفاطمي، ويعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 921م، وقد تعرض للتداعي لكن تم ترميمه وفقا للنموذج الأصلي. وأوضح حواس “المسجد فريد من نوعه، وكان من المفترض أن يكون مثل معابد الإمبراطورية الرومانية مكانا للعبادة واجتماعا للناس”، مضيفا “على عكس المساجد السنية، التي تستخدم الزخارف الزهرية، يعرض هذا المسجد زخارف مجردة وهندسية تشبه هندسة المعابد الرومانية.. أراد مؤسس الخلافة الفاطمية أن يكون له مسجد يمكن أن يستضيف كل سكان المدينة وينشئ مسجدا يعطي قيمة ومجدا للمدينة. إنه واحد من تلك الأماكن المشتركة التي تُظهر عظمة الهندسة المعمارية وتضفي على المدينة قيمة اجتماعية أيضا”. ويمكن لزائر المدينة رؤية قلعة “برج الكبير” (البرج الكبير) على طول الواجهة البحرية من المسجد الكبير. وتم بناء القلعة في عام 1595، وتقع على أعلى نقطة في المهدية، مما يجعلها أكثر المعالم التي يمكن أن يتعرف عليها للزوار. وتقدم المهدية ميناء صيد رائع يحافظ على طابعه التقليدي، ومن هناك، يمكن للمرء الاستمتاع بقهوة أو شاي بنكهة النعناع أثناء مشاهدة القوارب التي تدخل إلى الميناء أو تخرج منه، حيث يبيع الصيادون والتجار الأسماك الطازجة، وهي مصدر رئيسي لكسب العيش للسكان المحليين. ويمكن للزوار على طول الساحل، استكشاف موقع أثري رائع تحت الماء فيه حطام سفينة المهدية؛ لقد اكتشف الغطاسون في عام 1907، حطام السفينة، الذي يعود إلى سنة 80 قبل الميلاد، وكانت تحتوي على منحوتات ومصنوعات يدوية معروضة حاليا في متحف باردو الوطني بتونس. وسواء كنت تمشي في أزقة المدينة أو تتسلق السلالم إلى البرج أو تستمتع بالبحر أو تشاهد الميناء، فإنك تتمتع بجمال المهدية المليئة بالسحر والصفاء والتاريخ. أهم المواقع الأثرية والتاريخية باب الفتوح أو باب زويلة أو “السقيفة الكحلة” كما تسمى حاليا: وهو يمثل البرج الرئيسي للسور البري لمدينة المهدية، أدخلت على هذا المعلم العديد من التحويرات آخرها سنة 1893. قصر القائم بأمر الله: مكنت الحفريات الجارية بهذا المعلم من اكتشاف لوحة فسيفساء تفوق مساحتها 60 م2 ومن الأرجح أنها كانت تزين أرضية القاعة الكبرى للقصر. الجامع الكبير: وقع تجديده سنة 1962 مع احترام مساحته الأصلية والإبقاء على واجهته الرئيسية ومدخله الذي يشبه قوس النصر الروماني. ومن خصائصه أنه لا يحتوي على مئذنة. مصنع السفن (أو دار البحر): كان يعتبر خلال القرن السادس عشر الميلادي من أهم المصانع إلى جانب مصنعي تونس وبجاية. الميناء القديم: أثبتت البحوث الحديثة أن هذا الميناء المنقور في الحجارة يعود إلى العهد البوني وتواصل استعماله كمرسى للسفن التجارية والحربية إلى العهد العثماني (أواسط القرن 18 الميلادي). وبإمكانه احتواء 30 مركبا. لا تزال آثار الأسوار المحيطة به والبرجين اللذين يحرسان مدخله بارزة. البرج العثماني: وقع بناؤه في أواخر القرن السادس عشر الميلادي من قبل الأتراك العثمانيين عندما استقروا نهائيا بالمهدية. المدينة العتيقة: تمثل المدينة العتيقة بالمهدية عاملا من عوامل تركيز السياحة وتطورها بالمنطقة وذلك لثراء مخزونها التراثي والتاريخي والثقافي، هذا إلى جانب مساهمتها في استقطاب الوافدين إلى المدينة باعتبارها مسلكا سياحيا فريدا من نوعه. جامع الحاج مصطفى حمزة: يعتبر هذا الجامع من أهم المعالم الدينية الموجودة بمدينة المهدية نظرا لأنه يضم كل المقاييس المعمارية المميزة للمسجد الجامع في الفترة العثمانية. وقد شهد هذا المعلم عمليات توسعة وترميم عديدة خاصة في القرن العشرين.
مشاركة :