كابول – أعلن مسؤولون الأحد أن وفدا من طالبان زار أوزبكستان في وقت سابق هذا الشهر لإجراء محادثات حول عملية السلام في أفغانستان وانسحاب القوات الأجنبية، مع اشتداد المعارك بين المتمردين والقوات الأفغانية قرب كابول. وتأتي الاجتماعات التي استضافتها الجارة الشمالية لأفغانستان عقب تقارير وردت مؤخرا عن إرسال طالبان وفودا مشابهة إلى الصين، ما يظهر الطموحات المتصاعدة للحركة لإجراء محادثات مستقلة مع الحكومات الأجنبية في الوقت الذي يتزايد فيه زخم التوصل إلى تسوية سلمية في البلاد. وأجرى رئيس المكتب السياسي لطالبان في قطر شير محمد عباس ستانكزاي لقاءات مع وزير الخارجية الأوزبكستاني عبدالعزيز كاميلوف طوال أربعة أيام بدءا من 6 أغسطس، حيث ناقشا “آفاق عملية السلام في أفغانستان”، وفق ما ذكره بيان لوزارة الخارجية في أوزبكستان. وقالت طالبان في بيان مستقل إن وفدها بحث انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان والسلام و”المشاريع الوطنية المستقبلية مثل أمن سكك الحديد وخطوط الكهرباء”. وحضر الاجتماعات أيضا مبعوث أوزبكستان الخاص إلى أفغانستان عصمة الله ايرغاشيف، بحسب مسؤولين. وتأتي المحادثات في أعقاب رحلة سابقة للرئيس أشرف غني إلى أوزبكستان أواخر مارس الماضي، فيما رحب البعض في كابول بهذه الزيارة، حيث تتزايد الضغوط لإشراك المتمردين بعملية سلام وإنهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاما. ولم توقف حركة طالبان ضغوطها لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بدلا من حكومة كابول التي تعتبرها غير شرعية، كما حاولت أيضا إجراء اتصالات مستقلة مع حكومات أخرى. طالبان تريد التحاور مع الولايات المتحدة مباشرة عن الانسحاب لأنها لا تريد اقتسام الفضل في الانسحاب مع الحكومة وقال الناطق باسم المجلس الأعلى للسلام سيد إحسان طاهري لوكالة الصحافة الفرنسية “هذا النوع من اللقاءات سيستمر حتى بدء المحادثات الحقيقة”. ورفضت طالبان بشكل متكرر اقتراحات من الحكومة الأفغانية للانضمام إلى محادثات سلام، في الوقت الذي تصعّد فيه هجماتها في أنحاء البلاد، حيث شن مقاتلو طالبان الخميس هجوما على مدينة غزنة التي تبعد ساعتين بالسيارة عن كابول. وكانت هدنة غير مسبوقة تم إعلانها في يونيو قد أوقفت القتال بين طالبان والجيش الأفغاني مؤقتا، ما أعطى فسحة للأفغان المتعبين من الحرب وأنعشت الآمال بإجراء محادثات سلام. وهذا الشهر أشارت واشنطن إلى تغيير في سياساتها القديمة الثابتة عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن الولايات المتحدة مستعدة لـ”دعم وتسهيل والمشاركة” في المحادثات، فاتحا الباب أمام لقاء مسؤولين أميركيين في قطر بالمسلحين، مشيرا إلى أن دور القوات الأجنبية في أفغانستان قد يكون على الطاولة. وأقرت الحكومة الأفغانية الأسبوع الماضي، بانعقاد محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، بشأن السلام بالبلاد، وذلك في أول رد فعل رسمي حول ما أثير مؤخرا بشأن الموضوع. وقال الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية، عبدالله عبدالله، في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية، إن حكومة بلاده “على دراية بهذا الأمر (المحادثات بين واشنطن وطالبان)، والهدف الرئيسي من (الاجتماع) هو تمهيد الطريق لمحادثات سلام رسمية بين طالبان والحكومة”. وأشار إلى أنّ “الحكومة الأفغانية كانت على علم بالاجتماع الذي جرى الشهر الماضي في العاصمة القطرية الدوحة”. و رفض عبدالله فكرة “التنازل عن أي أرض في البلاد لطالبان”، والتي كان قد طرحها سابقا قلب الدين حكمتيار، زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني، كخطوة لـبناء الثقة. جون نيكولسون: الفترة الحالية هي الأمثل لطالبان للدخول في مفاوضات سلام جون نيكولسون: الفترة الحالية هي الأمثل لطالبان للدخول في مفاوضات سلام وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام محلية، أن أليس ويلز، نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لجنوب ووسط آسيا، قد اجتمعت، الشهر الماضي، مع ممثلين من طالبان، لمناقشة سبل إرساء أسس محادثات السلام. وحسب المصدر نفسه، فإنّ هدف الاجتماع هو البناء على الزخم الذي تحقق أثناء وقف إطلاق النار الذي استمر ثلاثة أيام في عيد الفطر، فيما ألمح عدد من قادة الأمن والمدنيين الأفغان إلى أن كابول قد تعلن عن وقف إطلاق نار آخر في وقت لاحق من هذا الشهر بمناسبة عيد الأضحى. وأصدرت طالبان بيانا بمناسبة انتهاء وقف إطلاق النار غداة عيد الفطر، قالت فيه إن صفوفها موحدة ودعت ما أسمته بالطرف الأميركي الغازي إلى “الجلوس مباشرة للحوار مع الإمارة الإسلامية لإيجاد حل لحالة الفوضى المستمرة”. وقدر دبلوماسي رفيع المقام على دراية بالمفاوضات التي أدت إلى وقف إطلاق النار أن فرص عقد محادثات بين طالبان والولايات المتحدة “50-50”. وأضاف المسؤول “طالبان تريد التحاور مع الولايات المتحدة مباشرة عن الانسحاب لأنها لا تريد اقتسام الفضل في الانسحاب مع الحكومة”. ورغم أن واشنطن قاومت لفترة طويلة المباحثات المباشرة مع طالبان، فقد قال المسؤول إن التطورات الأخيرة تشير إلى أن “الولايات المتحدة أقل رفضا لذلك الآن”. وقال قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون نيكولسون إن الفترة الحالية هي الأمثل لطالبان للدخول في مفاوضات سلام، محذرا من أن تشديد الحملة العسكرية الجوية والبرية ضد متمردي الحركة سيزيد أوضاعهم سوءا. وقال الجنرال نيكولسون من قاعدة باغرام في شمال كابول، أكبر قاعدة جوية أميركية في أفغانستان “تدرك طالبان ما هو الآتي وأن هذه القدرات سوف تزداد”، مضيفا “لذا، الآن هو على الأرجح التوقيت الأمثل لهم لمحاولة التفاوض، لأن الأمور ستزداد سوءاً بالنسبة إليهم”. وعلى الرغم من تحذيرات نيكولسون الشديدة اللهجة، تشير البيانات الأميركية إلى أن حركة طالبان بعيدة كل البعد عن الخروج من ساحات المعارك. وتـأتي تحذيرات الجنرال الأميركي تزامنا مع عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني مؤخرا، خطة لبدء محادثات تهدف إلى إنهاء 16 عاما من الحرب، عارضا التفاوض مع طالبان دون شروط مسبقة.
مشاركة :