لم تعد رؤية امرأة خلف مقود السيارة تثير انتباه أحد في السعودية بعد مرور قرابة الشهر ونصف الشهر على السماح بقيادة النساء السيارة، على رغم قلة عدد السائقات مقارنة في الرجال، واستوعبت الطرق القائدات اللواتي بدين أكثر انضباطاً والتزاماً قواعد السير. وبددت تجربة الأسابيع الماضية الكثير من المخاوف التي كان يثيرها البعض على قرار قيادة المرأة، وحتى النساء اللاتي خضن التجربة أكدن أنها كانت أسهل بكثير من التصورات التي سبقت نزولهن إلى الشوارع. وقالت نجلاء العصيمي التي كانت من أوائل من قدن: «تعلمت أساسات القيادة في المدرسة السعودية للقيادة، وبعد خضوعي للتدريب والاختبارات حصلت على الرخصة قبل دخول القرار حيز التنفيذ بثلاثة أيام». ولا تنسى شعورها في أول يوم ذهبت فيه إلى عملها، لافتة إلى أن «الأجمل في هذا القرار هو الشعور بحرية التنقل». وأضافت «أنه فخر جديد للمرأة السعودية يتوافق مع حقها في الاختيار والدراسة والعمل والتنقل، واستطيع القول بكل ثقة إن هذه بداية التغييرات في صالح المرأة السعودية، وسنرى لاحقاً الكثير من القرارات على طريق إنصافها». إلا أن أولويات كثيرة تبديلت بعد تجربة القيادة، مضيفة: «القيادة قرار اختياري وليس إلزامياً، ويعطينا حقنا الكامل في تقرير ماذا نريد، وبالنسبة لي فتح هذا القرار الكثير من الخيارات، وسهل عليّ الكثير من المواقف باعتباري سيدة عاملة وأماً لأطفال». ولفتت إلى الأصوات التي كانت تخوف من قيادة المرأة، «وأنها ستتعرض إلى الإيذاء وستكون القيادة وسيلة لزيادة الفساد الأخلاقي يصعب التحكم فيه، وتوقعوا أن النساء سينطلقن في الشوارع، وستعم الفوضى بين الشبان والفتيات، بعد مرور هذه المدة من تنفيذ القرار أصبحت جميع التحذيرات سراباً، فلم ينقلب المجتمع رأساً على عقب، ولم نر تغييرات في بنيته أو في تماسكه، بل كان الأمر عادياً جداً. ولاحظت احتراماً وتقديراً كبيراً ممن الرجال للمرأة التي تقود سيارتها، وهذا ما كان متوقعاً». وتذكر أن الصعوبات التي واجهتها في القيادة «ليست في اتقان القيادة، بل في عدم الاهتمام في قواعد المرور والسرعة والتجاوز وأفضلية السير»، مضيفة «القيادة تتمثل في الفن والذوق والأخلاق، لكن شريحة من السائقين يتمسكون بالمفردة الأولى ويتناسون الاثنتين الباقيتين، في صورة تعكس ضعف مستوى الوعي والثقافة المرورية لديهم». وفي كل مرة تخرج فيها نجلاء من منزلها وتقود سيارتها تتفادى عشرات السيارات التي تزاحمها أو التي تقود بسرعة جنونية، أو التي تزاحمها عند دخولها المخرج، وقلة الاحترام بين السائقين. وأشارت إلى أن السلوكيات التي تنم عن ضعف الذوق لدى بعض السائقين تتجسد أيضاً في مواقف السيارات الخاصة في المراكز التجارية إذ يكون سائق مركبة في انتظار أخرى تخرج من الموقف للدخول مكانها ليدخل طرف ثان قادم من الجهة المقابلة في الموقف مباشرة، متجاهلاً الإشارة التنبيهية . ودعت العصيمي إلى «التحلي بفكر سليم يؤمن بمبدأ المسؤولية وسلامة الآخر وضبط الانفعال والغضب، وهذا ما سيظهر في جوانب الطريق، ومن يمتلك هذه المبادئ سيراعي حرية الآخر من دون تجاوز الحدود والتعدي عليه، فالوعي يجعلنا نحسن التصرف مع من أساء إلينا في الطريق، ولا ندخل في مهاترات كما يحصل في زيادة السرعة أو السب والشتم». ولا تبدي العصيمي خوفاً من حدوث عطل في سيارتها، فهناك تطببقات تساعد في حل أي عطل في السيارة، سواءً أكان نفاد الوقود، أو خللاً في إطار السيارة وغيرها، فيما تخصصت تطبيقات في توفير سيارات نقل السيارات المتعطلة (السطحة)، إذ تتكفل بمهمة حمل السيارة إلى ورشة أو محطة وقود أو أي مكان يختاره العميل . أما وفاء العمري فتذكر موقفاً لا تنساه، قائلة: «عندما كنت في مرحلة التدريب كنت أخرج بالسيارة كل يوم في الحي، وفي يوم من الأيام تفاجأت بعطل في أحد الإطارات وكنت بعيدة عن المنزل، فجلست أفكر بمكن اتصل، وكيف يمكنني الانتظار في السيارة، وبدء الخيال والقصص في مخيلتي، وقبل أن اتصل على أحد من أسرتي توقف شاب في قمة الأدب والاحترام، وأصلح لي الإطار وذهب»، مضيفة: «بعد أن ركبت السيارة كنت استعيد التحذيرات الوهمية من المخاطر التي قد تتعرض سائقات السيارات في مثل هذه الحالات». وأشارت إلى أنها في حال أرادت إيقاف السيارة في مكان ضيق نوعاً ما، يتبرع إثنان أو ثلاثة لإرشادي إلى اتجاه دوران المقود، بمن فيهم ابنها (13 عاماً)، «فيصرخون بصوت عال: تقدمي، توقفي، أنظري إليّ وليس إلى مرآة السيارة الجانبية». وعلى رغم أن تجربتها في التدريب التي دامت خمسة أشهر كانت «جميلة»، وكذلك في القيادة الفعلية لاحقاً، إلا أن نجلاء ماتزال تخشى «السرعة الزائدة من البعض، والتجاوز من على اليمين، إضافة إلى التحكم خلال المرور في المنعطفات».
مشاركة :