أثار خبر صدور مرسوم ملكي يسمح للمرأة بقيادة السيارات في السعودية فرحا غامرا بين نساء المملكة، وترحيبا دوليا واسعا. بينما قابله رجال الدين السعوديون بصمت تام رغم تأييد هيئة كبار العلماء السعودية للمرسوم. ويأتي هذا المرسوم كخطوة جديدة في تطورات متسارعة لأوضاع المرأة السعودية شهدها العامان الأخيران، بعد أن كانت حقوق المرأة في المملكة تتعرض لانتقادات لاذعة من المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية. تلقت النساء السعوديات صدور مرسوم ملكي يسمح لهن بقيادة السيارات اعتبارا من عام 2018 بسعادة وحماسة غامرتين، إذ كانت المملكة الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من القيادة. وعقب المرسوم انتشرت صور وفيديوهات على شبكة الإنترنت تظهر نساء سعوديات يقدن سياراتهن في شوارع المملكة، رغم أن الرخص لن تصدر عمليا لهن قبل منتصف عام 2018. ونقلت وكالة رويترز ردود فعل عدد من النساء السعوديات على المرسوم، مثل الناشطة منال الشريف التي ألقي القبض عليها لقيادتها سيارة عام 2011 احتجاجا على منع النساء من قيادة السيارات التي قالت إن السعودية لن تبقى كما كانت، مؤكدة أن المرسوم مجرد بداية للقضاء على قوانين ظالمة مطبقة منذ فترة طويلة كانت دوما تعتبر المرأة السعودية قاصرة لا يوثق بها في تولي زمام أمرها. وقالت عبير العرجاني (32 عاما) إنها تتمنى لو استطاعت ترجمة مشاعرها الآن، وإنها لا تعتقد أن أحدا يمكن أن يفهم هذه المشاعر سوى السعوديات. وأضافت أن لديها الجرأة الآن على الحلم بالمزيد. وتنوي البدء بتعلم القيادة من الأسبوع القادم. للمزيد: المرأة السعودية في مشوارها الطويل ولكن المؤسسة الدينية ورجال الدين الأبرز في البلاد التزموا الصمت حيال المرسوم الملكي، رغم تأييد هيئة كبار العلماء السعودية له. ولكن هذا ليس مستغربا بالنظر إلى التاريخ الطويل من الفتاوى التي أصدرها هؤلاء والتي لا تجيز للمرأة قيادة السيارات. ومن بينهم مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي عارض في السابق مرارا عمل المرأة وقيادتها للسيارات، وكان يقول إن دخول النساء معترك السياسة يفتح باب الشر. وكانت السلطات السعودية يوم الجمعة 22 أيلول/سبتمبر 2017 قد منعت الداعية سعد الحجري من الإمامة والخطابة وسائر الأنشطة الدعوية بسبب "إثارته للرأي العام" بعد أن صرح في محاضرة عن "مفاسد" قيادة المرأة السيارة أن النساء "بربع عقل". ودوليا رحبت منظمة العفو الدولية بالمرسوم ووصفته بأنه "تأخر كثيرا"، لكنها قالت إنه مازال هناك الكثير من القوانين والممارسات التي تكرس التمييز والتي يتعين أن تتغير. ولا تزال الأعراف والعادات تحكم سلوك المرأة في المجتمع المحافظ بالمملكة. وتخضع النساء قانونا لوصاية الرجال، ويتعين عليهن الحصول على موافقة قريب من الذكور على قرارات أساسية تتعلق بالتعليم والعمل والزواج والسفر، بل وحتى العلاج. وكان اختيار السعودية ضمن لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة في شهر نيسان/أبريل الماضي قد أثار موجة جدل وانتقادات واسعة. وقبل ذلك بشهور في 27 أيلول/سبتمبر 2016 كان آلاف السعوديين والسعوديات قد وقعوا عريضة موجهة للملك سلمان بن عبد العزيز، تطالبه برفع وصاية الرجل على المرأة، وبمعاملة النساء كـ"مواطنات كاملات". تطورات متسارعة يتوقع مراقبون أن يعزز هذا المرسوم الملكي مستقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (32 عاما)، الذي ارتقى قمة السلطة في المملكة في ثلاث سنوات فقط ببرنامج طموح يتعلق بالإصلاح الداخلي وبسياسة خارجية فيها تأكيد للدور السعودي. رغم أنه هو نفسه كان قد صرح في نيسان/أبريل من عام 2016، عندما كان وليا لولي العهد، أن المجتمع السعودي لا يزال رافضا لقيادة المرأة للسيارة، وأنه لا يمكن فرض أمر على المجتمع في ظل هذا الرفض. وخلال هذه السنوات الثلاثة التي شهدت صعود الأمير الشاب حصلت المرأة بشكل متسارع على عدد من الحقوق في المملكة، إذ شاركت المرأة في أول انتخابات بلدية تشهدها البلاد في كانون الأول/ديسمبر 2015، وتمكنت تسع سعوديات من الفوز بمقاعد في أول عملية انتخابية تشارك فيها المرأة. وفي أيار/مايو من عام 2016 استحوذت المرأة على حق الحصول على نسخة من عقد الزواج، بعد أن كانت حيازة هذه العقود حكرا على الرجال. وخلال شهر أيلول/سبتمبر الجاري سمح للنساء لأول مرة بحضور احتفالات العيد الوطني للمملكة في ملعب بالرياض مع عائلاتهن، بعد أن كانت القوانين تمنع اختلاط النساء والرجال في الأماكن العامة مهما كانت الظروف. فؤاد حسن نشرت في : 27/09/2017
مشاركة :