رغم تأجيل احتفالاتهم على مدى السنوات الـ3 الماضية، يمضي المسيحيون في العراق، هذه الأيام بإعداد خجول لاحتفالاتهم وطقوسهم الدينية في معظم الكنائس البغدادية رغبة منهم في إدخال الفرحة في نفوس عائلات المهجرين والنازحين من ديارهم، وخصوصا الأطفال. وعلى نحو يدعو للبهجة، ارتدت بعض الأسواق والمحال التجارية في العاصمة بغداد حلة جميلة وهي تنشر مستلزمات أعياد الميلاد من شخصيات بابا نويل المعروفة بزيها الأحمر وشجيرات أعياد الميلاد الخضراء بأحجام مختلفة، المزدانة بالبطاقات والنشرات الضوئية الملونة، إضافة لعرض مختلف أنواع الهدايا التي عادة ما يطلبها المحتفلون سواء من المسيحيين أو حتى المسلمين وهم يشاركون إخوتهم أعيادهم ابتهاجا بقدوم العام الميلادي الجديد. يقول مهند البياتي، صاحب مكتبة الوردة في منطقة بغداد الجديدة: إن «الطلبات تكثر في مثل هذه الأيام لشراء مستلزمات الاحتفال بأعياد الميلاد، وحاولنا هنا تهيئتها مبكرا وزدنا من كمياتها لأن المسيحيين وأيضا المسلمين سيشهدون هذا العام الإعلان عن احتفالهم بأعياد الميلاد». أما القس مارتن هرمز داود رئيس لجنة إغاثة النازحين في بغداد، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «احتفالات هذا العام تأتي مع استمرار الأوضاع السيئة للنازحين ممن تركوا بيوتهم وأموالهم وديارهم بسبب هجمة (داعش) الإرهابية، لذلك فالاحتفال لا يعبر عن الفرحة، بقدر ما يعبر عن الرجاء والأمل أن تنتهي معاناتهم ويعود العيد أبهى مثلما كان بالأمس». وأضاف: «احتفالاتنا الدينية وطقوسنا ستتواصل خلال الأيام القادمة، حيث ستشهد معظم الكنائس في بغداد يومي 25 - 26 من (كانون الأول) الحالي إقامة الطقوس الدينية، فيما سيشهد يوم 27 أوسع احتفال للأطفال النازحين في بغداد، من أبناء الطوائف المسيحية والصابئة والإيزدية والتركمان وحتى الأطفال المسلمين، حيث أحصينا وجود نحو 500 طفل نازح في بغداد، وذلك في نادي العلوية (وسط العاصمة بغداد) بمساعدة الكثير من المنظمات المدنية وبعض المؤسسات الحكومية». وأضاف: «هناك حفل آخر سينظم في أحد مراكز إيواء النازحين في 24 من الشهر الحالي، وسيخصص أيضا للأطفال، وسنقدم لهم الهدايا والألعاب، لإدخال الفرحة لقلوبهم وكي لا يشعروا بالغربة وهم بعيدون عن ديارهم الأولى». وكان ديوان الأوقاف المسيحية والإيزيدية والصابئية، قد أعلن في وقت سابق عن وجود 700 عائلة مسيحية نازحة في بغداد، وطالب الديوان الجهات المحلية والدولية المعنية زيادة المساعدات لأجل تأمين احتياجاتهم، وفي حين طالب نازحون الحكومة بإيجاد فرص عمل لهم، والأمم المتحدة بفتح باب الهجرة أمامهم نتيجة الأوضاع «المأساوية» التي تعرضوا لها ومصادرة «داعش» أموالهم وممتلكاتهم. ويعيش النازحون المسيحيون أوضاعا صعبة حيث تم إسكانهم في المدارس ومقار الأحزاب المسيحية والكنائس فضلا عن سكن البعض منهم في دور أقاربهم أو تلك التي استأجروها بمبالغ مرتفعة بعد زيادة الطلب على الدور السكنية في العاصمة بغداد منذ بدء أزمة «داعش». تقول فالانتينا يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «لم نعد نعبأ بالأعياد ونحن نتعرض لاضطهاد كبير من قبل تنظيم داعش الإرهابي، وظروف حياتنا غدت صعبة ونحاول توفير احتياجاتنا بصعوبة بعد أن تركنا بيوتنا وأموالنا في الموصل ونزحنا إلى حيث كنائس بغداد».
مشاركة :