يتحدى العراقيون وتيرة العنف والحرب الدائرة حاليا ضد تنظيم داعش الإرهابي بصورة كبيرة، وبدأوا الاستعداد للاحتفال بأعياد الميلاد واستقبال السنة الميلادية الجديدة، تغمرهم فرحة وبهجة ومشاعر أمل ذات مذاق خاص، بعد أن تحررت أحياء ومناطق وكنائس وأديرة مسيحية من سيطرة «داعش» في مناطق متفرقة من الموصل. وتقول غفران (37عاما)، مسيحية تعمل بوظيفة حكومية: «إصرارنا على الاحتفال هذا العام يعطينا الأمل بعودة الأمن والاستقرار إلى بلدنا، بعد نجاح القوات العراقية في تحرير أجزاء واسعة من الموصل وفك أسر الكنائس والأديرة من سيطرة (داعش)». وتضيف أن «المسيحيين على قناعة تامة أن المسلمين لا شأن لهم بالمتطرفين الذي اتخذوا من الإسلام طريقا لتنفيذ جرائم شنيعة، استهدفت المسلمين والمسيحيين والإيزيديين والتركمان والصابئة... نحن في العراق أمة واحدة وسنبقى كذلك». وقالت: «سنحتفل بأعياد الميلاد بسعادة وسرور وسنتبادل التهاني والهدايا مع الأهل والإخوة في الطوائف الأخرى». وزينت أشجار أعياد الميلاد ودمى بابا نويل وعربته الشهيرة الشوارع الرئيسية الكبرى في بغداد، استعدادا للاحتفال بأعياد الميلاد والعام الجديد. وتصدرت معالم الزينة وأشجار الميلاد الكبيرة المزينة بمختلف أنواع الإنارة والدمى واجهات المولات والمراكز التجارية والمطاعم، وأنواع مميزة من دمى سانتا كلوز وعربته المحملة بالهدايا بأحجام كبيرة جدا ومتوسطة وصغيرة، إضافة إلى هدايا أخرى متنوعة حظيت بإقبال كبير من الزبائن لتقديمها هدايا ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد والعام الجديد. وتشهد الأسواق إقبالا كبيرا من قبل المتبضعين لاقتناء أنواع مميزة من الهدايا، التي تباع بأسعار متفاوتة، فيما انتشرت أشجار أعياد الميلاد بكثافة أمام واجهات المحال التجارية والمطاعم لاستقطاب الزبائن في مشهد يعكس رغبة العراقيين في إحياء هذه المناسبة بمستوى الاستعدادات التي تجرى في دول أخرى أكثر أمنا واستقرارا من العراق، الذي يخوض حربا ضروسا ضد «داعش». وفي دور العبادة المسيحية تجرى الاستعدادات على قدم وساق وبصورة مبكرة للاحتفال بأعياد الميلاد والسنة الجديدة في ظل إجراءات أمنية مشددة. وتجري حاليا في حديقة الزوراء ببغداد عملية نصب أكبر شجرة ميلاد، استعدادا للاحتفال الجماهيري الذي ستشهده بغداد ليلة الاحتفال بالعام الجديد، ترافقها ألعاب نارية وسط حضور جماهيري كبير. وتقول هيلين (28عاما) مسيحية تعمل في صالون حلاقة: «أعياد الميلاد مناسبة مقدسة ونحتفل بها، حتى وإن كنا في قمة الحزن، لأنها تعطينا فسحة من الأمل في أن الخير قادم والخلاص من الظلم هدف كل الإنسانية أيا كانت». وأشارت إلى أنه «رغم جراحات بلدنا فإن الأسواق والمتاجر تعج بأجواء الفرح والبهجة وهدايا أعياد الميلاد، وهذا في حد ذاته يمثل انتصار الحياة والحرية على الظلم». وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، سيكون بوسع المسيحيين إحياء مراسم الاحتفال بأعياد الميلاد بحرية في الكنائس بعد أن فرضت السلطات إجراءات أمنية في محيط الكنائس والشوارع المؤدية إليها. ويقول أمجد (16 عاما)، طالب في مرحلة الدراسة الثانوية: «استكملنا شراء مستلزمات أعياد الميلاد، وتم نصب شجرة عيد الميلاد وتزيينها بأنواع من مواد الإنارة والدمى، وسنقضي ليلة عائلية رائعة بحضور الأهل والأقارب». وشرعت شركات السياحة في الإعلان عن جولات سياحية إلى مدن كردستان للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد، التي ستكون كبيرة بسبب تواجد أعداد غفيرة من المسيحيين، وتوفر الأمن والاستقرار، فيما ستخصص محطات فضائية عراقية مساحات من بثها لنقل وقائع الاحتفال بقداس منتصف الليل والصلوات في الكنائس، ومباهج الفرح والاحتفالات في الشوارع والحدائق رغم موجة البرد والأمطار التي بدأت تغزو البلاد.
مشاركة :