فيصل عابدون من الممكن اعتبار اتفاق تقاسم الثروة الذي توصل إليه زعماء الدول الخمس المطلة على بحر قزوين تطوراً في الفقه الدستوري وقوانينه التي تنظم حقوق الدول وتحدد إطارات للتعاون المشترك بما يؤدي لتعزيز الاستقرار وتحقيق الطموحات القومية وبالتالي تقليل التوتر وأسباب النزاع بين الدول المشاركة في مصادر مشتركة للثروة. وبحر قزوين هو واحد من غرائب الطبيعة فهو أضخم بحيرة مغلقة على وجه الأرض بطول 1200 كم وعرض 300 كم، وعلى مستوى أكثر انخفاضاً من مستوى المحيط ب 28 متراً، وهو يعاني تقلّص مساحته باستمرار بسبب التبخر وانخفاض مستوى الأنهار التي تصب فيه وعددها 130 نهراً وأكبرها نهر الفولجا، ولكنه مع ذلك ليس بحراً بالمعنى التقني ولا هو بحيرة، فمياهه مالحة وليست عذبة ويقال إنه من بقايا بحر هائل كان موجوداً منذ ملايين السنين واختفى. ولأن هذا المسطح المائي الهائل لا تنطبق عليه قوانين البحار ولا قوانين البحيرات فقد كان لزاماً على الدول المطلة عليه أن تتوافق على صيغة قانونية تتيح لكل دولة الاستفادة من ثرواته الكامنة تحت المياه أو من موقعه الاستراتيجي الفريد. وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 250 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج من منطقة حوض البحر، وحوالي 200 مليار برميل من الاحتياط المحتمل، أما احتياطات الغاز فيقدرها الخبراء بحوالي 232 تريليون قدم مكعبة. ومن موارد الحوض أيضاً الكافيار الذي يعرف في الأسواق العالمية ب«الألماس الأسود» بسبب ندرته وأسعاره العالية. لقد تطلب الأمر أكثر من خمسين جولة من المفاوضات، تواصلت على مدى 22 عاماً تخللتها خمسة اجتماعات قمة بين زعماء الدول المطلة على حوض بحر قزوين وهي روسيا وإيران وكازاخستان وأذربيجان وتركمانستان، قبل أن يتم التوصل إلى الصيغة القانونية التوافقية التي وقع عليها الزعماء الأحد الماضي، بميناء اكتوا في كازاخستان. ووفق الاتفاقية الجديدة، فإن المنطقة الرئيسية تبقى متاحة للاستخدام المشترك، فيما تقسم الطبقات السفلية إلى أقسام متجاورة على أساس القانون الدولي. وتتم عمليات الشحن والصيد والبحث العلمي ووضع خطوط الأنابيب الرئيسية وفقاً لقواعد متفق عليها. وتشدد على منع وجود قوات عسكرية أجنبية في حوض البحر. ووصف الرئيس الكازاخي وهو أكبر الرابحين من الاتفاق بأنه وثيقة عصرية وتاريخية، واعتبر يوم التوقيع عليه عيداً وطنياً، أما روسيا التي قدمت أكبر التنازلات مقابل ضمان هيمنتها العسكرية، فقد أكد نائب وزير خارجيتها غيرغوري كاراسين أن بحر قزوين سيتمتع «بوضع قانوني خاص»، لا كبحر ولا كبحيرة. لكن إيران التي نالت أصغر حصة في ثروات الحوض، قالت إن الوثيقة لا تضع حداً لجميع الخلافات المرتبطة بالبحر. Shiraz982003@yahoo.com
مشاركة :