أُعلن منذ أيام عن افتتاح مدرسة روسية في دمشق لتكون أول مدرسة روسية بالشرق الأوسط، ولهذا الافتتاح دلالته الاستعمارية، وبخاصة حين نربطه بالقواعد الحربية الروسية في سوريا، والدور الروسي في إفشال ثورة الشعب السوري على نظام بشار الأسد، والحضور العسكري القوي الذي يسير حركة الحياة في مدن ومحافظات سوريا، والمؤتمرات التي يعقدها الجانب الروسي لرسم مستقبل سوريا، وتحمله منفرداً مهمة فتح الممرات لعودة اللاجئين السوريين في أجواء تخيم عليها مظاهر نظام هش ومستقبل غامض، ما لم يستمر تواجد القوة الروسية على الأرض السورية. * * صحيح، أن قوات حزب الله اللبناني وجمهورية إيران شركاء مع قوات النظام في الحرب السورية الطاحنة، غير أنهم كانوا تلقوا هزائم وعجزوا عن الصمود أمام ثورة الشعب، ولولا التدخل الروسي في الوقت المناسب قبل سقوط نظام بشار بأيام، لكان الوضع الآن غيره مع التدخل الروسي، والمعنى أن الروس لا يمكن أن يقبلوا بأن تكون تكلفة فاتورة حربهم في سوريا هي فقط لإنقاذ نظام بشار والقوات الإيرانية وقوات حزب الله من السقوط المذل، خاصة وأن لدى سوريا – على ما يبدو- تفاهمات مسبقة وحالية مع تركيا وإسرائيل وأمريكا والدول الأوروبية لهذا التدخل ومباركته للوصول إلى هذه النهاية المؤلمة للشعب السوري الشقيق. * * وبنظري، فإن روسيا لن تترك سوريا، وتتخلى عن وجودها دون أن تؤسس لها نفوذاً، يُحكم السيطرة على البلاد السورية، ويجعلها تحت قبضته القوية القوية، بدليل أن بشار الأسد نفسه صرح قبل أيام -دون حياء- بأن دور روسيا في سوريا لن ينتهي بما أسماه بالقضاء على الإرهابيين، وإنما هو دور ممتد ومستمر، أي أنه قبول باستعمار روسي دائم لمواجهة المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، ومكافأة الروس على حمايته من السقوط. * * بشار الأسد، قبل أن يدمر بلاده، ويقتل مئات الآلاف من المواطنين، ومثلهم وأكثر من المصابين، وشرد الملايين، زج في غياهب السجون وتحت التعذيب الآلاف من المواطنين السوريين الشرفاء الذين عارضوا القهر والظلم والاستبداد التي اتسم بها نظام بشار، ومن قبله حين كان والده حافظ الأسد يمسك بمقاليد السلطة ويحكم البلاد بالحديد والنار. * * ربما رأى بعض المواطنين السوريين أن بقاء روسيا الآمر الناهي في سوريا أرحم من نظام متسلط يقوده بشار الأسد، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن سوريا التي انتفضت ضد الاستعمار الفرنسي، وطردته من البلاد، والشعب السوري الذي قاد عشرات الانقلابات ضد حكام طغاة، وبينهم بشار الأسد، لا يمكن أن يقبل لا بروسيا ولا ببشار ونظامه، والسنوات القادمة ستكون حبلى بالكثير من التطورات التي لن تقبل بما يحول دون تحقيق مصالح الشعب السوري الشقيق والدولة السورية الحرة المستقبلة ———————————————————– خالد المالك الجزيرة
مشاركة :