انضمّت وزارة النقل إلى ركب الواقفين في صفّ المعلمات المغتربات، واللاتي يعملن في المناطق النائية، بعد إعلان وزارة التربية والتعليم تخفيف العبء عنهنّ بحصر مدّة عملهنّ في ثلاثة أيام بالأسبوع. وطالبت وزارة النقل المعلمات اللاتي يشتكين بقاءهنّ تحت رحمة الطرق الوعرة، وغير المسفلتة، والتي ربما تتسبب في وقوع حوادث، بـ «حصر تلك الطرق، وتحديد أماكنها، لإيضاح وضعها الراهن من طرف الوزارة، وإبلاغهنّ بما سيحصل حيال تلك الطرق». وأوضحت وزارة النقل أنه بإمكان المعلمات اللاتي يحملن شكاوى حول الطرق التي يعتبرنها «خطرة»، وتتسبب في تهديد حياتهنّ، أو وقوع السائقين التابعين لهنّ في حوادث «حصرها، وإبلاغ الوزارة بها». وقال المتحدث باسم وزارة النقل عبدالعزيز الصميت لـ «الحياة»: «إن الهدف من حصر تلك الطرق وتحديد مكانها هو إيضاح وضعها الراهن، وإبلاغهنّ بما سيحصل حيال هذه الطرق، بالتحديد خلاف النظرة العامة». فيما قابلت معلمات ومشرفات تربويات يعملن في مناطق «نائية»، ويخاطرن بأرواحهنّ في ظل الحوادث المتزايدة، ومحاولات التحرش من سائقين، قرار وزارة التربية والتعليم بـ «عدم الرضا». وأوضحن عبر حساباتهنّ في مواقع التواصل الاجتماعي، أن «القرار لن يمنع وقوع الحوادث، إذ إنهنّ يذهبن ويعدن من الطرق ذاتها، والتي تعاني من الكسور وعدم اكتمال خدماتها، ووقوع الأمطار على بعضها، كذلك كون آخر منها يقع في مرتفعات أو منخفضات جبلية، وينحصر جزء ما بين منعطفات». بدورها، ذكرت المشرفة التربوية حياة الزهراني أن قرار تقليص مدة دوام المعلمات في المناطق النائية لن يقلل من حوادث المعلمات، ولن يصب في مصلحتها. غير أن كلمة «نائي» مطاطية عند الإدارات. وأوضحت أن المعلمة تسير من نفس الطريق الخطر ثلاثة أيام في الأسبوع، كذلك تدفع رواتب سائقين أكثر من السابق، إضافة إلى الضغط في جدول حصصها، «ولم تستفد من ذلك شيئاً، وهي الخاسرة». وأوضحت الزهراني، التي انتقلت من مدينة الرياض، للعمل مديرة مدرسة، ثم مشرفة تربوية في محافظة رجال ألمع (منطقة عسير) منذ ثلاثة أعوام، أن «من سلبيات القرار هدر طاقة المعلمة بين إدارتين، وخسارة أموالها بين سائقين، وإرهاق نفسيتها بسبب عدم الشعور بالاستقرار في السكن والعمل». وطالبت بوضع حلول إضافية للقرار مثل: «أن تغترب المعلمة نصف عام أو عام كامل، ثم يتم نقلها، ويتم تعيين إحدى حديثات التخرج بديلة لها. وكذلك توفير مساكن تليق بالمعلمات قرب كل مدرسة نائية، مع توفير الأمن، والسائق، التابع لشركة متعاقدة مع الوزارة، وعلى حساب الوزارة. وأيضاً تسوية الطرق وتوسعتها، وتشبيك أطرافها من المواشي، وبخاصة الطرق الوعرة جنوب المملكة». وأردفت أنه «لا يعقل أن تؤخذ معلمة من مدينة راقية، ويتم وضعها في قرية لا تتوافر فيها مقومات الحياة». وأشارت إلى أن ذلك «يصيبها بالصدمة الثقافية والنفسية، التي تؤثر على إنتاجها». ولفتت إلى أن هناك «مشكلة أخرى تواجه المعلمة المغتربة، وهي استغلال سائقي العمل والمشاوير، كذلك السكن غير اللائق بها، وبمبلغ باهظ، أيضا التحرش بها واستغلالها». وذكرت أنها تسكن في مدينة الرياض، وتم تعيينها في إحدى محافظات عسير. وقالت: «كنت أعمل مديرة في مدرسة نائية، قالوا عنها غير نائية بسبب وجود مستوصف صغير بها وسوبر ماركت». وأردفت: «أنا الآن مشرفة تربوية، ونقلت سكني إلى أبها، معرضةً نفسي للحوادث يومياً من إحدى العقبات هناك، من أجل العيش في مدينة تتوافر فيها خدمات. وذكرت أنها تشرف بشكل يومي على مدارس نائية في محافظة رجال ألمع وخارج القطاع، لافتة إلى أنها تعزّي الزميلات في وفاة أحدهنّ بشكل شبه يومي، بسبب طرقها الوعرة، وأمطارها المستمرّة «وكل يوم ننتظر دورنا في المأساة».
مشاركة :