معلمات «النائية».. ضحايا على طرق الموت

  • 1/10/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تفجعنا بين الحين والآخر حادثة مروعة يروح ضحيتها عدد من المعلمات اللاتي ينتقلن يوميا لمسافات طويلة بين المحافظات من أجل مباشرة عملهن في مدارس التعليم العام. ورغم أن تلك الحوادث المتواصلة تستغرق أوقات طويلة من النقاش حول المشكلة والحلول، إلا أنه رغم مرور سنوات طويلة لم تتحقق لها أية حلول عملية على أرض الواقع، إلا ما بدأ يلوح مؤخرا من قرارات عاجلة أصدرها سمو وزير التربية والتعليم، كخطوات حثيثة على طريق الحل. ولأن تلك القضية ليست جديدة، بل متراكمة عبر سنوات طويلة، فإنه من الطبيعي أن تستغرق وقتا طويلا في سبيل حلها، وهو ما دفع «المدينة» أن تعرض لها من جديد، عبر آراء مختلفة تتعرض للمشكلة وتقترح حلولا قد تكون مفيدة على طريق الحل، بالإضافة إلى آراء مسؤولين حول إجراءات وقرارات متخذة في هذا الشأن، وهو ما نعرض له في تفاصيل هذا الموضوع. اللواء الشنبري: نحرص على توفير أقصى وسائل السلامة بالمركبات في البداية يقول اللواء محمد بن عجلان الشنبري مدير إدارة مرور منطقة المدينة المنورة: إن الحوادث المرورية للسيارات التي تنقل المعلمات مزعجة لنا جميعا، ونحن في الجهاز المروري نسعى دائما إلى تكثيف الحملات الميدانية لرصد مركبات المعلمات والطالبات لتأكد من صلاحيتها وتوفير وسائل السلامة ونظامية سائقيها. وشدد الشنبري على أن سلامة الركاب خط أحمر لا يمكن التهاون فيه وعلى قائدي السيارات الحرص على توفر أقصى وسائل السلامة في المركبات. مشيرًا إلى أن تجاوز قائدي بعض المركبات بنقل المعلمات والطالبات لوسائل السلامة وتم تحويل المقاعد إلى مجالس يمثل تصرفًا مخالفًا لأبسط وسائل السلامة على المركبة وهو ما يستوجب التصدي له ومنع تلك المركبات من العبث بأرواح البشر وتعريض حياتهم للخطر في حال وقوع حوادث لا سمح الله. وأضاف الشنبري أن هناك تعاونا بين إدارة مرور المدينة وقيادة أمن الطرق والدوريات الأمنية والمراكز الأمنية، وكذلك تعاون بين إدارة الطرق والأمانة لرصد وتحديد النقاط (السوداء) التي تكثر فيها الحوادث ووضع حلول لها. خلال 45 يوما تم حجز 92 سيارة خصصت لنقل المعلمات وبين الشنبري أنه في حال تم رصد المركبة وعلى متنها معلمات يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة التي تضمن مراجعة السائق لتطبيق النظام بحقه وفي حالة عدم وجود كرت تشغيل يحال إلى إدارة الطرق بالمدينة المنورة لتطبيق الأنظمة اللازمة. الغامدي: الاهتمام بالطرق وتوفير شركات متخصصة للنقل من ناحية أخرى اقترح الدكتور عبدالله أحمد آل مهدي الغامدي الأستاذ المتقاعد بجامعة الملك خالد «تخصص جغرافيا عامة» وجود شركات متخصصة لنقل المعلمات في مركبات قوية وواسعة وجيدة تتحمل مختلف أنواع الطرق.. مشيرا إلى أن الطريق يشكل جزءا مهما في حوادث المعلمات، حيث مستوياته المختلفة، خصوصا تلك التي وقعت في بطون الأودية بعضها كان في طرق ترابية ليست ممهدة ولا معبدة وأخرى طرق زراعية لا تخضع لشروط السلامة المرورية.. كما أن السائق الذي يتم اختياره لنقل المعلمات ليس على درجة مناسبة من الأهلية لقيادة المركبات في هذه الطرق، إلى أن المركبات قد انتهى عمرها الافتراضي. جنيد: فريق من عدة جهات لدراسة المشكلة وبحث الحلول قال أمين عام مؤسسة المدينة المنورة لتنمية المجتمع الدكتور بهجت جنيد: إن هذه القضية يجب أن يشكل لها فريق من عدة جهات لها علاقة بهذا الموضوع وعمل دراسة ميدانية علمية صحيحة وتوضع الحلول لها والأسباب من قبل إدارة المرور وإدارة الطرق وإدارة التربية والتعليم وأي جهة أخرى لها علاقة بالأمر أو الاستعانة بشركة أو مؤسسة تساهم معهم في وضع دراسة علمية لها تبعد عن المحسوبيات أو قذف كرة المسؤولية بين الجهات ويجب أن نعلم وتوضح بها الأسباب هل هي الطرق أو الوقت الذي يباشر به المعلمات أو بعد المسافة أم بسبب المركبات وصلاحيتها، وقال جنيد: يجب أن تدرس دراسة مقننة واقعية صحيحة وتوضع توصيات قوية على سبيل المثال دراسة الطرق التي تكثر بها الحوادث وما هي الأسباب هل بسبب سوء الطريق وتوضح بها إدارة الطرق لمعالجتها أو المركبات التي تنقل المعلمات هل هي مخالفة لضوابط والشروط وتفتقر لسلامة وتمنح الدراسة وتوضح الاسباب لإدارة المرور وهكذا وبذلك كل جهة تعطي توصياتها بحيث نقضي على هذه الظاهرة فهي أولا وأخيرا قضاء وقدر أذا لم نستطيع فالأقل أن نخفف منها. وقال جنيد: هي ليست ظاهرة ولكن لا نريد أن تصبح مستقبل القضية إلى ظاهرة مؤلمة. وأشار إلى أنه من الضروري الآن بدل اتهام الجهات ورمي كرات المسؤولية أتمنى أن تبدأ الجهات بالعمل وذلك بتشكيل فريق عمل يتم تشكيله من قبل صاحب القرار وهو الحاكم الإداري أمير المنطقة تشارك فيه الجهة الرئيسية إمارة المنطقة وجهة علمية مثل جامعة طيبة أو أي جهة استشارية أو مؤسسة مع الجهات المهمة وهي إدارة المرور وإدارة الطرق وإدارة التربية والتعليم. وقال: جميعنا نشعر بهذا الألم ونعتصر حزنًا عندما نفقد معلم أو معلمة كأننا فقدنا أحد أبنائنا، الجميع يتألم ولذلك يجب أن يتكاتف الجميع لوضع الحلول التي تحد منها كذلك لا ننسى أن الإعلام يجب أن يكون طرفا في هذا الأمر فهو لديه رصيد كاف والدراية بمعرفة الأماكن التي تزداد بها الحوادث وأضاف جنيد لو بدأنا في المدينة بتشكيل اللجنة ستحذو بقية المناطق. معلمات: كثير من السائقين غير مؤهل.. ومراعاة ظروف المعلمة ضروري قالت المعلمة حنان الحربي: يواجه العديد من المعلمات حوادث مأساوية خاصة من تسعى وراء رزقها في مناطق بعيدة عن أسرهن وفلذات أكبادهن وذلك على أمل أن استمرار هذه المعضلة مؤقت وحلها قريب، وأشارت حنان إلى أن هناك ضحايا معلمات ومنهن من أصيبن بإصابات متنوعة وبعضها خطيرة وأصبحن عاجزات عن العمل أو الحركة وأكملت حديثها بالقول: إن أحد أسباب تلك الحوادث تتمركز في بعد مسافة جهة عملهن والتي تصل لمئات الكيلو مترات وتقع في قرى وطرق وعرة تفتقر لأبسط مقومات السلامة وهو ما يواجههن صباح كل يوم من خطر يتربص بهن ناهيك عن عدم أهليه بعض السائقين وتهورهم بالقيادة وعدم التزامهم بالسرعة النظامية كذلك سوء المركبات. وطالبت حنان بوجود حلول لإنهاء تلك المعاناة وذلك بالنقل لتحقيق رغبات المغتربات ومراعاة إدارة التعليم لهن وذلك بتسهيل عملية الحضور والإنصراف وعدم الضغط عليهن بالحسم من الراتب والأداء الوظيفي الذي قد يؤثر في تحقيق النقل. أما المعلمة عبير العمري فقالت: إن الحوادث التي وقعت مؤخرا لزميلاتهن جددت الرعب في نفوسهن بشكل عام وذلك للمشاهد المتكررة من الأرواح المزهقة والكتب والأوراق المبعثرة في الطرق الطويلة واللاتي يقطعنها يوميا في رحلات يكتنفها الخطر. وأشارت عبير إلى أن بعض قائدي المركبات غير مؤهلين ولا المركبة سليمة بل إن بعض مركباتهم متهالكة ولا يهتمون بصيانتها واستبدال إطاراتها والسائقون يسيرون بسرعة عالية وهم غير سويين في تصرفاتهم وقالت لماذا لا تخصص شركات خاصة لنقل المعلمات ولا يترك الأمر مسموحا لكل من رغب بالنقل مشيرة إلى أن أغلب السائقين أجانب والبعض من كبار السن ومركباتهم متهالكة. وطالبت عبير بمراعاة المغتربات واللاتي يقطعن يوميا مسافات طويلة لظروفهن وذلك بتوجيه مديرات المدارس بعدم الحسم في حال تأخرهن عن الحضور لوقت بسيط، علاوة على مراعاتهن في الخروج. المعلمة فاطمة سعد الدين قالت: لا شك ان لكل مشكلة حلولا ممكنة إن تظافرت الجهود مجتمعة فلا نلقي باللوم على وزارة التربية والتعليم وحدها لأن المشكلة تشترك بها عدد من الجهات وهذه بعض الحلول من وجهة نظري اتمني ان يكون لها صداها وهي تحجيم عملية التوسع في إنشاء المدارس بالقرى والهجرالصغيرة بحيث يتم إعادة النظر في معايير إنشاء المدارس في تلك التجمعات، ويكتفي بإنشاء مجمعات تعليمية تخدم عدة مراكز وقرى ويتم نقل الطالبات عن طريق وسائل نقل آمنة، كذلك إقامة سكن دائم للمعلمات في القرى، على هيئة كامب على حساب وزارة التربية، على ان يحظى بحراسة مناسبة ومواصلات، بحيث يقام كامب واحد بين حوالي 5 - 6 مدارس قرى، لتصبح مسافة الطريق لا تزيد عن 20كم مثلا بين مقر السكن (الكامب) وأبعد قرية، وبذلك تنتهي المشكلة من جذورها كذلك عدم توفير النقل العام بين المدينة والقرى المجاورة أدى إلى وجود سلبيات مستديمة في كل الجوانب. وقالت: إنه من الضروري توفير النقل العام، بحيث يتم وضع قائمة بالمؤسسات والشركات المؤهلة لنقل المعلمات، والتي تلتزم بتوفير حافلات خاصة مع سائقين أكفاء، ومطابقتها لاشتراطات وزارة النقل، أو تأسيس شركة نقل مدرسي لنقل المعلمات كحلٍ عاجل، ومن ثم النظر في الحلول الأخرى التي تعالج كل مسببات المشكلة. كذلك إلزام خريجات القري بالتعين في القرى التابعة لهن. أولياء أمور: تبادل التنقلات للراغبات جزء من الحل قال ولي أمر أحد المعلمات نامي الحربي: صدر تعيين أبنتى بالعمل بأحد القرى المجاورة للمدينة والتي تبعد بمسافة 100 كيلو وكانت لديها الرغبة في العمل ولكن رفضت لعدة أسباب منها بعد المسافة والحوادث المتكررة التي أصبحت هاجسا لكل معلمة وهي معاناة منهن كثيرا يرغبن في ترك العمل لتتخلص من معاناة المناطق النائية وبعضهم لحاجتهن للعمل تجبرها ان تنحني للظروف وتكابد مشقة الترحال وعذاب الطريق. المواطن عبدالعزيز الشهري أشار إلى أن ملف حوادث المعلمات أصبح من القضايا المقلقة التي تقض مضاجع الأهالي وهو ما يحتم على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في طريقة التعيين للحد من الحوادث بإثبات إقامة المعلمة وتعيين كل معلمة في منطقتها لأن الملاحظ أن معلمة مكة تعين في المدينة ومعلمة المدينة تعين في مكة لذلك لابد قبل بداية العام الدراسي أن يفتح باب تبادل للنقل للراغبات في ذلك لتستقر كل معلمة في منطقتها أو إنشاء إسكان خاص بمعلمات المناطق النائية تحت إشراف ومتابعة من مراكز الشرطة وإمارات المناطق. ضوابط لنقل المعلمات ذوي الظروف الخاصة اعتمدت وزارة التربية والتعليم عن ضوابط محددة تحكم عملية نقل المعلمين والمعلمات ذوي الظروف الخاصة للعام 1435-1436هـ، وتضمنت عدم تقدم المعلم أو المعلمة حديثي التعيين بطلب النقل إلا بعد مضي سنة على المباشرة، وعدم رفع إدارات التربية والتعليم طلبات النقل خلال فترة السنة الأولى، ويستثنى من ذلك في حالة وفاة المحرم المقيم فقط. كما أوضحت الوزارة أن الضوابط تشتمل على 8 مواد وفق 13 حالة من بينها مرض المعلم أو المعلمة أو أحد أبنائها أو الزوج أو أحد الوالدين، بمرض لا يمكن علاجه في مكان عمله فينقل إلى المكان الذي يرغب النقل إليه ومتوفر به العلاج اللازم، وإذا كان المعلم أو المعلمة وحيد والده حسب الحال فإن لم يكن وحيد والده فيشترط ألا تزيد أعمار إخوته الذكور عن 18 عاما وألا تزيد أعمار الذكور والإناث عن 18 عاما وذلك بالنسبة للمعلمة، إذا توفي محرم المعلمة المقيم معها في مكان العمل وكانت غير متزوجة ولم يمض على الوفاة أكثر من عام، إذا توفيت زوجة المعلم وكان لديه أبناء يحتاجون إلى رعاية، إذا تم تطليق المعلمة طلاقا بائنا لا رجعة فيه أو فسخ نكاحها من زوجها، إذا كان محرم المعلمة يقضي عقوبة بالسجن في قضية خاصة أو عامة لا تقل عن سنة واحدة ولا يجوز النقل لنفس الحالة التي يتقدم بها إلا لمرة واحدة ويحق لهم التقدم بطلب النقل لحالة أخرى ويكون النقل في نهاية العام ويستثنى من ذلك الحالات الصحية الحرجة ولا يعتد بالحالات التي حدثت قبل التعيين. ونصت المادة السادسة على ألا يتقدم المعلم أو المعلمة المعين حديثا بطلب النقل إلا بعد مضي سنة على مباشرته العمل، وعلى إدارات التربية والتعليم عدم رفع طلبات نقلهم ويستثنى من هذا الشرط حالة وفاة المحرم المقيم فقط، ويكون التوجيه على حسب الاحتياج، ويحق للجنة الظروف الخاصة تقدير حاجة الحالة إما النقل أو الندب للمعلمين أو المعلمات أو الاعتذار على طلب النقل او الندب. قرارات توطين الوظائف التعليمية النسوية منذ العام 2011 اعتمدت وزارة التربية والتعليم في العام 2011م عددا من الإجراءات التي تهدف إلى توطين الوظائف التعليمية النسوية من خلال ربط التعيين بمقر الإقامة، وإعطاء أولوية التعيين لمن إقامتهن الدائمة بمقر الوظيفة المراد شغلها، وأوضحت الوزارة آنذاك أن هذا الإجراء جاء بعد أن لاحظت أن ما يقارب 12% من إجمالي المعلمات يتقدمن بطلب النقل في الحركة العامة ونسبة من هؤلاء المعلمات لا يُقِمن بالقرب من مواقع مدارسهن في القرى والهجر النائية مما يترتب عليه كثرة تنقلاتهن بين المدن والقرى وما ينتج عنه من حوادث على الطرق العامة. وقالت الوزارة: إنها قامت بعدد من الإجراءات بالتعاون مع وزارة الخدمة المدنية بعد دراسة الضوابط الممكنة والقابلة للتطبيق ومن ذلك إيقاف العمل بالإعلان المفتوح للوظائف التعليمية النسوية ومتابعة تطبيق ضوابط إثبات الإقامة لشاغلات الوظائف التعليمية بحيث تُسهم في قصر التوظيف على المعلمات المقيمات في مقر الوظيفة مما قلل من الحاجة إلى السفر اليومي. كما وضعت الوزارة وقت صدور هذا القرار ضوابط وقواعد منظمة لتحقيق رغبة المعلمات في النقل إلى مقار إقامتهن وفق احتياج الإدارات التعليمية المطلوب النقل إليها للحد من تكدس المعلمات في المدن الرئيسية التي لا تعاني في معظمها من عجز في أعداد المعلمات، وهذه الضوابط قائمة على عدم الاستثناء بأي حال من الأحوال تحقيقًا للمصلحة العامة والعدالة والمساواة بين جميع راغبات النقل، وإجراء المفاضلة بين المتقدمات للنقل عن طريق الحاسب الآلي وفق تلك الضوابط. المزيد من الصور :

مشاركة :