اختلاف سمات الأبناء.. سر انزعاج الآباء

  • 8/17/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: هند مكاويلا يوجد شخصان متشابهان في استجابة أو رد فعل كل منهما لموقف واحد، فحتماً هناك فروق فردية في شخصية الأبناء وطباعهم، وهذه الفروق لها أهمية في تحديد وظائف الأفراد لتحديد الميول والاتجاهات، وعلى سبيل المثال لو تساوى الأفراد في نسب الذكاء وقتها لن يصبح الذكاء صفة تميز فرداً عن الآخر.تتحدث ندى سمير «موظفة» من واقع تجربتها الشخصية عن الفروق الفردية التي لاحظتها في شخصية أبنائها فتقول: لدي ولدان والفروق فيما بينهما واضحة، فابني الكبير لا أريد وصفه بأنه خواف بل حذر أو انطوائي لا يحب تجربة الأشياء الجديدة على عكس أخيه الأصغر اجتماعي جداً يحب أن يطلع على كل ما هو جديد، مبادر يحب المغامرات، وفي البداية كنت لا أقدر على التعامل مع هذه الاختلافات بينهما وفهمها، حيث كنت دائما أتعرض لمشاكل ومتاعب مختلفة وأحاول بقدر الإمكان أن أجعل ابني الكبير يقتدي بالصغير ويتعامل مثله، وللأسف هذا كان يخلق بيننا المشاكل.تتابع سمير، عندما تعمقت في التفكير أكثر بخصوص هذا الأمر وجدت أن الكبار أيضا لديهم اختلاف في الشخصيات، فأنا لست مثل أختي أوصديقتي، فكل منا له طباعه الخاصة سواء كانت صحيحة أو خاطئة، ولكن مع إدراكي لهذا الأمر فسوف أستطيع تقوية علاقتي بأبنائي أكثر وأبني جسوراً من التواصل والمشاركة وأتجنب الكثير من الخلافات التي تنشأ بسبب الشد عليهم للتغيير من شخصيتهم، والتعامل مع طباعهم المختلفة بهدوء وتقبلها كما هي، ومن الممكن أن تتغير بشكل تلقائي مع التقدم في العمر أو باختلاف الظروف المحيطة بالطفل مثل وجوده في بيئة مدرسية واختلاطه مع الأطفال وغير ذلك.تقول ليلى علي: هناك بعض الصفات والطباع في أبنائي لا تعجبني وأريد أن أغير منها وحاولت مراراً وتكراراً توجيههم ونصحهم ولكن دون فائدة، ووصل الأمر عدة مرات للاشتباك معهم، وكنت دائماً متوترة وعصبية، وذات يوم في جلسة مع الأصدقاء فتحت الحوار مع إحدى الصديقات وأخبرتها أن صفات أبنائي تزعجني فمنهم الخواف ومنهم الانطوائي ومنهم من لديه شجاعة مفرطة فنصحتني بعدم القلق تجاه هذه الأمور وأنها لن تستمر طويلاً وأنها مرت بنفس هذه المرحلة مع أبنائها.وتابعت: كما أخبرتني صديقتي أن طباع أبنائها تغيرت تلقائياً مع مرور الأيام وأن الضغط الذي أعيش فيه والتوتر لا فائدة منه وعليّ أن أتقبلهم كما هم ويجب نصحهم وإرشادهم بشكل بسيط وسهل.يرى عبد اللطيف شاكر «موظف»: يجب على الآباء من لديهم أكثر من طفل احترام الفروق الفردية في شخصيات أبنائهم وليس معنى أن تكون صفة حميدة موجودة في طفل منهم بشكل طبيعي أو من طباعه، فليس حتماً أن تكون موجودة في باقي الأبناء، فالفروق في الشخصية واضحة لدى الجميع حتى بين الكبار، فعلى سبيل المثال أنا من الشخصيات الاجتماعية وأستطيع التعامل مع أي شخص في أي مكان ولدي القدرة على إدارة الحوار ومعرفة مواصفات الشخصية التي أتحدث معها بينما أخي الأكبر إلى حد ما انطوائي خجول لديه عدد محدد من الأصدقاء، ولا يحب الاختلاط مع الناس فلكل منا طباعه الخاصة ويشعر بالراحة والاندماج مع هذه الطباع. تؤكد كريمة سليمان «ربة بيت» على ضرورة احترام الأبناء وتقبل اختلافاتهم، نحن الآن في عصر منفتح وروافد الثقافة متعددة، ولم يعد الأهل هم المرجع الوحيد الذي يشكل شخصية الصغار نظراً للتطور التكنولوجي الهائل الذي نمر به والانفتاح على العالم من خلال كبسة زر، فكل هذه العوامل تساعد على تشكيل شخصية الأفراد وتحديد اتجاهاتهم وميولهم ويجب علينا احترام ذلك التغيير ومواكبته ما دام أنه غير مخالف للدين والعادات والتقاليد، كما أنه يجب علينا احترام خصوصية الأبناء وترك مساحة لهم من الحرية .تقدم أسماء الإدلبي استشارية في علم النفس والسلوك المعرفي عدداً من النصائح للتعرف على شخصيات الأبناء والسمات المميزة لها وطريقة التعامل مع كل شخصية على حدة وتقول: يكمن سر تكامل الكون وجماله بتنوع مكوناته التي يكمل كل منها الآخر، لذلك يجب علينا معرفة أن لكل منا على هذا الكوكب الواسع بصمة ‏إصبع مختلفة وعيناً متفردة كذلك هي الفروق الفردية سواء في النواحي الشخصية والجسمية، والعقلية، والمزاجية، والاجتماعية.تؤكد الإدلبي أن سمات أطفالنا هي كنز تربوي هام بحاجة للتنقيب والبحث عنه لاستثماره بالشكل الأمثل وتنميته واكتشاف طرق ومفاتيح التعامل معه وتوجيهه كمسار مهني وأكاديمي للمستقبل، وهناك تسعة مقاييس تحدد سمات وطبع كل طفل منها النشاط: وعلى الوالدين أن يدركا هل الطفل يتحرك كثيراً ويقوم بعدد من الأنشطة، أم أنه من النوع الهادئ؟ ثم في مسألة التناغم: هل الابن يتبع سلوكاً واحداً دائماً أثناء النوم أو الأكل، أم يحب التغيير الدائم؟ وبخصوص الانسجام: هل يخجل من الغرباء، أم يندمج معهم؟ وفي شأن التكيف: هل يمكن للطفل أن يكيّف ويعدل حياته بعد كل تغيير بسهولة، أم يجد صعوبة في ذلك؟وهل يتعامل مع الموقف بشدة وعنف سواء بشكل سلبي أو إيجابي مع الآخر، أم يتعامل معه بشكل هادئ. ومن الناحية المزاجية هل مزاجه يتأرجح بين حالات مختلفة دائماً؟ أم يحاول دائماً حل مشكلاته بسهولة؟ وبخصوص التشتت: هل هو دائم التركيز في أنشطته؟ أم ينزعج بسرعة من أي مؤثر خارجي مثل الصوت العالي أو الأضواء البراقة أم يتجاهلها؟هذه مجموعة من النصائح الذهبية على حد قول الإدلبي: أضعها أمام كل أب وأم كمفتاح سحري للتعامل بوعي بالخصائص الشخصية، بالقبول وعدم المقارنة، بالتواصل والحوار الفعال، وبتوفير بيئة غنية بالتعلم الذاتي، اكتشاف مواهب الطفل وهواياته وتوجيه قدراته، رسالة أحب توجيهها لكل أولياء الأمور، فلنقبل ونحتفل بالاختلاف، فالطريقة الوحيدة للتميز هي أن تكون أنت من تصنع الاختلاف والتميز، لا تكن نسخة مكررة ولا تقبل لطفلك أن يكون نسخة مكررة.

مشاركة :