تعامل الآباء مع الأبناء يتغير باختلاف الزمن

  • 10/23/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتقلب صفحات تفكير الأولاد، ذكوراً كانوا أم إناثاً، في كل مدة عمريّة، وتتغير معها نظرتهم للحياة بمُجملها، فتجد مشاعرهم وأحاسيسهم تتبايّن من مرحلة يجتازون أيامها بسلام إلى أخرى، وتوصد الأبواب أمام بعض الآمال، وتفتح لمجالات أحلام جديدة يؤمنون بها وبقدرتهم على ملاقاتها، فيفتح ذووهم لها نافذة، لإيجاد متنفس لها على أرض الواقع، ومع مرور الوقت يجد أولياء الأمور أن آلة الوقت تغيرت هي الأخرى، فما كان معهوداً للتعامل به على أيامهم الأولى، جار عليه الوقت وتعداه، فلم يعد مناسباً للتعاطي معه في ظل دوامة العصر التكنولوجية، التي نعيش بين تأثيراتها فينا، وفي جميع مناحي حياتنا الشخصية منها، والاجتماعية. ترصد الخليج عبر التحقيق التالي هذه التغيرات الآنية في مشاعر الأولاد في مراحلهم العمرية المختلفة، وأساليب ذَويهم للتعامل معها، وكيفية الاستعداد الأفضل لإعدادهم لها، كما تتطرق إلى رأي أهل الاختصاص، لإعطاء نصائح وتوجيهات تُثري خبرة الوالديّن، وتوصل تعاملهم مع أبنائهم وبناتهم إلى أفضل مستوى ممكن. توضح رولان الطويل، أم لابنتين وولد، أن تربية الأبناء مهمة تحتاج إلى المطالعة، وإثراء الخبرة المستمرة، والتنويع في أساليب التعامل مع كل ولد، فما ينجح مع أحدهم في مرحلة عمرية بعينها، لا يعني بالضرورة أن ينجح مع الأولاد كافة، ممن هم في أعمار مُماثلة، لذا يتطلب الأمر من كل أم وأب النظر لشخصية كل ولد، واختيار الطريقة الأنسب للتعامل معها، وعلى أولياء الأمور أن يتعلموا من فشلهم وتجاربهم غير المُجدية في تعاملهم مع فلذاتِ أكبادهم. تقول: هناك مقولة دائماً ما تطرق ذهني بصدد هذا الموضوع مَفادها أن الزورق الذي يقوده الأب والابن لا يصيبه أذى، وهي تدل على أن عملية التربية تتطلب التجديف بقاربها من الأب والولد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأم، كي تصل إلى مرسى الأمان، فالتجاوب مع الأولاد والاستماع إلى آرائهم أمرٌ بات ضرورياً مع جيل الحاضر، إذ أن السماح لهم بإبداء وجهة نظرهم تؤثر في مُجمل نفسيتهم، وتجعلهم يتقبلون ردات فعل ذويهم بدرجة أكبر. عبد الله السويدي، ولي أمر 4 أولاد، يقول: مرحلة المراهقة تتطلب من أولياء الأمور مُعاملة خاصة، فالمراهق بحاجة ماسّة إلى من ينظر في احتياجاته النفسية، والفكرية، أو حتى الاجتماعية، مُشيراً إلى أن أحد أبنائه كان اجتماعياً في صغره، ولكن عند انتقاله إلى مرحلة المراهقة، لاحظ هو ووالدته انطواءه على نفسه، وصار يبتعد عن أماكن التجمعات، ويتجنب التحاور حتى مع أنداده وأصدقائه. ويضيف: عملنا على إخراج ابننا من شرنقة الوحدة التي التفت حول نفسه، بجلوسنا معه، سواء أنا أو أمه، لساعات وبشكل يومي، بغرض الوقوف على ما يشعر به، ومعالجة الأمر بحكمة، وتصرف حسن، فضلاً عن قراءة العديد من المقالات العلميّة والكتب، عن كيفية إعداد الأولاد عند انتقالهم من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، للإحاطة بهذه النقلة العمرية من جميع جوانبها بشكل علمي. ويُوضح السويدي أن هناك عدة خطوات اتبعاها مع ابنهما، لإخراجه من باب العزلة، قبل أن يُحكم إغلاقه على نفسه، أولها كان التحدث معه عن أهمية تحمل دوره الاجتماعي، سواء في محيط الأسرة أو المجتمع الذي يعيش فيه، فلا ينبغي أن تقتصر سُبل تواصله على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك، وإنستغرام، وسناب شات، بل يلزمه التواصل الفعليّ مع الجد والجدة و باقي أفراد الأسرة، والسؤال المستمر عنهم، إضافة إلى إشراكه في أعمال مجتمعية تطوعية، وبيّنا عظيم أجرها وجزائها في الدنيا والآخرة، إذ اقترحنا عليه الذهاب في مجموعات مع غيره من المراهقين من أولاد جيراننا وأبناء عمومته، لتنظيف الحي، وتجميله من باب تحمل الدور المجتمعي، والقيام به بأفضل طريقة وشغل وقت فراغه القاتل والمحرض على العديد من الأفكار السلبية. ويشير أنور حمدي، أب لابنتين، أن جُملة من المصاعب واجهها عند تعامله مع ابنتيه، خصوصاً أنه تزوج متأخراً في سن الخامسة والثلاثين، واعتاد على نمط العيش بمفرده في بلاد الغربة لسنوات طوال، ويقول: تحديات كثيرة في هذا الزمان تشارك في تربية أبنائنا في مراحلهم العمرية المتنوعة، فلسنا وحدنا من نربي أبناءنا وبناتنا ونؤثر في طريقة تفكيرهم، فهناك الأصدقاء والمدرسة والشارع والتلفزيون والإنترنت والثورة التكنولوجية المتغيرة على مدار الساعة، وتلك التطبيقات الجديدة والمواقع التي نجهل الكثير عنها، لكن هذا لا يعني أن نحبس أولادنا ونمنعهم من كل هذا، وإنما على العكس علينا تقبل هذه الحقيقة والتعامل معها بحذر وذكاء، فالمنع ليس حلاً، وبالتأكيد ليس لابن أو ابنة في مرحلة المراهقة. وترى ريم عواد، أم لولدين و3 بنات، أن الاستعداد القائم على الإحاطة باحتياجات كل مرحلة عمرية، والعمل على توفير كل ما يحقق الرضا في نفس الطفل أو المراهق، يجنب الوقوع في العديد من المشكلات المستقبلية، لافتة بدورها إلى اطلاعها المستمر بقضايا الشباب، كيّ تحسن التعامل مع أولادها، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عاماً. وتقول عواد: أتابع برامج الشباب والموضة بكثرة، حتى أعرف كل جديد في عالمهم، وأتتبع معهم آخر الصيحات الرائجة، حتى إذا ما تحدثوا إليّ شعروا بالارتياح، وأنني أفهمهم، وأجاري أفكارهم الشبابية العصرية، سواء من حيث اللباس، أو النزهات الترفيهية، ونوعية الموسيقى التي يحبون سماعها، والتي تتباين كثيراً عما عايشناه أنا ووالدهم في مرحلة شبابنا. وتشارك عائشة اليحيائي، اختصاصية اجتماعية ونفسية، عواد في رأيها، وترى أن التقنيات الحديثة أثرت في مُجمل التعامل مع أولادنا، وتقول: ما ربّانا عليه آباؤنا وأمهاتنا قبل عقود من الزمان، لا نستطيع تطبيقه مع أولادنا هذه الأيام، إلّا أن مرحلة الطفولة مهمة في تشييد صرح شخصية الابن والابنة في كل الأجيال، عبر غرس المبادئ الأولية الأساسية، التي لا تغيرها ظروف المكان أو الزمان، وأثبتت الدراسات أن عمر التاسعة يُعد العمر الأخير لتوجيه الابن، كون رفض الابن يزداد فيه، بعد عمر التاسعة وما فوق، لآراء الكبار، خصوصاً إذا لم يجد منهم من يحرص على الاستماع إليه، ومعرفة ما يدور في ذهنه من اعتراضات أو آراء مخالفة، بل ويحترم حقه في أن يكون له رأيه الخاص. وتؤكد اليحيائي أن احترام آراء الصغار لا يعني بالضرورة موافقة كل ما يفعلونه أو يقولونه، وإنما يعني إظهار الحق بأن يكون لهم آراؤهم ومشاعرهم الخاصة، وأن يتشجعوا لإبدائها من دون خوف، إذ يمكن أن يتسبب تكرار كبتها إلى أضرار على نفسية الأبناء، تتمثل في ظهور بعض الاضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف، أو الاعتداء على الآخرين، أو العناد، أو السرقة، أو إصابة الطفل بالتبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بالأوامر والنواهي التي يصدرها الوالدان، فضلاً عن خطر مهول يبرز بهروب بعض الأبناء من المنزل، وشلل الأصدقاء، التي غالباً ما تورثهم سلوكيات سلبية عدة، ليجدوا من يسمعهم بصوابهم وخطأهم، ويُشبع حاجاتهم التي افتقدوها في كنف أهلهم. نصائح وتوجيهات يؤكد د. محمد العامري، مدرب ومستشار تربوي، أن الابتعاد عن عدد من الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء في كل مراحلهم العمرية هو سيّد الموقف، وذلك لتأثيراتها السلبيّة على شخصياتهم على المدى البعيد، ومن هذه الصور التي ينصح أولياء الأمور بتجنبها، ما يلي: } تحقير الولد وتعنيفه على أيِّ خطأ يقع فيه، بصورة تشعره بالنقص والامتهان، بدلاً من تنبيهه إلى خطئه برفق ولين، وإقناعه باستخدام الحجج، لاجتناب تكراره لاحقاً. } النصيحة والزجر على الملأ وأمام الأصدقاء تؤذي الأبناء، والأفضل أن تكون على انفراد. } الدلال الزائد والتعلق المُفرط بالولد، وبالأخص من الأم، يؤدي إلى نتائج خطرة على نفس الولد وتصرفاته، ومن آثاره زيادة الخجل والانطواء وكثرة الخوف وضعف الثقة بالنفس. } فكرة استصغار الطفل وإهمال تربيته في الصغر فكرة باطلة، إذ التربية تبدأ منذ الفطام، ويبدأ معها التوجيه، والإرشاد، والأمر، والنهي، والترغيب، والترهيب. } من مظاهر التربية الخاطئة عند الأم، عدم السماح لولدها بمزاولة الأعمال التي أصبح قادراً عليها، اعتقاداً منها أن هذه المعاملة من قبيل الشفقة والرحمة به، وتؤدي إلى فقدان روح المشاركة مع الأسرة، وتفضيل الاعتماد على الغير، وضعف الثقة بالنفس، والتعود على الكسل والتواكل. } من الخطأ تفضيل بعض الأولاد على بعض، سواء في العطاء أو المعاملة أو المحبة، والمطلوب هو العدل بين الأولاد، وترك المفاضلة حتى على مستوى أولاد العائلة، من أبناء الأخ والأخت، والجيران. } احتقار الأولاد وإسكاتهم إذا تكلموا والسخرية بهم وبحديثهم، يجعلهم عديمي الثقة بأنفسهم، وقليلي الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيهم، ويعتبرون كل المواقف محرجة.

مشاركة :