شيماء المرزوقي دون شك أن التطور العلمي بشكل عام ومنه المجالات الطبية والصحية، ساهم بطريقة مباشرة في ارتفاع متوسط العمر في معظم دول العالم.وإن كان للحضارة الحديثة أثر كبير ومدوٍ على الإنسان وعلى طبيعة حياته وظهور البعض من الأمراض إلا أنه في المقابل ساهمت الكشوف الطبية في إيجاد حلول وعلاجات للكثير من الأمراض التي كانت مستعصية قديماً أو الجديدة. ولا أدل على مثل هذه التطورات من تنامي عدد سكان الكرة الأرضية وبينما كانت هناك مجتمعات يصل متوسط العمر لنحو خمسة وخمسين عاماً فإنها تشهد اليوم زيادات كبيرة في أعمار سكانها لتصل لما بعد السبعين عاماً. وموجة التطور لم تكن في بقعة جغرافية دون أخرى، رغم أنه صحيح بأن هناك مجتمعات بدائية لم تشهد دخول التقنيات الحديثة ولم تسعفها إمكاناتها في الحصول على آخر الحلول الطبية للمشاكل الصحية التي تواجهها، ولكن إذا نظرنا للموضوع بصفة عامة فإن زيادة معدلات العمر للبشرية جمعاء قد ارتفع بشكل واضح وملحوظ ومعها تزايد سكان كوكبنا الأزرق.الشيخوخة والتقدم في العمر ماثلة ويتزايد أعداد السكان المعمرون في جميع دول العالم دون استثناء وإن بمعدلات متباينة من دولة لأخرى. وقد يدهشكم أن زيادة أرقام التقدم في العمر في أي دولة فيه دلالة على الواقع الإيجابي للحياة الصحية والاجتماعية التي ينعم بها مواطنوها، حيث تتوفر لهم الخدمات الصحية ومظلة قوية من الرعاية الاجتماعية مما انعكس على الطبيعة الصحية للحياة التي يعيشونها. ورغم مثل هذه الحقيقة الواضحة المتعلقة بنمو السكان وتزايد العمر والتقدم في السن، لم يرافقها منهجية واضحة في الكيفية الصحيحة للتعامل مع كبار السن ولم نشهد تطورات حقيقية في مجال رعاية كبار السن أو ما بات يعرف بعلم الشيخوخة، وهذه حالة ماثلة في مختلف أرجاء عالمنا العربي، مع تفاوت واضح من دولة لأخرى.يفترض علينا وبحكم عاداتنا وتقاليدنا وبحكم التشريعات الإسلامية التي تحث على الروابط الأسرية ورعاية كبار السن، أن نكون سباقين في هذا المضمار، بل مبدعين ومبتكرين. كبار السن يحتاجون لرعاية اجتماعية ونفسية وصحية وأن تتم وفق منهجية علمية معترف بها، وفي هذا السياق نحتاج من الهيئات الطبية والجامعات أن تولي علوم ودراسات الشيخوخة الاهتمام والعناية الكافية وأن تأخذ على عاتقها أيضاً التوعية وزيادة معرفة الناس بالكيفية المثلى للتعامل مع كبار السن. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :