ولادة «الحكومة العراقية»رهن الصراع الأمريكي ـ الإيراني

  • 8/18/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لم تقتصر عقبات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، على تباين توجهات واختلافات القوى السياسية المذهبية والعرقية، والتنافس على منصب رئيس الحكومة، ولكن العقبة الكبرى هي تعثر «ولادة قيصرية» للكتلة البرلمانية الأكبر في العراق، التي تفوز بتشكيل الحكومة، ولم تسفر الإعلانات المبكرة عن تكوين تحالفات وتفاهمات بين عدد من الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات العراقية الأخيرة، عن نتيجة نهائية تؤهلها لتكوين الكتلة البرلمانية الأكبر التي ترشح رئيس الوزراء، رغم مرور ثلاثة شهور على إجراء الانتخابات في 12 مايو / آيار الماضي.     وتؤكد الدوائر السياسية في بغداد، أن الخلافات العميقة لا تزال تقف عائقا دون تسمية هذه الكتلة، مع تصاعد الخلاف بين إيران والولايات المتحدة،  حيث لا يزال لإيران دور مهم في موازاة الدور الأمريكي الذي تنامى كثيرا خلال هذه المرة في عهد الرئيس دونالد ترمب، خصوصا في ظل تصاعد خلافاته مع إيران، وأن المنعطف الذي وصلت إليه الأزمة الإيرانية بعد فرض إدارة «ترامب» عقوبات جديدة على طهران، قد قلل من احتمالات نجاح الوصول لعقد تحالفات لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، القادرة على تشكيل الحكومة لصالح إيران، نتيجة لحتمية التزام العراق بالعقوبات من خلال تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي أقرّ بوجوب احترام بغداد تلك العقوبات، خلافا للفصائل والأحزاب التابعة لإيران التي رفضت الالتزام بها وتطبيقها.    ومن الواضح أن الصدام الأمريكي ـ الإيراني، أصبح الحاكم لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وخاصة مع ادراج الولايات المتحدة، عدد من الشخصيات العراقية الفائزة ببعض المقاعد البرلمانية على قائمة الإرهاب الأمريكية الجديدة، حيث سيُعقد هذا القرار عملية تشكيل الحكومة، وبالتزامن مع مفاوضات تشكيلها، الذي تدفع إيران بدعمها لصالحها، تفاديا لبدء العمل بالعقوبات الاقتصادية، بعد تصريحات رئيس الحكومة حيدر العبادي، عن التزام العراق بالموقف الدولي بشان العقوبات الأمريكية على إيران، وتعتبر طهران أن ما صدر عن العبادي كان طعنة في الظهر ومن الصعب عليهم غفرانها له، ورغم تلويح البعض بأن ما صدر عن العبادي «زلة لسان»، إلا أنه أضر به كثيرا جدا إلى الحد الذي ربما يكون أخرجه من معادلة التوازن داخل البيت الشيعي للترشح لرئاسة الحكومة، حيث إن رئيس الحكومة الذي هو ممثل إحدى الكتل الشيعية الخمس لا بد أن يكون مرضيا عنه من جانب إيران أو لا يتقاطع معها !     ويرى سياسيون عراقيون، أن إشكالية تغير العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على الوضع السياسي، قد تمنع من استمرار العملية السياسية التوافقية بشكلها الحالي منذ 2003، نتيجة للتغيرات التي طرأت على الوضع الإقليمي بعد الخلاف الأمريكي ـ الإيراني من جهة، واتساع رقعة الاحتجاجات في العراق، ونضوج أهداف العراقيين، شيعة كانوا أم سنة، والتقائها في المضي إلى حد تغيير طبيعة النظام.    وتحت مظلة تأثير الصراع الأمريكي ـ الإيراني بين دولتي «النفوذ الفاعل والمؤثر» على المشهد السياسي العراقي، فإن إيران تسعى عبر حلفائها في الانتخابات العراقية، للوصول إلى رئاسة الوزراء، وجعله ورقة ضغط لتخفيف الحصار الأمريكي، حيث لا ترغب إيران في تشكيل حكومة عراقية تلتزم بالعقوبات الأمريكية ضدها، وكما أن واشنطن ـ في نفس الوقت ـ لا ترغب في تنصيب حكومة عراقية تعيق عقوباتها وتمنعها من تحقيق أهدافها في تحجيم دور إيران في المنطقة، مما يحذر منه خبراء عراقيون، أنه قد ينقل العراق إلى صراع داخلي بين أتباع أمريكا وأتباع إيران داخل الأحزاب النافذة نفسها، وقد يتطور في النهاية إلى تدخل إيراني ـ أمريكي مباشر، ليُعيد رسم العملية السياسية في العراق.     وتخشى إيران من أن الإخفاق في الوصول إلى اتفاق لشكل الحكومة المقبلة في المستقبل، يعني استمرار بقاء حيدر العبادي رئيسا للسلطة التنفيذية، وهذا بدوره لا يخدم خفايا الاستراتيجية الإيرانية، المتعلقة بإشكالية الملف النووي، نتيجة لتصاعد الضغط الأمريكي على الوضع الاقتصادي الإيراني الداخلي.       وبين المحورين الأمريكي والإيراني، ودورهما في ترجيح التحالفات التي من شأنها تشكيل الحكومة، يتصاعد الجدل وتتعدد الخلافات بين الأحزاب العراقية في طريقة الوصول إلى كرسي الحكم في العراق، بعد أن تم الانتهاء من حسم ملف رئاسة الجمهورية والبرلمان، تماشياً مع مبدأ التوافق القومي والطائفي، وما يُعرف بالمحاصصة السياسية. في الوقت الذي يستمر تواجد الأحزاب النافذة على مقدرات البلاد، في دائرة الصراع الإقليمي والدولي، لتشكيل الحكومة التي يراد منها أن تكون سندا ودعما لسياسات إيران والولايات المتحدة معا في المنطقة.           وداخل المشهد العراقي، هناك فريقان شيعيان متنافسين، الأول يقوده المالكي ـ العامري «الموالين لإيران»، والثاني مقتدى الصدر ـ عمار الحكيم ـ  حيدر العبادي، ويتسابقان لاستمالة أحزاب سنّية وكردية للظفر بالكتلة الأكبر في البرلمان، والمكلفة وفق الدستور  بتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء الجديد..وبعد تقارب العبادي مع الصدر والحكيم الأسبوع الماضي، مبتعداً من المالكي والعامري بسبب موقف رئيس الوزراء الملتزم العقوبات الأمريكية على إيران، فإن المالكي وتحالف «الفتح» (الفصائل الشيعية) حاولا إقناع العضو البارز في ائتلاف «النصر» فالح الفياض بالانسحاب من ائتلافه والانضمام إليهما مقابل ترشيحه إلى منصب رئيس الوزراء.. ومع ذلك لا جديد حاليا داخل المشهد العراقي، رغم كثافة اللقاءات بين الكتل السياسية؛ حيث ما زالت الرؤية غير واضحة!!

مشاركة :