أشبه ما يكون راهباً في محراب الموسيقى، يقترب إنيو موريكوني، الأسطورة الإيطالية، من إتمام عامه التسعين في نوفمبر المقبل، مقدماً لعالم الموسيقى التصويرية مجموعة من الأفلام الشهيرة، مثل: "ذات مرة في الغرب"، "من أجل حفنة دولارات" و"الطيب والشرس والقبيح"، وفي البداية لم تحظ موسيقاه بمكانة التقديس من خلال عمله في أفلام من نوعية الـ"ويسترن" (أي الغرب الأميركي) التي أخرجها الراحل سيرجيو ليون، والذي عمل معه عقوداً. لكن على مدار مشواره الفني، الذي امتد 60 عاماً، قدم موريكوني الموسيقى التصويرية لـ 450 فيلماً، ولم تكن موسيقاه مصدر إلهام للمخرجين فحسب، بل ألهمت أيضاً ملحني الكلاسيكيات والفرق الموسيقية المتخصصة في فئة الـ"هيفي ميتال"، وحتى الشركات التي تعمل في مجال نغمات الهواتف المحمولة. وعلى الرغم من كل هذه الخبرة التي اكتسبها، فإن الحفلات الموسيقية الحية مازالت تشعره بشيء من عدم الارتياح. إذ يقول موريكوني: "أنا متوتر، لأن من الممكن أن يكون هناك دائماً حادث ما. فقد يقع خطأ موسيقي بسبب عدم الالتزام بالنوتة الموسيقية بالشكل الصحيح. وقد لا يشعر الجمهور بذلك، لكنني أشعر به. كما أن هناك أيضاً حالات نادرة شهدت ارتكاب خطأ ما، ولكنني استمر في العمل فحسب". ويسعى الفنان الشهير إلى إكمال عمله على الوجه التام، إلى حد يقترب من الوسوسة، انه مدمن موسيقى وعاشق للعمل، فهو يقوم بتأليف كل نوته موسيقية بنفسه، ويدير العروض الموسيقية أيضاً. ويؤكد الموسيقار، أن الموسيقى بالنسبة له أهم من كل شيء، ويقول: "إن الأفلام السينمائية تعتبر شيئاً ثانوياً، لكن الموسيقى تأتي دائماً في المقام الأول". وتعتبر روما وموريكوني، في الواقع، جزء لا يتجزأ. ولم ينتقل موريكون إلى هوليوود قط، حتى بعد أن عرض عليه هناك الحصول على فيلا مجاناً، إذ فكر أنه إذا قبل بها، فإن الشخص الذي عرضها عليه سوف يحاول دفع مال أقل له، فضلاً عن أن محاولاته لتعلم اللغة الإنكليزية باءت بالفشل أيضاً، بينما تقدم به العمر الآن ولم يعد قادراً على القيام بذلك. لكن على الرغم من كل ذلك، مازالت هوليوود مهووسة به. فعلى سبيل المثال، استخدم المخرج كوينتين تارانتينو موسيقى موريكوني في العديد من أفلامه، ومن بينها "اقتل بيل" و"أوغاد مجهولون". وكان موريكوني حصل على أول جائزة أوسكار عن فيلم "الحاقدون الثمانية" من إخراج تارانتينو. وكان قد رشح من خمس مرات للفوز بالجائزة، وحصل على جائزة الأوسكار الفخرية عام 2007 ، لكنه لم يحصل على جائزة الأوسكار الفعلية إلا في عام 2016.
مشاركة :