تحقيق: راندا جرجس وظيفة القلب في جسم الإنسان، ضخ الدم إلى جميع الأعضاء لإمدادها بالطاقة، ما يجعل تعرضه لأي مشكلة خطراً يهدد حياة الشخص المصاب، خاصة أن هناك بعض الآفات والأمراض التي تنمو، تتطور وتتفاقم دون سابق إنذار، أو أعراض تنبئ عن وجودها، ولذلك يشدد الخبراء والأطباء على الفحص الصحي المنتظم للقلب، لضمان سهولة الكشف عن عوامل الخطر مثل داء السكري، ارتفاع ضغط الدم، وقياس مستوى الكوليسترول.. وغيرها لضمان التدخل السريع وإنقاذ حياة المريض.يقول الدكتور أندريه سيمون، استشاري جراحة القلب، إن سرطان القلب أو ما يطلق عليه «الورم القلبي الأولي» يعد من الأمراض النادرة، وهو من أنواع الأورام التي تنشأ في الأنسجة الرخوة بالجسم، وتصيب العضلة القلبية، كما يمكن لأورام القلب الخبيثة أن تنشأ من دلائل لأورام أولية ضمن الأعضاء المجاورة، مثل الكليتين والرئتين، وتكون أغلبها من نوع الساركوما، وتتسم الأورام الخبيثة بسرعة نموها وإمكانية انتشارها إلى أجزاء أخرى من الجسم، والجدير بالذكر أن معظم أورام القلب غير سرطانية (حميدة)، وتكون بطيئة النمو وغالباً تكون غير مؤذية، وذلك تبعاً لمكان وجودها في الجسم، وعادة ما تتطور الأورام القلبية الأولية غير السرطانية، والتي تكون بشكل مخاطي في أغلب الأحيان، في الأُذين الأيسر للقلب، وهي أكثر شيوعاً لدى السيدات. مسببات السرطان يشير د. سيمون إلى أن أنسجة الجسم تتعرض لعمليات انقسام بصورة دائمة، وهو ما ينطوي على خطر نمو الخلايا السرطانية، ونظراً لأن خلايا القلب لا تقوم بعمليات الانقسام، فإن الإصابة بسرطان القلب تُعتبر حالة نادرة للغاية، إلا أن الأورام الحميدة والخبيثة يمكن أن تتشكل في القلب وتقود إلى العديد من المشاكل الصحية، وعلى الرغم من تنوع مسببات الإصابة الأورام الخبيثة إلا أنها تكون بشكل عام ناتجة عن التنظيم غير الصحيح لانقسام الخلايا، كما يمكن للاضطرابات التي تحدث في الجهاز المناعي، عدم القدرة على محاربة عمليات النمو الشاذة، كما أن الإشعاعات وبعض الفيروسات والتعرض الشديد لأشعة الشمس، إلى جانب التدخين، من العوامل المسببة في الإصابة، كما أن حوالي 10% من جميع حالات أورام السرطان الأولية (الأورام المخاطية) تكون موروثة جينياً. أعراض أورام القلب يفيد د. سيمون بأن علامات الإصابة بسرطان القلب تتنوع بين الخفيفة والشديدة، وغالباً ما تتطور بصورة مفاجئة، وتكون مشابهة لأعراض أمراض القلب الأخرى كالالتهاب الداخلي ويشعر المريض بالحمى، السعال، فقدان الوزن غير الإرادي، ألم في المفاصل، تغير في لون الأصابع أو تلونها باللون الأزرق (ظاهرة رينود)، انحناء الأظافر مع توسع النسيج المرن للأصابع، تورم في الرجلين والكاحلين أو البطن، كما يمكن أن تترافق الأعراض مع وضعية الجسم، وتشتمل على:-- ألم في البطن- صعوبة في التنفس عند الاستلقاء بشكل مستوٍ أو عند النوم.- فقدان الوعي، الغثيان، الدوار.- الخفقان أو تسارع معدل نبض القلب.- ألم بالصدر أو ضيق في الصدر. اختبارات تشخيصية يذكر د.سيمون أن أورام القلب الأولية تتسم بصعوبة تشخيصها لندرة انتشارها، وهى تعتمد في أغلب الحالات على التاريخ المرضي ونتائج الاختبارات والأشعات المختلفة، حيث يمكن استخدام واحد أو أكثر من هذه الفحوصات خلال عملية التشخيص:-- تحاليل الدم- تصوير الصدر بالأشعة السينية- سونار أو «إيكو القلب»، الذي يستخدم الموجات فوق الصوتية لتشكيل صورة متحركة للقلب وصماماته.- تخطيط القلب (ECG أو EKG)، وهو فحص يسجل الفعالية الكهربائية للقلب، ويكشف حالات إضطراب نَظم القلب وخلل النَظم القلبي.- القسطرة القلبية، وهي فحص يساعد في تحديد نمط الورم.- تصوير القلب بالرنين المغناطيسي، والذي يوفر معلومات إضافية للتحليل.- الاشعة المقطعية (CT / CAT scan)، والذي يتم خلاله إجراء تصوير مقطعي للكشف عن الاضطرابات المختلفة.- قسطرة الأوعية التاجية، وهو فحص لا يتم استخدامه في كثير من الأحيان، إلا أنه يقدم صورة مبدئية للورم القلبي يمكن مشاهدتها عبر التصوير بالأشعة السينية. فئات مستهدفة يبين د.سيمون الأورام القلبية الأولية الخبيثة تنتشر عادةً لدى المرضى الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 20 حتى 40 سنة، ويبلغ معدل البقاء على قيد الحياة بين 9 إلى 12 شهراً، حوالي 10% فقط، وعادة ما تكون هذه الحالات لأورام سريعة النمو تنتقل خلال المراحل المبكرة ولا تبدو أعراض فشل القلب الاحتقاني إلا في المراحل المتأخرة من المرض، كما يبلغ المعدل الأعلى المسجل للبقاء على قيد الحياة حتى الآن 6 سنوات، ويعود لمريض أصيب بحالة «ساركوما زليلية» التي تعرف بأنها ورم ينشأ في الخلايا المحيطة بالمفاصل والأوتار، ما يتطلب إجراء عملية استئصال وإعادة ترميم للقلب، والجدير بالذكر أن هذه الأورام يمكن أن تصيب كافة أنحاء القلب، سواءً السطح الخارجي أو أحد حجيرات القلب، وحتى ضمن النسيج العضلي الداخلي، كما ينتشر الورم المخاطي الأذيني بشكل أكبر لدى السيدات التي تتراوح أعمارهن بين 30 حتى 60 سنة، بينما غالباً ما تصيب الأورام القلبية الخبيثة الأشخاص من الشريحة العمرية بين 30 حتى 50 عاماً. طرق علاجية يبين د.سيمون أن علاج الأورام القلبية النهائي والحاسم، يتم بإجراء عملية استئصال كاملة، لهامش الأنسجة المحيطة، وهى محاولة لإزالة الورم السرطاني لضمان عدم نمو أي خلايا خبيثة خارج الحدود أو الهامش الخاص بالورم المُستأصل، للتخلص من السرطان بشكل نهائي، وتتزايد فرص البقاء على قيد الحياة لدى من يخضعون لعملية استئصال واسعة النطاق، مقارنة بالمرضى الخاضعين للمعالجة المخففة، كما يمكن اللجوء إلى العمليات الجراحية الأخرى لتعزيز وظيفة القلب في حالات أورام القلب الأولية غير السرطانية ذات الحجم الكبير، أما في حال تعذر التدخل الجراحي؛ فيتم التدخل بعدد من أدوية الأدوية العلاجية الهدفية(البيولوجية)، وكذلك العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الهرموني، وفى بعض الحالات يمكن استخدام حقن الأدوية ضمن غشاء التامور في القلب بهدف إبطاء نمو الورم، إلا أن معدلات الشفاء الناجحة تبقى نادرة.يستكمل: تعتمد معدلات البقاء على قيد الحياة في حالات سرطان القلب، على طبيعة وخواص الورم والمرحلة التي وصل إليها، خاصة وأن الساركومات القلبية الأولية تصيب غالباً المرضى من الشباب ممن لا يملكون أي عوامل مهيئة، كما بينت الدراسات أن 90% من المرضى الذين خضعوا للعلاج الدوائي بشكل منفرد، أبدوا معدل بقاء بين 9 إلى 12 شهراً. تدابير وقائية يوصي د.سيمون بإجراء الفحوصات الدورية الروتينية لضغط الدم ومستويات الكوليسترول والسكر، مرة كل سنتين لدى الأطفال، بينما يجب إجراؤها مرة واحدة سنوياً على الأقل بالنسبة للبالغين، حيث إن الكشف عن أي مشاكل محتملة في مراحل مبكرة، يُساعد على اكتشاف إذا كان القلب يعمل بصورة سليمة أم لا، كما أن النظام الغذائي الصحي وممارسة التمارين الرياضية تساهم بشكل عام في إبقاء أجسادنا بحالة صحية، إلا أنها لا تقي بالضرورة من الإصابة بالسرطان، ويتم ذلك ببساطة عبر الابتعاد عن المأكولات السريعة، قليلة الفائدة وإحلال المأكولات المحضرة منزلياً مكانها، إلى جانب توزيع الوجبات على فترات مختلفة من اليوم، كما يُنصح المصابون بالأمراض القلبية باتّباع حمية «داش» الغذائية، والتي تنص على استهلاك الأطعمة ذات المحتوى القليل مـن الكوليسترول والدهون والملح، وينبغي أن تكون هذه الحمية غنية بالبروتينات والفيتامينات، لكون نقص هذه المواد يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة، وكذلك يجب تناول كميات كبيرة من الخضر والفواكه، كما يوصف لهم تناول المكملات الغذائية الغنية بالأحماض الدهنية من نمط أوميجا، والتي تسهم في المحافظة على الحالة الصحية للقلب، كما ينصحون بالحد من استهلاك الكحول.يضيف: تساعد التمارين الرياضية في المحافظة على معدل ضربات القلب وتعزيز نظام تنقية الدم، لذا يُنصح مرضى أمراض القلب المختلفة عادة بممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يومياً على الأقل والذي يساعدهم أيضاً على حرق كميات الكوليسترول والدهون الزائدة في الجسم والمحافظة على وزن الجسم الملائم. ومن الضروري ممارسة الأنشطة مثل المشي أو الجري أو صعود السلالم يومياً للمساعدة في المحافظة على معدل طبيعي لضربات القلب. داء القلب الفقاري يوضح الدكتور موكيش ناثاني، مختص أمراض القلب، أن أكثر أمراض القلب والأوعية الدموية الأكثر شيوعاً، هو داء الشريان التاجي أو داء القلب الإقفاري الذي ينجم عن تصلب الشرايين، حيث تعلق المواد الدهنية بالجدران الداخلية للشرايين التي تمد القلب بالدم (الشرايين التاجية)، ما يؤدي إلى تقلص القناة التي توصل الأكسجين والدم الغني بالمغذيات إلى القلب، وبمرور السنوات يزداد تقلص هذه القناة، ويقل «الوقود» المشغل للقلب، ما يعرضه لضغط هائل، وتكون النتيجة بحدوث ألم الصدر، النوبات القلبية وربما الوفاة، ويبدأ مرض تصلب الشرايين بطيء التقدم في الفتك بالقلب في مرحلة مبكرة، وغالباً بدعم من ارتفاع ضغط الدم والأنظمة الغذائية غير الصحية التي تحتوي على نسب عالية من الكوليسترول والدهون الضارة وكذلك السكري والتدخين، ومع الأسف حين تبدأ الأعراض الظاهرية في الظهور مثل: الشعور بالسحق أو الاعتصار في الصدر، الذي يمتد إلى الذراع، الكتفين، الظهر، والفك، يكون المرض تسبب بالفعل في الكثير من التلف في الشرايين التاجية والقلب، وتعد الذبحة الصدرية بمثابة جرس إنذار ينبئ بالإصابة بنوبة قلبية وشيكة، لذلك يجب عدم الاستهانة بها والخضوع لفحص شامل للقلب، كما يعد تضيق الأوعية الدموية بالقلب (الشرايين التاجية) الذي يسبب النوبات القلبية/الذبحات الصدرية، تهديداً لحياة المريض، وكذلك تضخم عضلات القلب نتيجة لصعوبة التحكم في ارتفاع ضغط الدم، وتمدد القلب نتيجة لتناول المشروبات الكحولية، والعدوى وأمراض الصمامات القلبية.يستكمل: تتم معالجة داء الشريان التاجي إما بالأدوية، أو بتركيب الدعامات وجراحة مجازة الشريان التاجي بدون مضخة (يتم إجراؤها على القلب النابض) لعلاج انسداد الشرايين، وهذا الأسلوب يحد من خطر حدوث المضاعفات العصبية ونقل الدم وحدوث مشاكل في إيقاع القلب كما تستغرق وقتاً أقل بكثير في الشفاء. دراسات وأبحاث أثبتت دراسة حديثة في الإمارات، أن أمراض القلب والأوعية الدموية سبب رئيسي للوفاة بنسبة 36% تقريباً، حيث تُشكل السمنة مشكلة متزايدة، يعانيها الكبار والصغار، ومن بين خمسة أفراد هناك مصاب بداء السكري، ولذلك تكون الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية نتيجة طبيعية، كما يتحكم نمط الحياة غير الصحي، وعدم الالتزام بقواعد النظام الحياتي الذي يعتمد على ممارسة الرياضة والطعام الخالي من الدهون في زيادة معدلات الإصابات بأمراض القلب، وبالنظر إلى الإحصائيات المماثلة الناتجة عن أسباب مماثلة، فالشرق الأوسط بالكامل دون استثناء، معرض للتهديد ذاته.
مشاركة :