شهادات ومناصب مزوَّرة.. ككرة الثلج المُتدحرجة مع أن موضوع الشهادات المزورة ليس بالجديد، فإن ما حدث في الكويت قبل أشهر أصبح ككرة الثلج المتدحرجة، والتي باتت تجرف معها الكثير من الشهادات والأسماء والمناصب، في قضية لا تبتعد أبدا عن قضايا الأمن القومي الوطني. كل شيء في حياتنا ممكن أن يكون مزوّرا، الحب، والصداقة، والمرض، والأخلاق، والتدين، والفن، والقائمة لا تنتهي. لكن ما يختلف فيما سبق هو اختلاف ثمن التزوير. فالحب المزوَّر قد ينهي قصة علاقة، وكذلك الصداقة المزوَّرة. التدين والأخلاق والفن المزوّر قد ينتج عنها النصب والاحتيال مثلا! لكن تزوير شهادات علمية هو بمثابة تدمير لأمة بأكملها، تكتشف بعد فترة من الزمن، أن من يعلّم أبناءها صاحب شهادة «مضروبة»، والطبيب الذي يعالج الناس عبارة عن نصّاب محترف وشهادته غير حقيقية، أما المهندس الذي يشرف على مشاريع حسّاسة في البلد لم يستطع إكمال السنة الأولى من دراسته الجامعية؟! وهذا وحده ليس بالكارثة، ولكن الكارثة في أن أولئك قد حازوا المناصب والدرجات الرفيعة، فبات يطلق عليهم المعلّم والطبيب والمهندس! منهم من صار وزيرا ومنهم من صار طبيبا وآخر مهندسا، ومنهم من يشار إليه بالبروفيسور، ولكنهم جميعا في حقيقتهم محتالون، دفعوا الأموال لمن كتب لهم بحوثهم العلمية، كما دفعوا الأموال للحصول على تلك الشهادات. أما غيرهم فاختصر الطريق من الآخر، وذهب إلى جامعات وهمية غير حقيقية، مقراتها عبارة عن شقق و(كراجات) منتشرة في الدول الأوروبية، لكنها في حقيقتها مجرد مكاتب نصب واحتيال تتسلم الأموال، وتقدم الشهادات بأختام مفبركة لجامعات غير موجودة أصلا. هل تعلمون ما المصيبة الحقيقية؟! المصيبة هي أن يتساوى من يتغرّب ويدفن نفسه بين المكتبات والمراجع والمناقشات والبحوث الأكاديمية الرصينة، ويقضي سنوات طوالا من عمره في ذلك التعب والنّصب، وبين من يأخذها كشربة الماء لأن ضميره مزوّر أصلا، ولقدرته على دفع الأموال والرشاوى! فذاك يسمى دكتورا، وهذا يسمى (دكتورا)، تُنصَّب الدال قبل اسمه في الصحف وفي الترشيح للبرلمان، وفي السيرة الذاتية، لتجده بعد مدة، وبسبب الواسطات يترقى في المناصب بسرعة البرق؟! الدال وبعدها نقطة قبل الاسم، لا تفرق كثيرا عند الواثق بنفسه وبعلمه وبشهاداته، لكنها تفرق مع المزوّر كثيرا، لأنها هي التي أوصلته! برودكاست: يفترض ألا يحق لأي شخص أن يستخدم الأوصاف العلمية من مهندس وطبيب ودكتور قبل الحصول على الاعتمادية الموثقة من الدولة ومن جهات رسمية في التخصص، كشرط واجب على الجميع، لا يختلف فيها وزير ولا خفير. مؤخرا انتشرت على وسائل التواصل وفي الصحف مسميات لمناصب كبرى يشغلها آسيويون وعرب وبحرينيون، وللأسف الشديد تمتلئ سيرهم الذاتية بشهادات مزورة لجامعات وهمية. أولئك زاحموا أبناء البلد في وظائفهم، ونالوا المناصب بسبب خلل فاضح وفادح سمح لأولئك بعمليات نصب وتزوير في مناصب عمومية كبرى؟! من سيعلّق الجرس، لأن الفضائح لا تزال تتدحرج، ولا نعلم إلى أين؟ وإلى من سوف تصل؟!
مشاركة :