يخاطرون بأنفسهم من أجل "الفردوس الأوروبي"، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فهناك مخاطر تحول دون الوصول إلى أوروبا، بل حتى إنها تحّول حلم كثير من المهاجرين إلى مأساة. فما هي هذه المخاطر؟ يخاطرون بأنفسهم من أجل "الفردوس الأوروبي"، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فهناك مخاطر تحول دون الوصول إلى أوروبا، بل حتى إنها تحّول حلم كثير من المهاجرين إلى مأساة. فما هي هذه المخاطر؟ يحاول رضا جاهداً عبور الحدود بين البوسنة وكرواتيا من أجل إكمال طريق لجوئه إلى إحدى دول غرب أوروبا، لكن يواجه صعوبات كبيرة، كما يقول. ويضيف المهاجر الإيراني لمهاجر نيوز: "الوضع سيء جداً، فقد أمضينا ليلتين في الغابة بدون طعام ولا شراب". وبعد وصول رضا مع رفاقه إلى الحدود الكرواتية منهكين، تعرضوا للضرب على يد الشرطة الكرواتية، كما يدّعي، مشيراً إلى أنه لا يستطيع إكمال المسير إلى كرواتيا مرة أخرى في الوقت القريب لشدة الآلام التي يشعر بها. التعرض للضرب والإعادة من على الحدود وليس رضا وحده، بل إن عشرات المهاجرين الآخرين يؤكّدون أنهم تعرضوا للضرب من قبل حرس الحدود الكرواتي، وتم إرجاعهم إلى البوسنة، ولم تفلح محاولاتهم لإكمال رحلة لجوئهم على طريق البلقان الذي تشتد وعورته أكثر مع تشديد سياسة اللجوء الأوروبية. ورضا هو واحد من بين حوالي عشرة آلاف مهاجر دخلوا البوسنة بشكل غير قانونيّ منذ بداية العام، بحسب آخر إحصاءات الحكومة، سالكين طريق البلقان "الجديد" عبر البوسنة وكرواتيا، والذي لقي فيه أكثر من 80 مهاجراً حتفهم منذ بداية العام، بحسب منظمة "أطباء بلا حدود". حوادث طبيعية ووفقاً للمنظمة فإن أسباب موت أولئك المهاجرين تتعدد بين الغرق أو التجمد حتى الموت بسبب برودة الشتاء أو حوادث الطرق. وتضاف إليها أسباب أخرى منها أسباب طبيعية، كما حصل مع مهاجرَين سوريَّين لقيا حتفهما إثر سقوط صخور عليهما أثناء مبيتهما بغابة في شمال غربي كرواتيا. حيث أعلنت الشرطة الكرواتية العثور على 12 مهاجراً بينهما اثنان متوفيان في غابة بالقرب من بلدة أوغولين في شمال غرب البلاد. وأكدت صحيفة "يوتارني ليست" أن المتوفيين هما شابان سوريان يبلغان من العمر 24 عاماً، وقد لقيا حتفهما بينما كانا نائمين، إذ سقطت عليهما أجزاء من جرف صخريّ عالٍ. النهب والخطف والابتزاز وبالإضافة إلى الحوادث الطبيعية يتعرض المهاجرون لمخاطر أخرى، حيث أكدت دراسة نشرها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في حزيران/يونيو الماضي أن المهاجرين بشكل غير قانوني يواجهون مخاطر النهب والخطف والابتزاز وحتى الاغتصاب. ووفقاً للدراسة فإن عمليات تهريب المهاجرين "تتبع الدينامية نفسها للأسواق التابعة للجريمة المنظمة" وتستجيب لمبدأ العرض والطلب. وهذا يعني أن مهربي البشر لا يهمهم سوى الحصول على النقود بالدرجة الأولى، ما قد يجعلهم يبتزون المهاجرين للحصول على مبالغ أكبر. وبحسب المنظمة فإن شبكات تهريب البشر جنت في العام 2016 أرباحاً تزيد عن سبعة مليارات دولار، وهو ما يعادل المبلغ الذي أنفقته الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية في العالم في العام نفسه. الاحتجاز والاستعباد وقد يتعرض المهاجرون، خاصة الذين يسلكون طرق تهريب البشر في إفريقيا للاحتجاز والاستعباد، وقد سبق للمنظمة الدولية للهجرة أن أكدت أنه يتم الإتجار بأعداد متزايدة من المهاجرين الأفارقة الذين يمرون عبر ليبيا في ما يطلق عليها "أسواق العبيد"، بالإضافة إلى احتجازهم مقابل فدية وإكراههم على العمل أو استغلالهم جنسياً. الموت في البحر ويسلك غالبية المهاجرين إلى أوروبا طريق البحر المتوسط والذي يعتبر "أخطر طريق هجرة في العالم"، كما وصفته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إذ أعلنت المنظمة أن عدد المهاجرين الذين قضوا غرقاً في البحر المتوسط خلال شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو الماضيين تجاوز 850 شخصاً. وبهذه الأرقام، حسب معطيات الأمم المتحدة في جنيف، يكون عدد المهاجرين الذين ماتوا غرقا أثناء محاولة عبورهم السرية إلى سواحل أوروبا قد بلغ 1500 قتيل منذ مطلع العام الجاري 2018. وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إنها تشعر بـ"الفزع" من الأعداد المتزايدة للاجئين والمهاجرين الذين يفقدون أرواحهم في البحر وتدعو إلى تحرك دولي عاجل لتعزيز جهود الإنقاذ في البحر من قبل الأطراف المعنية والقادرة بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والسفن التجارية في البحر المتوسط. كل هذه المخاطر قد يواجهها المهاجرون في طريقهم إلى أوروبا، وذلك قبل أن يتمكنوا من تقديم طلب اللجوء حتى، دون أن يدركوا ما الذي ينتظرهم كلاجئين، وسط تصاعد تيار اليمين الشعبوي في القارة العجوز. محي الدين حسين مهاجر نيوز 2018
مشاركة :