الجامعات الأميركية بين حقيقة الاعتداءات الجنسية والمبالغات

  • 12/24/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

انشغل معظم الصحف الأميركية أخيراً بقضيّة اعتداءٍ جنسي تعرّضت له طالبة تُدعى «جاكي» في جامعة فيرجينيا «UVA» الأميركية، حيث نقلت التقارير عنها أنّها وقعت ضحية اعتداءات جنسية متكرّرة من قبل سبعة طلاب. ونشرت مجلة «رولينغ ستون» مقالاً مطوّلاً الشهر الماضي، وصفت خلاله الكاتبة سابرينا روبين أردلي عملية اغتصاب جاكي من طلاب في سنتها الجامعية الأولى العام 2012، ما أدى إلى خلق جدلٍ على الصعيد الوطني حول الاعتداءات الجنسية في الجامعات الأميركية وفي المجتمع الأميركي عامةً. غير أنّ عدداً كبيراً من الصحافيين في «واشنطن بوست» و «سلايت» و «نيويورك تايمز»، أوضح أنّ قصة جاكي تشوبها عيوب كثيرة، إذ تتضارب فيها المعلومات، وأبرزها أنّ الكاتبة لم تحاول التواصل مع المتهمين لاستطلاع وجهات نظرهم، وذلك بطلب من الضحية التي أبلغت المجلة خشيتها من المعتدين. وهناك كذلك ملابسات حول مواصفات المتهم «درو» الذي ادّعت جاكي أنه كان يُرافقها إلى حفل الأخوّة «فاي بسي» Phi Psi في 28 أيلول (سبتمبر) 2012، ثم اصطحبها إلى غرفة وأقدم على اغتصابها مع زملائه، حيث ادعت جاكي أنهما عملا سوية «منقذين بحريين». لكن وثائق «الأخوّة» عن ذلك العام تُثبت أنّه لا يوجد بين الأعضاء أي شخص يعمل منقذاً بحرياً، وكذلك لم يُنظّم أي حفل ليلة وقوع الاغتصاب. وسرعان ما ابتعدت قصّة جاكي عن محورها الرئيسي، أي ثقافة الاعتداءات الجنسية داخل الجامعات في الولايات المتحدة، إلى التشكيك في الراوية الصحافية وفشل الكاتبة في تقديم كل حقائق القصة. وكشفَت القصة المثارة عن جدل من نوع آخر يدور في أميركا حول خبث المرأة وكذبها في بعض الأحيان لتنال مآربها في الابتزاز المالي أو الانتقام العاطفي وغير ذلك، كاشفة عن خلل عميق في تعاطي المجتمع مع بعض قضايا الاغتصاب. وأظهرت إحصاءات قامت بها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، أنّ واحدة من كلّ 4 طالبات أميركيّات، أي 25 في المئة منهنّ تعرّضنَ لمحاولات اغتصاب لم تتكلّل جميعها بـ «النجاح» خلال دراستهنّ في الجامعة. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أنّه في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تعرضت طالبتان من جامعة براون لاغتصاب في حفل الأخوّة في «كابا بسي»، بعد أن وُضع في شرابهما دواء منوّم. وفي الربيع الماضي، أظهرت رسائل إلكترونية لـ «أبيسلون أيوتا» في الجامعة الأميركية في واشنطن، استعداد أعضائها من أعراقٍ مختلفة لاستغلال طالبات في السنة الأولى والاعتداء عليهنّ وهنّ في حالة ثمالة. من جهة أخرى، أطلق البيت الأبيض حملة «هذه المشكلة تقع علينا» It’s On Us الوطنية لمكافحة ثقافة الاعتداءات الجنسية في الجامعات في شهر أيلول الماضي، حثّ خلالها الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن الرجال على الحدّ من ظاهرة الاعتداءات الجنسية ونبذها من المجتمع الأميركي. وتوجّه أوباما الى الأميركيات بالقول: «لستنّ وحدكن. سنحميكنّ وسننظم (حملات) في كل جامعة ومدينة وولاية لنفهم جوهر المشكلة ونوقفها». وبموجب قانون «نعم يعني نعم» Yes Means Yes الذي أُقرّ في ولاية كاليفورنيا، فإنّ أي ممارسة جنسية غير قائمة على موافقة واضحة وصريحة بين الطرفين، يُمكن أن تُصنّف في خانة الاغتصاب بحال التقدم بشكوى لإدارة الجامعة. بناءً على ما تقدّم، يجب أن تؤخذ قضيّة «جاكي» على محمل الجد ولو لم تكن رواية هذه الطالبة حقيقيّة، لأنّ إدارات الجامعات تُهين وتتجاهل أو تسيء معاملة اللواتي تعرّضن لاعتداءات جنسية بهدف تجنّب أي صورة سلبية و «غير آمنة» يُمكن أن تتخذ عن الجامعة، ويجب أن تعالج المشكلة بأي وسيلة قانونية متاحة.

مشاركة :