النصيحة بجمل... إذا كان الناصح ناصحاً !

  • 8/22/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كم مر علينا أناس ينصحوننا بأمور مختلفة وعندما لا نمشي على نصيحتهم يقولون متهكمين المثل المعروف أن (النصيحة كانت بجمل)، وتأتي قصة هذا المثل لمن لا يعرفها أن في زمن بعيد يحكى أن رجلاً كان عائداً الى داره من السفر بعد أعوام مضت للعمل من أجل كسب العيش، فكان قد عمل راعيا للماشية عند تاجر استضافه وأكرمه بعدد من الإبل كعرفان له لاخلاصه في عمله، وبينما يسير هذا الرجل في طريق عودته لأهله، واذ به يرى في صحراء قاحلة شخصاً جالساً ناصباً خيمة، فسأله الرجل ماذا تفعل يا عم في هذه الصحراء الجرداء، أجاب (أنا تاجر) فاستغرب الرجل لأن الخيمة كانت خالية ولا يوجد بها بضاعة أو مواد لتباع، فسأله وما هي تجارتك؟ قال أنا تاجر نصائح أقدم النصيحة وآخذ مقابلها بعيرا، فأخذ يفكر الرجل بثمن النصيحة الباهظ وبغلاء سعرها... ولهذه الحكاية تكملة ولكن نكتفي بالفكرة العامة حتى نبقى في صلب المقال. ويأتي غلاء النصيحة أولا لأنها دلالة على الخير وثانيا لأهميتها و قيمتها في حياتنا وأثرها الطيب، اذا أخذناها من حكيم لبيب متفهم، متعقل، عامل و متمثل بما ينصح و يقول، ولكن النصيحة قد تفقد قيمتها بل و قد تكون مؤذية أو غير مناسبة اذا كانت من شخص غير (ناصح) ذكي و لا يملك الوعي في التفكير ولا الحكمة في التصرف ولا يطبق على نفسه ما ينصح الناس به ويحثهم عليه، فذكر تعالى بهذا الموضوع في كتابه الكريم (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) «البقرة:44»، و قوله تعالى أيضا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)«الصف:3». لذلك وردت النصيحة في القرآن الكريم كصفة من صفات الأنبياء و الرسل والصالحين. حيث قال تعالى عن نوح عليه السلام (أبلغكم رسالات ربي و أنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون)«الأعراف: 61-62». وقال سبحانه حكاية عن هود عليه السلام: (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) [الأعراف: 67-68].وفي هذا السياق يقول أبو الأسود الدؤلي: لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِي مِثْلَهُعَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَافَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ فَهُنَاكَ يُقْبَلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَىبِالْقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ والنصيحة التي أريد أن أقدمها في هذا المقال أنه وجب عليك عزيزي القارئ قبل أن تسمع النصيحة أن تتأكد أولا أن الذي يرشدك و ينصحك هو شخص ناجح في المجال الذي ينصح فيه أي أن الناصح (ناصح)، فمثلاً: هل تقبل البنت نصيحة في الزواج من امرأة مطلقة أو هل يقبل المستثمر نصيحة من تاجر مفلس أو هل يأخذ باحث عن وظيفة النصيحة من شخص عاطل عن العمل!

مشاركة :