الشيخ أحمد السيسي: الأستاذ لطفي نصر كان ناصحا منصفا أمينا

  • 6/8/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال الشيخ أحمد مهنا السيسي في خطبة الجمعة بجامع أبوحامد الغزالي: المسلم بين الإخلاص والاستقامة وإنَّ للإخلاص حقيقة وهي أن ينشد الإنسان بقوله وعمله وعلمه الحقَّ ابتغاء وجه الله تعالى، لا طمعا في منصب ولا مكانة ولا جاه، ولا انتظارا لمكافأة أو ثناء أو إطراء، قال تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُورًا) ديدنه التحري والدقة في طريق مرضاة ربه، قال صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا)، لا يغرُّه ثناءُ المادحين ولا يزعجُه ذمُّ المنتقصين، مؤثرًا رضا الخالق على رضا المخلوقين، ولو سَخِطوا عليه جميعا لن تأخذه في الحق لومةُ لائم، قال تعالى: (وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِين). فسيدنا مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم تحمَّل عداوة الناس وقاوم أذاهم، إيثارًا لرضا الله الحقِّ على رضَاهم، فأظهر اللهُ دينَه وأتمَّ نورَه وأعز جندَه وهزم الأحزاب وحده، وسار على ذلك النهج أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين الذين وصفهم ربهم عز وجل بقوله: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) فتحملوا المشاق ومفارقة الأوطان، مختارين رضوان ربِّهم رغم سُخطِ أقوامِهم. فكثير من الخلق لا يرضون إلا لمن سار مع هواهم ووافقهم عليه، حقا كان أم باطلا، لذا فإن اختيار سخطِهم مع الفوز برضا الحقِّ تبارك وتعالى خيرٌ من اختيار رضاهم مع سُخطِه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا الله بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ الله سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ». إنَّ الصادق الحقَّ يستبسل إظهارًا للحق وإن ظهر على لسان غيره، لأنه ينشد الحقَّ لا ينشده انتصارًا لنفسهِ أو تعظيما لذاته، قال الإمام الشَّافعي رحمه الله: «ما ناظرني أحد فباليتُ أظهرتِ الحُجَّةُ على لسانه أو على لساني» فهكذا العلماء، لذا جعل اللهُ لهم القَبول والمحبة في أفئدة عباده، فانتشرت علومهم وشَغُف الناس بمصنفاتهم، فهذا الإمام مالك رحمه الله، يقول الذَّهبي في شأن مُوَطّئه: «وإنَّ للموطَّأ لوقْعًا في النُّفُوس، ومهابَةً في القُلوب لاَ يوازنُها شيءٌ» ذلك لإخلاصه وطيب سريرته. فمن أراد أن يعيش سعيدا مرتاح البال فليجعل من رضا ربِّه غرضه وهدفه ومرماه، وليبشر بكرم الله، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَخْطُبُ: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا، فَقَالَ: اسْتَقَامُوا وَاللَّهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ لِطَاعَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْغُوَا رَوَغَانَ الثَّعَالِبِ وَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثُمَّ أَخْلَصُوا الْعَمَلَ لِلَّهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثُمَّ أَدَّوُا الْفَرَائِضَ. أيها المسلمون، إن من ثمرات الإخلاص الاستقامة فلا استقامة من غير إخلاص ولا إخلاص من غير استقامة، فمن أخلص في رمضان لا بد له من الاستقامة طوال العام بل باقي العمر، فلقد خاطب المولى عز وجل نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). ولا شك أن لكل عصر أهلا للإخلاص والاستقامة، فلقد اختار اللهُ عز وجل إلى جواره الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ لطفي نصر، ذلك في العشر الأواخر من رمضان، لقد كان رحمه الله ناصحا منصفا أمينا ساعيا لرفع المظالم، مهتما بمعرفة رؤى خطباء الجمعة وطرحها، متلمسا للمواهب مشجعا لها، تغمده الله بواسع رحمته مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).

مشاركة :