أعادت حادثة تهديد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، من قبل رجال دين متشددين في مدرسة "فيضية" قم الدينية، قضية وفاة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني الغامضة إلى الواجهة حيث طالب نواب وسياسيون بفتح تحقيق حول ملابساتها. وفي جديد المواقف، دعا القيادي الإصلاحي علي شكوري راد، الأمين العام لحزب اتحاد الشعب الإيراني، من أحزاب الجبهة الإصلاحية، البرلمان إلى فتح تحقيق حول قضية وفاة رفسنجاني. ووفقاً لوكالة "إيلنا" العمالية الإيرانية، فقد كتب شكوري راد، في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" أن "موت رفسنجاني لم يبدُ طبيعياً منذ البداية، ولكن الآن هناك قضية خطيرة ويجب على البرلمان أن يشكل لجنة تحقيق في هذا الصدد". وكان رجال دين قد رفعوا لافتات تهدد الرئيس حسن روحاني بملاقاة مصير مشابه لسلفه "أكبر هاشمي رفسنجاني" الذي مات في ظروف غامضة، وذلك إذا ما عاد للتفاوض مع الولايات المتحدة. "الخنق في الماء" وكانت الحكومة الإيرانية قد أعلنت أن الرئيس السابق رفسنجاني توفي في 8 من كانون الثاني/يناير 2017، عن عمر ناهز 82 عاماً، إثر نوبة قلبية، لكن أوساطاً إصلاحية تقول بأنه مات خنقاً في مسبح يعود لأرملة الشاه الراحل، فرح بهلوي، بأمر من المرشد الإيراني علي خامنئي، وبتنفيذ استخبارات الحرس الثوري. وكانت ابنته فاطمة رفسنجاني، قالت في تصريحات إن "تهديد الرئيس الإيراني في المدرسة الدينية بقتله بطريقة تشبه طريقة والدي، تدل صراحة أنه اغتيل وقد تم قتله من خلال الخنق في الماء"، على حد تعبيرها. موضوع يهمك ? في مقال نشره موقع وكالة أنباء "إيسنا" شبه الرسمية الإيرانية، السبت، شكك نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري، في...نائب إيراني: أشك في رواية وفاة رفسنجاني..ابدؤوا التحقيق إيران واعتبرت فاطمة رفسنجاني في مقابلة مع وكالة "بُرنا" الأحد أن "الصمت المتعمد من قبل قادة النظام ومسؤولي القضاء حيال هذه التهديدات وعدم نفيهم لواقعه المسبح والتي أثيرت مرات عديدة من قبل جهات فاعلة وجماعات متطرفة، قد عززت الشكوك حول عملية الاغتيال". كما تداول نواب وسياسيون مطالبة نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري، لوزارة الأمن والاستخبارات بالتحقيق في قضية تهديد روحاني وعلق حول اللافتة قائلاً: "في الواقع هذا الشعار يعني، أيها الرئيس سوف نتخلص منك كما فعلنا مع هاشمي رفسنجاني". وكان رجل الدين المؤيد للإصلاحيين، أحمد منتظري، نجل الراحل آية الله حسين علي منتظري - الذي كان خليفة الخميني وقد عزله بسبب مخالفته لسياسات المرشد المتشددة آنذاك - قال إن العسكر والأجهزة الأمنية متورطون في الحادث، رغم أنه لم يقدم أدلة محددة. لكن النائب المحافظ السابق حميد رسائي، وهو من منتقدي روحاني والمفاوضات النووية أن اللافتة التي رفعت بشكل سيئ لا تشكل تهديداً للرئيس الإيراني، بل تهديده بالمعاقبة إذا فاوض أميركا مجدداً". وكان مستشار رفسنجاني السابق غلام علي رجائي قال في تصريحات في 9 حزيران/يونيو الماضي إن وفاة رفسنجاني "لم تكن لأسباب طبيعية". أسباب احتمال تصفية رفسنجاني يرى محللون أن هناك عدة أسباب تعزز الشكوك حول احتمال تصفية رفسنجاني من قبل خامنئي منها أنه اختلف بشدة مع المرشد خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد ما طرح فكرة إنشاء "مجلس فقهاء قيادي" بدل "الولي الفقيه" عقب وفاة خامنئي الذي يجهز لمرشحين يخلفونه من بعده من بينهم نجله مجتبى ورجال دين آخرون مقربون منه. كما أن رفسنجاني الذي كان يلقب بـ "ثعلب السياسة الإيرانية" والذي كان له دور كبير في "لبرلة" الاقتصاد الإيراني عقب انتهاء الحرب الإيرانية العراقية ( 1980 - 1988) وإعادة دمج الاقتصاد الإيراني بالاقتصاد الرأسمالي العالمي، بات يؤمن منذ العهد الإصلاحي في أواخر التسعينات بضرورة تجاوز مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة والتخلي عن الشعارات الراديكالية ومعاداة الغرب. كما أنه أدخل الحرس الثوري في الاقتصاد لإبعادهم عن السياسية والدولة وأشغل قادتهم وأجهزتهم ومؤسساتهم بالشركات العملاقة والمنافع والأرباح والامتيازات الكبيرة، بينما عمل خامنئي على تحويلهم كأداة لضرب الخصوم وتصفية المعارضين وقمع الاحتجاجات وشكل جناحاً للتدخل الخارجي (فيلق القدس) لدعم سياسات التوسع الإقليمي. وكان رفسنجاني قد أحرز تقدماً كبيراً في شعبيته أمام خامنئي وكان له دور كبير في فوز روحاني في انتخابات 2013 الرئاسية الإيرانية ومن ثم إنجاح المفاوضات النووية وكان يمهد لمرحلة جديدة تدخل فيها إيران كدولة متصالحة مع المجتمع الدولي بدل الصدام مع الغرب. وهذا التحول الكبير لرفسنجاني الذي حدثت في عهد رئاسته لدورتين متتاليتين (1989-1997) موجة الاغتيالات المسلسلة للكتاب والمثقفين والصحفيين المعارضين وتفجيرات وعمليات إرهابية قامت بها أجهزته الأمنية والحرس الثوري في المنطقة وأنحاء العالم، إلى عنصر براغماتي قريب من الغرب على حساب خامنئي المتمسك بمبادئ الثورة الخمينية وأهداف نظام ولاية الفقيه التوسعية ومبدأ تصدير الثورة، ما عزز الشكوك حول احتمال إيعاز المرشد بتصفية رفيقه الذي كان يصفه دوما بـ"رفيق المغارة". شكوك أخرى وما عدا تحليل الاختلافات السياسية، هناك عدة شواهد يبرزها معارضون وإصلاحيون حول مقتل رفسنجاني أهمها تصريحات وزير الصحة الإيراني حسن قاضي زاده هاشمي، التي أدلى بها عقب وفاة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، مباشرة، والتي قال فيها إن "الفريق الطبي الخاص برفسنجاني لم يكن برفقته عند تدهور صحته ونقله إلى المستشفى وإنهم وصلوا متأخرين بعد فوات الأوان". كما سلط الإصلاحيون الضوء على ما جاء في بيان نعي خامنئي لرفسنجاني حيث أطلق عليه صفة "حجة الإسلام والمسلمين" وهي درجة دينية في الحوزة الشيعية تعتبر أقل من "آية الله" التي كانت تطلق على رفسنجاني خلال السنوات الأخيرة. كما أنهم ركزوا على صلاة خامنئي على جنازة رفسنجاني عندما ذكر المرشد عبارة "اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيراً"، والتي كان يقرأها على قادة النظام الذين توفوا خلال السنوات الأخيرة، لكنه لم يقرأها على رفسنجاني بل اكتفى بطلب المغفرة عنه.
مشاركة :