قال الدكتور مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، إن هناك وسطاء يستغلون الصلح في القصاص مقابل العوض المالي، بحجة تحصيلهم لهذا المبالغ من المحسنين، واصفا إياهم بـالسماسرة معدومي الضمير. وأكد القحطاني أن هذه القضية ليست قضية مرابحة وزيادة دخل، وإنما قضية مأساوية، منوها إلى أنها أصبحت تجارة، وأن هناك وسطاء يشترطون الحصول على حصتهم من هذه الدية التي تتجاوز الملايين مقابل التنازل عن إقامة الحد، فأصبحت ضررا شديدا ومأساويا لأهالي الجاني الذي أقدم على القتل. وبحسب صحيفة الاقتصادية أضاف المفلح أن المبالغة في دفع الديات تحتاج لضبط وتثقيف مجتمعي، فالدولة كان لديها محاولة لضبط ذلك، ولكن الأمر يعود للأفراد الذين وقعوا في مثل هذه القضايا، مستدركا أنه من الصعوبة وضع ضوابط تلزم، لأن الأمر تحدث في اتفاقات خاصة وسرية، وبالتالي تخالف ما توضع من ضوابط. وأشار رئيس حقوق الإنسان إلى أن المبالغة في الديات لا يقرها الشرع، فالأمر يحتاج لتثقيف وتوضيح ومحاسن العفو دون مقابل، فالمبالغة التي يكون فيها ضرر على الجاني لأنهم غير قادرين على دفع هذه المبالغ، ومن ثم يذهبون لجمع هذه المبالغ ما قد يعرضهم لإهانة كرامتهم بفعل حرصهم على عتق رقبة ذويهم، وقد لا يجدون من يسهم معهم في ذلك. وزاد القحطاني، أن الدية المحددة شرعا رفعت الفترة الأخيرة لدية الخطأ من 100 إلى 300، ودية العمد وشبه العمد إلى 400 ألف ريال، وإذا حكم بالدية فهذا المبلغ الذي من المفترض أن يدفع ويلتزم به، وذلك فيما يتعلق بالصلح لإسقاط العوض، فالوقت الحالي يشهد مبالغات عندما يكون هناك تنازل عن القصاص تصل إلى الملايين، والمفترض أن يكون هناك العفو، وطلب الأجر وليس الحصول على المقابل. يأتي ذلك في الوقت الذي أكد علماء ومشايخ أن ظاهرة المبالغة في قيمة الصلح في قضايا القتل دخيلة لا تمت بأية صلة للدين الإسلامي الحنيف، مشيرين إلى ضرورة تكثيف الوعي الديني بين الناس والتحذير من تلك الظاهرة السيئة، وحاثين على أهمية إحياء فضيلة العفو وتذكير الناس بذلك وبالنصوص الحاثة عليه بكل وسيلة تحقق الانتشار والقبول. من جانبه، قال الشيخ خلف المطلق عضو الإفتاء بالمنطقة الشرقية المشرف العام على الفرع، أن الدين الإسلامي الحنيف حث على التسامح في القصاص وكان من المعروف في الجاهلية القتل أنفى للقتل، فأتى الإسلام وشرع القصاص ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب فلو ترك الناس للهرج والمرج ذهبت نفوس كثيرة لكن هذا القصاص يطفئ الفتن، منوها إلى أن الإسلام شرع القصاص وشرع الدية فولي الدم مخير بثلاثة أمور إما أن يقتص وإما أن يأخذ الدية وإما إن يعفو، والعفو هذا إما أن يكون عن صلح بينه وبين أهل الجاني وإما أن يكون عفوا مقابل ما عند رب العالمين عز وجل. وأضاف الشيخ المطلق، أن الصلح تنطفئ به الفتن، والصلح بابه مفتوح، مستدلا بقول الله تعالى، لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما، فينبغي لمن دخل في الصلح أن ينظر إلى هذا الصلح من جميع جوانبه وتأثيره على الجاني والمجتمع، لأن مصلحة البلاد والعباد قد تكون قتل هذا الجاني.
مشاركة :