الفطرة بين القلب والعقل (2 ــ 2)

  • 8/24/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش حياة سوية نفسيًا وعقليًا على حد سواء إلا بمعرفة الإيمان الغيبي، الذى يضع الأمل فى القلوب ونشوة التسآؤل وصدق العشق الروحى الذى لا يملك شروطًا ولا حدودًا. العلم يساعد على تقديم الأجوبة ولكن هذا لا يعنى أنه إله بحد ذاته لكنه وسيلة لإيجاد هذا الإله بطريقة صحيحة بعيدًا عن الأساطير والتخيلات البشرية العارمة وغير المحدودة، ومع ذلك لم يستطع أصحاب العلم حتى الآن سوى تقديم تكنولوجيا تقود أجسادنا إلى الأمام وعقولنا فى حقيقة الأمر مقحمة بإجابات لا يمكن انتهاك حرمتها كما إجابات الأديان تمامًا فيصبح تابع الدين وتابع العلم منساقين على نحو مثالى وراء ما قيل لهم ولا يمكنهم التجرأ على مناقشة ما يتبعون مقفلين عقولهم بينما يتهمون بعضهم البعض بالجهل والتعصب، وكلهم كذلك، بينما تقتل التكنولوجيا الحديثة أرواحنا تمامًا وتجعلنا مع مرور الوقت أشبه بالآلات التى لا تعتقد أنها تملك فى داخلها أكثر وتصبح المادية هى السبيل الوحيد نحو تحديد قيم أخلاقية خاصة بالعالم الجديد الذى أصبح بدوره نصف بشري.إن الحرب بين الدين والعلم ما زالت قائمة فى العالم كله كما كانت فى العصور الوسطى تمامًا، غير أن العلم أصبح يستخدم آليات أقوى فى كسب مناصرين جدد من كل حدب وصوب، بينما لا يزال الدين يستخدم التهجم والصوت العالى وسفك الدماء، الأمر الذى يضعف موقفه على عكس الماضي، ولكن ما لا يمكننى تصديقه فعلًا، هو كيف وبعد العديد من القرون لم يكتشف الإنسان المعاصر أن هذه الحرب تضر بالبشرية كلها حيث تضع الإنسان فى موقف صعب، حيث إن عليه أن يختار بين حقين، ولماذا أصحاب الحق من كلتا الجهتين لا يعترفان بأن الآخر يملك شيئا قيّمًا وأساسيا لا يمكن الاستغناء عنه فقط بما يملكه هو! لماذا لا يفهم البشر حتى الآن أن خير الأمور جميعًا أوسطها وأن أى تطرف يودى بحياة الفكرة ومتبعيها على حد سواء وتضعف نقطة الحق التى تملكها تلك الجهة بل وتخفيها وراء وهم الحق المطلق الذى يدّعون امتلاكه!فإذا كان ولا بد من نظام عالمى جديد فليكن باتحاد أعظم قوتين تقودان طبيعة الإنسان فتجمعان تحت راية عشق الله وشغف العلم العالم بأسره. العلم وحده ليس بكاف لتحديد معايير أخلاقية تحد من استخدام الاكتشافات والتكنولوجيا فى الشر، والدين وحده ليس بكاف ليصل عقل الإنسان المعاصر لفهم الكون من حوله والقدرة الإلهية به ولا يستطيع وحده أيضًا أن يحد من الجرائم اللا إنسانية التى يرتكبها الخلق دفاعًا عن خالقهم، إذا لم يتحد العلم والدين معًا فنهاية العالم كما نعرفه اليوم قريبة لا محالة!إيمانك بالله ينبع دومًا من إيمانك بنفسك، وكلما آمنت به كلما عرفت قيمة وجودك على الأرض وعرفت أن شعورك بأنك حتمًا خلقت لهدف ما معين ليس من نسج خيالك بل حقيقة لا مفر من وقوعها يومًا ما! الذى يفقد إيمانه بوجود خالق عظيم، قد أسقط فطرته الموسومة فى خلايا عقله وشرايين قلبه ولا يستطيع بعد ذلك إلا أن يواجه الحياة بمفهوم واحد، أنها وإياه بلا فائدة أو هدف وأن الانتحار حل سليم للغاية لإنهاء شىء لم يكن له معنى من البداية!

مشاركة :