التنمية علاج مدمني الثرواتنشرت صحيفة الاندبندت البريطانية بتاريخ 20/ 1/ 2014 تقريراً لمنظمة أوكسفام وهي منظمة لا تهدف للربح وتقوم بالأعمال الإنسانية والإغاثية حيث حذرت من تكدس ثروات العالم في دول الشمال، واتساع الفجوة مع دول الجنوب كما حذرت من الرأسمالية المنفلتة في أسواق العالم، التي لا تحكمها أي أخلاقيات أو قانون بل تعمل منفردة والأمر الذي زاد من غلوائها في السنوات الأخيرة. كما أشار التقرير إلى أن عدد 85 شخصاً يمكن حملهم في حافلة واحدة يملكون 1.7 تريليون دولار، أي ما يعادل ثروة نصف سكان العالم الفقراء البالغ عددهم 3.5 مليار نسمة؟ وما زالت آلة الرأسمالية تعمل وتكدح ليلاً ونهاراً من أجل استعباد البشر فهذا لقاء ترامب وبوتين في هلنسكي، وهذا منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، كأنه لا يسمع ولا يرى حجم هذه المأساة الإنسانية وتدفق اللاجئين والنازحين من العالم الثالث من أقصى شرق أفغانستان إلى غرب أفريقيا، وتلاشت تصريحات التنمية وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص التي رفعتها الرأسمالية في الدول الفقيرة، ولم تحقق منها سوى المزيد من الخنوع والتبعية لصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، التي تتحكم في مصير الكثرة وتسخرهم لخدمتها بغير حق وتدير الأقلية من أصحاب الثروات والأموال الاقتصاد العالمي وفقاً لمصالحهم ورغباتهم.دراسات تحذر من إدمان الثروات: المتخصص في علم الاجتماع فيليب سلاتر ألف كتاباً يحمل اسم (الإدمان على الثروة) سنة 1980 حيث قال: (إن المشكلة تنبع من موقفنا من المال) ويقول الإدمان هو حاجة ليست قوية ومزمنة فحسب بل تبدو كما لو كانت ضرورية لمنحنا الإحساس بالكمال. إن للإدمان علاقة بشعورنا حيال أنفسنا أي أن تشعر بالنقص وبأنك أقل من إنسان؟ وغير قادر على العمل دون وجود ذلك الشيء). وقدم روبرت ويست رئيس تحرير المجلة العلمية «الإدمان» وأستاذ الصحة النفسية في كلية لندن الجامعية مثالاً واقعياً يوضح لنا المطلوب، حيث يقول عن شقيقه انه كان رئيساً تنفيذياً لبنك استثماري في نيويورك وكان في حالة نفسية بائسة للغاية ويقول: «أي عدد من سيارات الفيراري والمنازل التي يملكها في ميامي لم تكفه ولم تساعد في تحسن حالته النفسية، كما كان الناس الذين يعملون معه في حالة بائسة وتعيسة أيضاً لأنه مهما كان حجم الثروة التي يملكونها لم يكن كافياً في نظرهم، لكنه الآن وبعد أن ترك عالم المصارف أصبح أكثر سعادة». حقيقة بعد قراءة هذه الأبحاث والتقارير الصادرة من الغرب الرأسمالي، يجد الإنسان نفسه عاجزاً عن إدراك المعاني العميقة الغائرة في ظلال هذه الآية الكريمة: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ». التوبة 103. فأخبر سبحانه أن الصدقة تطهر النفس من مرض الحسد والشح والبخل وتزكي القلوب قلوب الفقراء من حسد أصحاب الأموال، كما تزكي قلوب التجار من الدنيا والانغماس بها. وجاء في الحديث الشريف اغتنم خمساً قبل خمس ومنها غناك قبل فقرك؟ أي إذا كان المال معك فانتهز أبواب الخير فأنت لا تدري ماذا سيصير؟ سبحان الله! وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متي يعيل كم من إنسان بات في القمة وأصبح في الهاوية أي فما دام بيدك المال وعندك الغنى ووفرة المال فافعل الخير، ولعل الخير الذي تفعله يحفظ لك مالك وصحتك ويزيل عن قلبك الحسد والبخل. dr.aljeeran2017@gmail.com
مشاركة :