الناجون في البلدة القديمة بالموصل العراقية لا يزالون يتسولون الطعام

  • 8/24/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

طوق حشد من العراقيين الغاضبين شاحنة صغيرة محملة بلحوم بقرتين مذبوحتين عصر أحد أيام أغسطس آب شديد الحرارة وسط الأنقاض بمدينة الموصل التي كانت آخر معقل لتنظيم داعش في العراق. ووسط الزحام ومشاعر اليأس يتخطف المتزاحمون قطع اللحم من رجل يقف في صندوق الشاحنة حتى تغادر ثم ينتظر البعض وصول شاحنة أخرى للحصول على نصيبهم من اللحوم. ولم تف تلك المساعدات، التي توزع في إطار الاحتفالات بعيد الأضحى، باحتياجات من يعيشون وسط الأنقاض في البلدة القديمة بالموصل بعد أكثر من عام من طرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في معركة أخيرة حولت الكثير من السكان إلى مشردين ومتسولين. قال علي شريف (24 عاما) أمس الخميس بعد أن حصل على بعض اللحم من إحدى السيارات “هناك الكثير من السكان الذين يحتاجون إلى المساعدة في الحصول على الطعام وإعادة بناء منازلهم…الجميع هنا تضرروا من الحرب”. ومنذ أعلنت القوات العراقية النصر على الدولة الإسلامية لم يطرأ تحسن يذكر على حياة المسلمين السنة الذين يسكنون البلدة القديمة في غرب الموصل. وكان بعضهم قد رحب بوصول المتشددين في 2014. وتسبب ذلك في ضغوط إضافية عليهم من الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد والتي يتهمونها منذ فترة طويلة بمعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية. وقال علي أغا المسؤول المحلي وهو يتجول في الأزقة الضيقة المتشعبة للبلدة القديمة في الموصل ويقرع الأبواب لتوزيع اللحم “سنوزع هذا على الفقراء هنا لمساعدتهم ونسأل الله أن يبارك لنا. لا تفعل حكومتنا أي شيء” لمساعدتهم. ولا تزال الكثير من الشوارع الضيقة في البلدة القديمة تغص بالركام الذي خلفته الضربات الجوية التي نفذتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة دعما لقوات الحكومة العراقية في جهود القضاء على الدولة الإسلامية في حملة استغرقت تسعة أشهر من المعارك الضارية. وبدا على بعض جدران المباني التي ظلت قائمة أنها على وشك الانهيار. كما تظهر بعض أشلاء الجثث وسط الأنقاض وتفوح رائحتها في المناطق التي شهدت أسوأ المعارك غربي نهر دجلة الذي يشطر الموصل ثاني كبرى المدن العراقية. وأسست بغداد (صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية) لمساعدة المدن والبلدات التي سويت بالأرض خلال معارك طرد الدولة الإسلامية التي سيطرت لفترة على ثلث مساحة العراق. وتفيد بيانات للصندوق نشرت يوم 20 أغسطس آب أن خطة إعادة إعمار الموصل وكل المناطق المحيطة في محافظة نينوى تستهدف إقامة 78 مشروعا في 2017-2018 بقيمة 75.5 مليار دينار عراقي (63.69 مليون دولار) جرى تكملتها بمبلغ 135 مليون يورو (154.4 مليون دولار) في صورة قرض من ألمانيا. لكن الخبراء يقولون إن من المتوقع أن تكلف إعادة إعمار الموصل وحدها، والتي كان يقطنها مليونا نسمة قبل الحرب وأصبح بها الآن 646 ألف مشرد، مليارات الدولارات. وقال الصندوق في بيان هذا الشهر إن “قلة التخصيصات قياسا بحجم الدمار” يشكل تحديا كبيرا أمامه.  بجوار الموتى في أوائل أغسطس آب عاد حازم محمد (52 عاما) وأسرته إلى كومة من الأنقاض كانت يوما منزله على مقربة من ملعب سابق لكرة القدم لحقت به أضرار جسيمة وعلى بعد دقائق سيرا على الأقدام من أطلال مهجورة لا تزال تفوح منها رائحة رفات لم تُنتشل حتى الآن. ونصب محمد خيمة، على أطلال منزله القديم، لتوفر بعض الظل لأسرته في جو صيفي تتجاوز درجة الحرارة فيه 43 درجة مئوية. وقامت زوجته بغلي الماء على نار قرب الخيمة بينما كان الأطفال الصغار يلهون بداخلها. وقال محمد “قررت أن أقيم مع أسرتي في تلك الخيمة لتشجيع الحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية على إعادة بناء منزلي والمنازل الأخرى المدمرة في البلدة القديمة”. وتابع قائلا “نحن أسرة فقيرة. لا نملك المال لنعيش بكرامة. نعاني من نقص الطعام ولا نملك ما يكفي من الأثاث لأنه تحت أنقاض منزلنا الآن”. وتوقفت سيارة عند الخيمة وقام السائق الذي قال إنه يدعى محمد صالح بإعطائهم نصيبهم من لحوم الأضاحي. وقال صالح “أخشى أن يؤدي فشل الحكومة في إعادة بناء البنية التحتية في عودة التشدد”. ويخشى أيضا المسؤولون المحليون في الموصل والمانحون الغربيون من أن يتسبب البطء في إعادة البناء في إذكاء حساسيات طائفية استغلها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية. وحتى الآن يمكن أن يكون مجرد السير في حي راق في شرق الموصل، التي تجنبت إلى حد كبير أسوأ معارك وعادت فيها الحياة بشكل كبير لطبيعتها، أمرا خطرا. ووقع انفجار مساء الثلاثاء في حي العربي ولم يتسبب في إصابات لكنه خلف حفرة كبيرة على جانب الطريق بجوار ما قال عنه السكان إنه مدفن مؤقت لمتشددي الدولة الإسلامية الذين قتلوا في المعارك. وأشار أحد السكان إلى أن سبب الانفجار قد يكون قنبلة يدوية قديمة أو بقايا سترة انتحارية.

مشاركة :