يطوّق حشد من العراقيين الغاضبين شاحنة صغيرة مُحملة بلحم بقرتين مذبوحتين عصر أحد أيام شهر آب (أغسطس)، حيث الجو شديد الحرارة، وسط حطام مدينة الموصل آخر معقل لتنظيم «داعش» في العراق. ووسط الزحام والشعور باليأس، يسحب المتزاحمون لحم البقر من رجل يقف في صندوق الشاحنة. وبعد مغادرتها، ينتظر البعض قدوم أخرى ونزول شخص ما منها لتوزيع اللحم عليهم. وفي إطار احتفالات عيد الأضحى، لا تلبي لحوم الصدقات التي يوزعها القادرون، احتياجات الفقراء الذين يعيشون وسط حطام الموصل القديمة منذ أكثر من سنة بعد طرد تنظيم «داعش» الإرهابي في آخر معركة حولت الكثير من السكان مشردين ومتسولين. وقال عراقي يوزع الطعام على الفقراء يدعى محمد صالح: «الناس وبعض المنظمات يقدمون مساعدات إلى العائلات الفقيرة، ويساعدونهم على إعادة إعمار منازلهم خصوصاً أننا نعيش في أجواء صيف حار، وأعتقد أن الحكومة لا تقدم المطلوب». ومنذ إعلان القوات العراقية النصر على «داعش» طرأ تحسن لا يكاد يُذكر على حياة بعض المسلمين السُنة سكان غرب الموصل القديمة. ومنذ أوائل آب، عاد حازم محمد عباس (52 سنة) وأُسرته إلى كومة من الحطام كانت منزلَه في ما مضى على مقربة من ملعب سابق لكرة القدم لحقت به أضرار جسيمة. ونصب محمد خيمة على أطلال منزله القديم، ليوفر بعض الظل لأسرته في جو صيفي تتجاوز درجة الحرارة فيه 43 درجة مئوية. وتطهو زوجته الطعام على نار قرب الخيمة فيما يلعب أطفال صغار في الداخل. وقال عباس لـ «رويترز»: «بيتنا تعرض للقصف، ونحن تقريباً 15 فرداً نسكن هذا البيت الذي ورثته عن والدي، ولا نملك أي ملجأ آخر. اضطررنا إلى اللجوء لنصب خيمة هنا، لأن المنظمات تسعى إلى توفير البديل لنا، لكن الحكومة لا تقوم بأي شيء». وتفيد إحصاءات صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية، والتي نُشرت في 20 آب، بأن خطة إعادة الإعمار للموصل وكل المناطق المحيطة في محافظة نينوى تستهدف إقامة 78 مشروعاً بقيمة 78.5 مليار دينار عراقي (36.69 مليون دولار) تمت تكملتها بمبلغ 135 مليون يورو (154.4 مليون دولار) على شكل قرض من ألمانيا. لكن خبراء يقولون إن من المتوقع أن تكلف إعادة إعمار الموصل وحدها، والتي كان يقطنها مليونا نسمة قبل الحرب وأصبح فيها الآن حوالى 646 ألف مشرد، مليارات الدولارات.
مشاركة :