التشكيلية الكويتية مها المنصور... جرّدت العلامة البصرية في مفاهي...

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إن درجة الوعي الفني بالزمن هي انطلاق التعبير عن الحدث وعن الحياة وعن تفاصيل الوجود الإنساني باعتباره موقّتا لتلك التجادلات التي خلقت علاقة الحاضر بالماضي والمستقبل، وهنا تتفاعل المشاعر والحالات في الفن مع المفهوم والعلامة البصرية ودلالاتها. فعادة ما يوظّف الزمن تشكيليا بالطبيعة وحالاتها ومواسمها بالألوان والظلال، إضافة إلى العناصر مثل الساعات والأرقام والنجوم وملامح الشخوص المرسومة. ولكل فنان تجريبه وتجربته الملهمة فسلفادور دالي اعتمد العناصر النفسية المتراكمة لتركب فكرة الوجود من الأحلام بهلامية الزمن في ساعاته السائلة التي تمتد على فضاء اللوحة وتلتهم الأمكنة والعناصر، أما رومان أوبالكا فاعتمد مفهوم انعكاس الوقت على الحالة والاحساس وبالتالي اعتبار تلك الجزئيات الدقيقة مفاصل وجودية تفعّلها الألوان وترتب عناصرها.وعن تجاربنا العربية والخليجية بالخصوص ترتكز الحالة الحسية للزمن على التغيرات، فمن الاسترجاع إلى الحنين والتفكر يختلف مفهوم الأطر الزمنية كتعبير، كما في التجربة المعاصرة للتشكيلي السعودي ناصر التركي الذي اعتمد فكرة دمج العلامات الزمنية مع الطبيعة بقراءة الصحراء في دلالة الاسطرلاب، والتشكيلية دانا التركي التي وظّفت فكرة القهوة مع الموروث الذي اكتسبه الحاضر العربي، وتجربة الكويتي نواف الحملي سريالية الأسلوب وعناصر البيئة مواقيتها التفصيلية وواقعية المفاهيم. وتبقى التجربة النسوية الملفتة في تعاملها مع فكرة الوقت والزمن تجربة التشكيلية الكويتية مها المنصور التي جرّدت العلامة البصرية في مفاهيم الوقت وطبعت بصمة في التعبير عنه قلقا وحيرة وتجريبا لامس منجزها اللوحة والفيديو آرت.فتجربتها متفردة في فكرة الوقت الوجودي والواقعي والسرمدي المبني على تناقض الحالات بين طمأنينة وقلق بين فوضى وترتيب بين تمرد وخضوع ترقب وانتظار توقف واستمرار تحوّل ومعايشة، برمزيات دلالية مع العناصر المكملة والمحركة للعلامات: الساعات والأرقام قصاصات الورق مزج الألوان، صور تعبر عن الحياة والزمن عن الرحيل والانتظار. اقتباساتها سرد واقعي متفرد في الأسلوب المتجزئ مع تفاصيل تجادل عناصر لوحاتها باستنطاق الألوان بحدة وتمرد واختلاف وتعقيد وبساطة وأنوثة تعاتب المراحل الزمنية بجمالية تفتح منافذ التأمل والحضور، تبحث عن الغائبين في لوحاتها تستثير حضورهم في ذاكرتها تحوّل أحلامها إلى مزيج من الحنين الذهني المرتب لعلاقتها الدائمة مع ألوان الطبيعة والحياة والأنوثة أحمر أخضر أزرق واجتماع داخلي على عمق الأبيض الذي يحرك درجاتها.صراعها مع الزمن قلق داخلي واستفسارات تائهة في جدليات الصورة فهي لا توثق بقدر ما تقتنص مواقيت البحث والثبات تتحكم في الماضي بالحنين وتصرخ في الحاضر بالأرقام والأصوات التي توقّعها بالتدرج اللوني وتمزجها مع الأبيض والأسود. أعمالها في الفيديو آرت تسردها بشكل لا ينفصل عن المنحى التشكيلي، توجّه الزمن فلسفيا مع الأفكار ليتحول إلى دلالة نفسية تواجه فلسفة برغسون(*) مع الزمان التي تطرح أسئلة الوجودي والمادي وهو ما يحرك العناصر في لوحاتها أو أفلامها مع دقات الساعة المنفلتة من ضوابط التوقيت كأداء يهرب من قيوده بكسر حواجز الصمت والترقب. * كاتب سعودي متخصص في الفنون البصرية(*) برغسون: فيلسوف فرنسي من فلاسفة العصر الحديث

مشاركة :