الإسلام دين العزة والكرامة دون استعلاء

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة -  الراية : دعا د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأمة الإسلامية إلى عدم الغفلة عن ذكر الله وإلى تطبيق شعار التكبير والتوحيد في حياتنا. وقال فضيلته في خطبة الجمعة بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب: إن أكبر مشاكل أمتنا اليوم مرجعها إلى أنها احتوتها الشياطين من كل حدب وصوب، فأشغلتها عن مقاصدها، وعن الغاية التي من أجلها أخرجها الله تعالى للعالمين، قال صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن الله تعالى: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فْاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ". وقال فضيلته: ورد عن بعض السلف أنه كان دائم الانشغال بذكر الله تعالى، وكان إذا أراد الخلاء لقضاء الحاجة، وضع على لسانه قماشاً حتى لا يتحرّك لسانه بالكلام المقدّس في مكان يحرم فيه ذلك. التشريع والأحكام وقال الخطيب إذا تدبّرنا ما أنزل الله تعالى من التشريع والأحكام والشعائر والعقائد على نبيه صلى الله عليه وسلم لوجدناها تركز على صناعة الإنسان وتربيته للخروج به من حالة الذل والانكسار والخنوع والخضوع والركوع والسجود لغير الله تعالى إلى حالة السجود لله تعالى وحده، والخضوع لله تعالى، وحينئذ تتكامل إنسانيته وتتحقق كرامته وعزته.. وقال: إن الشعائر التي نردّدها هذه الأيام "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، ولله الحمد" لتحقيق هذه العزة والكرامة، ولربط الإنسان وأقواله وأفعاله وسلوكه وتصرّفاته بالله تعالى، فحينما نقول: "الله أكبر" فهذا يعني أن هذا الإله العظيم الذي خلق فسوّى، والذي قدّر فهدى، والذي بيده المبتدأ والمنتهى، والذي هو الأول والآخر والظاهر والباطن هو أكبر من كل شيء، أكبر من كل هذه الأصنام والطواغيت التي تعبد في الأرض من دون الله تعالى. الانكسار لله وأوضح أن المقصود بالعبودية هو السجود، وإنما هو الخضوع والخنوع والانكسار لله وعدم الانصياع لهؤلاء الطواغيت، وتنفيذ إرادتهم فيما يُعارض حكم الله تعالى، ويُخالف الفطرة السليمة.. يجب أن تتركز هذه المعاني في القلوب، فنؤمن حق الإيمان أن الله تعالى أكبر من كل شيء مع الأخذ بالأسباب وجميع السُنن، والأخذ بها من أمر الله تعالى، وليس من أمر الله تعالى الخضوع والخنوع لغيره سبحانه، بأن نجعل شخصاً أو دولة أو نظاماً أكبر من الله تعالى فنهابه، ونخافه ونخشاه، ونهجر شرع الله تعالى إرضاءً له، فهذه هي العبودية التي نهى الله تعالى عنها، وهي ذاتها التي جاهد الأنبياء والمرسلون من أجل تحرير الإنسان منها. أهمية التوحيد وأبان معنى الله أكبر بقوله: بعد أن يتقرّر " الله أكبر" في النفس والعقل والذهب والقلب، تأتي أهمية التوحيد "لا إله إلا الله" الكلمة التي أجمعت جميع الديانات على ترسيخها في النفوس والقلوب، والتي دعا إليها جميع الأنبياء والمُرسلون، وهي العقيدة الخالصة، والسبيل الوحيد للنجاة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وإذا استقر التوحيد وجب على المرء أن يحمد الله تعالى "ولله الحمد" على هذين الشعارين؛ "الله أكبر، ولا إله إلا الله" أن هداه للعزة والكرامة، وأن هداه إلى التوحيد الذي في ظلاله تتحقق له العزة والكرامة. عزة المؤمن وأشار إلى أن الإسلام استطاع أن يوازن بين عزة المؤمن وبين كرامته، وبين اعتزازه وشموخه دون استعلاء ولا تكبّر ولا تجبّر، فالمؤمن عزيز بالله تعالى لكنه غير متكبّر ولا متجبّر، كما أنه وازن بين تواضع المؤمن لإخوانه المؤمنين، حيث قال تعالى: "وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"، وذليل بين إخوته، قال تعالى:"أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" وبين الخنوع والانكسار والخضوع لغير الله تعالى.. فالتواضع مع الإنسان من حيث إنه إنسان بغض النظر عن العقيدة، هو تواضع من أجل الله تعالى، وليس لجاه فلان، أو سلطانه أو ماله. نحن لا نتكبّر على أحد، بل لا نتكبّر حتى على الحيوان، وإن سيدنا سليمان عليه السلام تبسّم ضاحكاً، ودخل السرور إلى قلبه، حين سمع نملة تخاطب قرية النمل، وتأمر النمل بأن يدخلوا مساكنهم؛ خشية أن يحطمها سليمان وجنوده، وهم لا يعلمون. المبادئ الأساسية وأكد على أن التوازن سمة هذا الدين العظيم، ولا يتحقق هذا التوازن لأحد إلا بمجموعة من المبادئ الأساسية، ومن أهمها: إخلاص العبودية لله تعالى، وحصرها في القول والعمل والعقيدة والشعائر والمشاعر والتصرّفات جميعاً، فلا نعبد غير الله تعالى، ولا نشرك به شيئاً، وهي الغاية التي من أجلها خُلق الإنسان. وأضاف: إن إسناد جميع الأعمال التي تتحقق لنا من حياتنا وموتنا، ومن قضايا القضاء والقدر إلى الله تعالى، وهذا ركن أساس من أركان الإيمان، والمسلم حريص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتطبيق أمر الله تعالى. وقال: إن كل شعائر المسلم وكل ما يمس حياته ومماته بيد الله تعالى، ولذلك يفوّض كل أمره إلى الله تعالى، ويسنده إليه سبحانه، مع مُباشرته الأسباب والعمل والأخذ بسنن الله تعالى، وقلبه وعقيدته وتصوّراته مع الله سبحانه وتعالى، وجوارحه تعمل بأمر الله تعالى. كل المشاكل والمصائب ربما تأتي بسبب الخوف من الموت والخوف على الرزق، ولذلك جاءت العقيدة الإسلامية القاضية بوجوب الإيمان بأن الله تعالى هو الرزّاق ذو القوة المتين، وهو واهب الأرزاق، وهو المحيي والمميت، وأنه لا يمكن أن يتأخر أو يتقدّم أجل الإنسان لحظة ولا أقل منها إذا جاء، قال تعالى: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ"، والمقصود بـ"ساعة" أي لحظة.فأجلك بيد الله تعالى، ورزقك بيد الله تعالى، والله قد منحك هذه الروح، فلماذا تخضعها لغير الله تعالى؟.

مشاركة :