زايد همّه الأول الإنسان وكان غيمة تمطر خيراً أينما توجهت

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: آية الديب كان غيمة تحمل الخير أينما توجهت تمطر خيراً، رحب الصدر واسع الأفق صاحب منهج ورؤية شمولية في بناء الدولة وقيادتها، والنهوض بالمجتمع وترقيته، وواجه تحديات عدة، فطويت معه عقود في سنوات، وكانت لقاءاته مع العلماء لا تنقطع، حيث أدرك أن العلم هو مفتاح النهوض بالوطن، وحافظ على التراث والهوية الوطنية فكان مجلسه لا يخلو من الأحاديث التاريخية.هكذا بدأ الدكتور فاروق حمادة، المستشار الديني في ديوان ولي عهد أبوظبي، مدير جامعة محمد الخامس أبوظبي، حديثه ل «الخليج» عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، قائلا: الشيخ زايد كان متميزاً ذا بصمة إقليمية وعربية ودولية، وكان يحمل هموم الإنسان العربي وما يعانيه من مشاكل، فوقف إلى جانب العرب في مواقفهم العصيبة وفي تنمية بلادهم، فكانت عواطفه ومحبته للإنسان وهجاً أينما سار، ولم يكن يوماً منحازاً إلى جهة من الجهات ولا كتلة من الكتل، بل كان مع الجميع يحمل هموم الإنسان ويفكر لمصلحته، وهذا المنهج تقتدي به القيادة الرشيدة، وتسير عليه مع التجديد بحكم تغيرات الزمن، ولكن الثوابت التي تسير عليها وتغرسها لتكون سبيل الأجيال القادمة هو من أسسها. أشار حماده إلى أن المغفور له كان محبًا للعرب، فله بصمات خير وتعاون ومساندة حاضرة بقوة في جميع دول العالم العربي من المغرب إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى مصر إلى الأردن، حيث وقف إلى جانب العرب في مواقفهم العصيبة وفي تنمية بلادهم وأسهم في بناء المستشفيات وبناء المدارس وبناء الأحياء السكنية ودعم طلاب العلم، فضلا عن مؤازراته للقضية الفلسطينية التي أعطاها الكثير من وقته وجهده وماله. وأكد أن مكانة الشيخ زايد، طيب الله ثراه عند أي عربي، عظيمة، فكانت الشعوب العربية تتواصل معه أفراداً ومفكرين وباحثين وأعيانا، حيث كان رحب الصدر واسع الأفق يتحلى بالصبر، محباً للإنسان ويعطف عليه، بغض النظر عن دينه أو لونه أو ثقافته، فكان نصير المظلومين والضعفاء والمساكين والمحتاجين. خطاب للزعماء وتذكر موقفًا جمعه إلى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في تسعينات القرن الماضي، قائلا: كانت لقاءاته مع العلماء لا تنقطع، وكان يعمل على استقطاب العلماء العرب والمسلمين، خلال شهر رمضان، ويسعى من خلال استقطاب العلماء إلى هدفين أولهما فتح المجال للنصح والإرشاد والآخر تأليف القلوب بين العرب، وأسعدني القدر أن أكون واحدًا ممن استقبلهم في قصر البحر، وحينما استقبلنا سلم علينا بترحابه ومحبته وأنسه المعهود، وجلس وبدأ يحدثنا عن المهمة الملقاة على عاتق العلماء في تأليف القلوب وإصلاح النفوس.وأضاف حماده: وقال المغفور له كلمات لا يزال أثرها في قلبي إلى اليوم ولن أنساها، حيث توجه للحديث عن العالم العربي، إذ كان يحمل هموم الاتفاق العربي وقال «أمنيتي أن يجتمع العرب ويتفقوا لتحقيق مصالحهم ورفعتهم». وأشار إلى أنه كتب للزعماء العرب لكي يكون هناك تعاون واتفاق وارتباط فيما بينهم، ليكونوا كتلة واحدة، وقال «كتبت للزعماء العرب بعضهم أجابني وبعضهم لم يجبني»، وأبدى أسفه لعدم استجابة بعض الزعماء. مؤكدا أن لم شمل العرب جميعا يرفع شأنهم ويعيد عزهم. وكان المغفور له، صاحب حديث هادئ عذب جذاب، ولم يكن الناس يسمعون منه إلا الكلمة الطيبة الصادقة الهادفة، وكان مجلسه إنسانيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يضم أعمارا شتى، من المسنين إلى الأطفال، وكان يعامل الجميع على أنهم أبناؤه، ومن حظي بلقائه فلا يسأله المغفور له عن نفسه فحسب، بل عن نفسه وأبنائه وإخوانه أيضا، إذ كانت تنعكس إنسانية الشيخ زايد، على كل من كان يقابله أيا كان عمره، سواء قاصدا لحاجة أو غير ذلك. هوية وطني ولفت حمادة إلى أن إنسانية الشيخ زايد، تبرز في كلماته، فعندما كان يقول بعضهم له، إن أعداد المقيمين بالدولة تزيد على أعداد المواطنين كان يقول «الأرض أرض الله والخلق خلق الله والذي جاء الينا حياه الله»، وهذا البعد الإنساني هو الذي أعطى القوة للإمارات، فضلا عن اهتمامه ببناء أبناء وطنه قبل بناء الوطن، حيث كان يقول «بناء الرجال أصعب من بناء المصانع، والدول المتقدمة تقاس بعدد أبنائها المتعلمين»، حيث وضع- طيب الله ثراه- أساسا صحيحا وقويا إنسانيا علميا معرفيا يستند إلى القيم. وتابع: كانت له فلسفة أن الذي لا ماضي ولا تاريخ، فلا حاضر ولا مستقبل له، لذا كان يركز على احترام الآباء والأجداد وحافظ على عاداتهم ولباسهم وأراد أن ينقلها مرسخة إلى الأجيال الجديدة، فحافظ على التراث والهوية الوطنية، فكان مجلسه لا يخلو من الأحاديث التاريخية، فكان ينقل التاريخ القديم إلى الجيل الجديد ليتشبع به ويكون قدوته وأسوته. تحدّ كبير وأشار إلى انه قبل الشيخ زايد كانت الحركة العلمية ضعيفة في الدولة ككل، وحينما تولى الشيخ زايد، بتوفيق من الله وبإلهام من الله، كان يدرك أن العلم هو قوة الأمم، فألقى باهتمامه على التعليم وتنمية المعرفة بالعلوم المختلفة، وواجه طيب الله ثراه، تحديات للنهوض بالجانب العلمي في الدولة تتمثل في التحدي المالي، وتحدي عدم توافر كوادر بشرية مؤهلة تنهض بالوطن، واستطاع بالثقة بالله أن يواجه التحديات المالية، إذ كان دائما خيره يزداد خيرا يوما تلو الآخر. أما التحدي الثاني، فأرجعه حماده إلى عدم توافر كوادر بشرية تنهض بالحركة العملية في الدولة، وبين أن المغفور له واجهه باستقطاب الكفاءات العلمية من عدد من البلاد العربية وغير العربية، وأعطاهم الامتيازات وكرّمهم، فأحبوا الإمارات وأصبحوا يخدمون هذا الوطن ويقدمون خبراتهم بإخلاص ووفاء، ولذا ارتقت دولة الإمارات بسرعة فائقة، واستطاع المغفور له أن يطوي المراحل الطويلة التي تستغرق عقودا في سنوات معدودة، بصدق نيته وإخلاصه، إلى أن أصبحت الإمارات الآن تصدر الكفاءات في قطاعات شتى. وبالنسبة لقطاع التعليم العالي، التفت المغفور له إلى أهميته في وقت مبكر، وتوجه إلى إنشاء جامعة الإمارات، بما كان له أثر كبير في تحول مسيرة التعليم في الدولة، إذ تخرجت فيها أفواج كثيرة بكفاءات عالية من المواطنين والمقيمين، ثم عمل على إنشاء جامعة زايد والجامعات الأخرى، وكان يدرك أن الدولة لا بد أن تساير التطور البشري للحضارة الإنسانية، فأنشأ معاهد التعليم العالي والمعاهد التقنية، وكانت هذه المؤسسات هي الرافد الأساسي والركيزة الأساسية لتحقيق طفرة تعليمية داخل الدولة، وجاء أبناؤه، وتابعوا مسيرته، ولهذا نجد الجامعات الكثيرة وضع أساسها الشيخ زايد وأعلى الصرح أبناؤه.وأكد أن المغفور له، لم يكن يبخل على قطاع التعليم، فخصص الميزانيات الضخمة وأعطى للطلبة المواطنين والعرب، المنح وهيأ لهم الجو المناسب وكل ما يحتاجون إليه من كتب، ومن مستلزمات جامعية، ليكونوا رجال المستقبل المتمكنين في مجالاتهم وتخصصاتهم. بعثات خارجية وأردف: وفي الوقت الذي كان يستقدم فيه الكفاءات في مختلف المجالات من الخارج، عمل المغفور له على إرسال البعثات من الذكور والإناث إلى الخارج، ليأتوا بخبرات حقيقية وصحيحة من تلك البلاد التي يذهبون إليها، حيث ارسل البعثات إلى بلدان عدة، لدراسة تخصصات متنوعة، ولم يكن يبخل على هذه البعثات، فكان يعطيهم منحًا عالية ويهيئ لهم كل ما يحتاجون لتوفير البيئة المناسبة لكي يتعلموا بها، وعندما عادت هذه البعثات إلى أرض الوطن، كانوا يتمتعون بكفاءات عالية، بما أسهم في نهضة الدولة بسرعة تختصر الزمن، مشيرا إلى تقديم المغفور له تسهيلات لإرسال البعثات من النساء للخارج، حيث كان يرفق مع النساء محارمهم، لصعوبة سفر المرأة بمفردها. بيئة محافظة ورأى حمادة، أن المغفور له لكي ينهض بالوطن، كان عليه النهوض بالمواطنين الذكور والإناث، والنهوض بتعليم النساء وإدماجهن في المجتمع، لتكون المرأة منتجة كان أمرا صعبا نتيجة البيئة المحافظة، لكنه وجه المجتمع إلى الطريق الصحيح وإلى أهمية دور المرأة، وعزز من التوعية، فأنشأ عددا من المؤسسات الداعمة للمرأة، فدخلت المرأة في الحياة العامة، إلى أن أصبح لها اليوم دور بارز في القطاعات المختلفة. علوم إسلامية وقال: لم يكن الشيخ زايد، يهمل أو يتجاهل العلوم العربية والإسلامية، حيث حظيت باهتمامه الكبير، ولهذا أنشأ برنامج تحفيظ القرآن الكريم للأطفال، وفتحه كذلك أمام الكبار، واستقدم علماء الدين الإسلامي من خارج الدولة، ليقوموا بالشؤون الدينية، حتى هيأ الجو، وصارت البنية والأرضية الاجتماعية مهيأة لإنشاء جامعات تخرج دراسات إسلامية ودراسات للغة العربية، وأسس جامعة الإمارات، ودعم طباعة الكتب العربية والإسلامية ونشرها، فضلا عن اعطائه المنح للدارسين لدراسة العلوم الإسلامية خارج الدولة، فكان يرسل بعثات لدراسة العلوم الإسلامية في الأزهر الشريف بمصر، وعدد من البلاد العربية. وأضاف: وعمل المغفور له، على إنشاء مراكز العلوم الإسلامية، داخل الدولة، لتبث الثقافة والعلوم الدينية، ولم يكن في عهده جامعة مستقلة للدراسات الإسلامية، لكن هو من وضع الأساس لهذه الدراسات بالدولة، لافتا إلى تخرج طلاب في جامعات مختلفة في تخصصات اللغة العربية والعلوم الإسلامية، فضلا عن دعمه للعلوم الإسلامية والعلماء خارج الدولة، إذ أنشأ مراكز لتحفيظ القرآن في الخارج، وامتدت آثاره في هذا الجانب من الصين إلى أمريكا.

مشاركة :