أرنولد توينبي والعرب !

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خيري منصور يعدّ المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي من أشهر وأهم المؤرخين في العصر الحديث، لأنه أولاً صاحب نظرية متكاملة في ضوئها قرأ التاريخ البشري، وهي نظرية التحدي والاستجابة، وقد وجد أن البيئات والثقافات الجامدة التي تفتقد إلى المرونة تعجز أخيراً عن التأقلم وتجديد ذاتها ، وهناك مجتمعات انقرضت عضوياً أو معنوياً بسبب العجز عن الاستجابة للتحديات، وهي نوعان تاريخية وطبيعية. والتاريخية تلك تضع مصائرها حروب وصراعات، أما الطبيعية فهي الصراع مع المناخ والبيئة، والشعوب التي تبتكر أساليب حياة من صميم بيئاتها، تستمر بعكس تلك التي تفشل في التأقلم، وقد حدث هذا لحيوانات أيضاً كالديناصور . وحين زار المؤرخ توينبي مصر في زمن الراحل عبد الناصر والتقاه عدة ساعات، كان جزء من الحوار متعلقاً بنظرية التحدّي والاستجابة ، فهو كان معجباً بمصر التي امتصّت غزاتها وأعادت إنتاجهم، لأنها كما قال من المجتمعات التي لا تعاني عسر هضم ديموجرافي، ولديها من الدفاعات عن جوهرها ما يؤهلها لتمصير الوافدين إليها . فروّاد نهضة القرن التاسع عشر القادمون من بلاد الشام، هضمتهم مصر، وحتى بعض الأوروبيين الذين غيّروا أسماءهم واندمجوا في المجتمع. ومن المعروف أن تل أبيب عندما زارها توينبي لم تحتف به بل عاملته بشيء من الجفاء، لأنها تعرف موقفه المنحاز للعرب وحضاراتهم، فهم عاشوا في بيئات ومناخات شديدة القسوة، لكنهم حوّلوا الصحراء إلى امتياز جغرافي، مثلما حوّلوا البعير إلى سفينة، ولم يكن توينبي مضطراً لاعتبار العرب من الأمم القليلة التي استجابت للتحديات على المستويين معاً ، التحدي التاريخي وتعاقب الغزاة والتحدي المناخي! khairi_mansour@yahoo.com

مشاركة :