شيماء المرزوقي أصبت بالحزن وأنا أستمع لإحدى الصديقات وهي تحكي عن الذهول الذي يتملك جدها الذي تجاوز من العمر التسعين عاماً، وهي تسرد تفاصيل استغرابه وعدم التصديق عندما أطلعوه على البعض من التقنيات الحديثة، تقول وهي تضحك بأنه خاف. في الحقيقة هذا الموقف يبين لنا جانباً مهماً جداً من حياة كبار السن، هم صحيح يعيشون معنا وصحيح أننا نرعاهم بحب وشغف وحنان، ولكن في الحقيقة هم منفصلون عن حياتنا، نحن نمنحهم من وقتنا ما نريده ونحجب جوانب كثيرة، على سبيل المثال كم فتاة عندما تخرج مع زميلاتها تمسك بيد جدتها وتأخذها معها وتعرفها على الصديقات ويشاركنها الحديث والكلام ويسمعن ذكرياتها وقصصها؟، كم من الأبناء وهو متوجه نحو أصدقائه في أحد المقاهي يأخذ جده ليجلس معهم؟. أدرك بأن هناك من سيقول إن الجلسة لن تعجب الجد، لأن العقليات مختلفة والاهتمامات متباينة، وسأجيب: ماذا سيحدث إذا ضحى ذلك الابن وأصدقاؤه بجلستهم وخصصوها للجد والجلوس معه والاستماع منه لمرة في الأسبوع أو لمرتين، هل سيكون في هذا نهاية العالم؟.أمهات وآباء، يتركون آباءهم وأمهاتهم المتقدمين في العمر في المنازل لأشهر لا يخرجون إلا للعيادة الطبية أو لموعد ومراجعة المستشفى، رغم أنك تشاهد هذا الأب وتلك الأم، يخرجون عشرات المرات في اليوم، لكنهم لا يتذكرون تلك المرأة المسنة أو الرجل المسن القابع في المنزل، والبعض يحضر ممرضاً ليرعى أباه أو أمه ثم يترك العنان لنفسه، فلا يجلس مع والديه إلا للحظات في الأسبوع، والبعض تمر أشهر دون أن يراهما. ولكم أن تتخيلوا تعامل الأحفاد مع الجدة أو الجد، وهم يرون تعامل أمهاتهم وآبائهم؟.أشرِكوا كبار السن في مختلف تفاصيل حياتكم، دورهم لم ينتهِ وفعاليتهم في الحياة لم تتوقف، علموهم على الكمبيوتر ومواقع التواصل الاجتماعي، وأعطوهم نبذة عن التطبيقات الحديثة والأجهزة والتقنيات المختلفة، كبار السن ليسوا خارج الحياة، لكنهم عاشوا مرحلة عمرية مختلفة وحياة مختلفة قليلاً عن حياتنا، بالتعليم والمشاركة سنضفي على حياتهم الحيوية والنشاط، وسيشعرون بحبنا لهم، فلا أفضل من مشاركة كبير السن في موضوع ما لفتح قناة من الحوار والحديث والتواصل معه. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :