تحل اليوم السبت، 25 من أغسطس، ذكرى وفاة الفيلسوف الألماني نيتشه "15 أكتوبر 1844 - 25 أغسطس 1900"، الذي كان من أبرز المهتمين بعلم النفس، وكان عالم لغويات متميز. كتب "نيتشه" نصوصًا وكتبًا نقدية حول الدين والأخلاق والنفعية والفلسفة المعاصرة المادية منها والمثالية الألمانية، وكتب عن الرومانسية الألمانية والحداثة أيضا، بلغة ألمانية بارعة. يُعد من بين الفلاسفة الأكثر شيوعًا وتداولًا بين القراء، كثيرًا ما تفهم أعماله خطأ على أنها حامل أساسي لأفكار الرومانسية الفلسفية والعدمية ومعاداة السامية وحتى النازية، لكنه يرفض هذه المقولات بشدة ويقول بأنه ضد هذه الاتجاهات كلها. يعد نيتشه إلهام للمدارس الوجودية، وما بعد الحداثة في مجال الفلسفة والأدب في أغلب الأحيان.. روج لأفكار توهم كثيرون أنها مع التيار اللاعقلاني والعدمية، استخدمت بعض آرائه فيما بعد من قبل أيديولوجي الفاشية، وتبنت النازية أفكاره.. رفض نيتشه الأفلاطونية والمسيحية الميتافيزيقيا بشكل عام ودعا إلى تبني قيم جديدة بعيدا عن الكانتية والهيغيلية والفكر الديني والهلنستية.كما سعى إلى تبيان أخطار القيم السائدة عبر الكشف عن آليات عملها عبر التاريخ، كالأخلاق السائدة، والضمير. ويعد نيتشه أول من درس الأخلاق دراسة تاريخية مفصلة. وقدم نيتشه تصورا مهما عن تشكل الوعي والضمير، فضلا عن إشكالية الموت. كان نيتشه رافضا للتمييز العنصري ومعاداة السامية والأديان، رفض أيضا المساواة بشكلها الاشتراكي أو الليبرالي بصورة عامة.يعد كتابه "عدو المسيح" من أشهر مؤلفاته مع "هكذا تكلم زراديشت"، ويتميز "عدو المسيح" بأنه من أبرز الكتب التي تميزت بالجرأة والشدة في انتقاد المسيحية، كما أنه يحوي خلاصة فهم نيتشه لدور المسيحية في الحضارة الإنسانية.أما كتابه "ما وراء الخير والشر" هو كتاب مركزي بين مؤلفات "نيتشة" وينتمى للمرحلة الختامية من سيرته الفكرية، ويشكل حقل اختبار للأفكار الدينامية التي تميز بها نيتشه عن من سواه من الفلاسفة، وهو في جوهره نقد للحداثة.كما يقول نيتشة نفسه، نقد لا تستثنى منه لا العلوم الحديثة ولا الفنون الحديثة ولا حتى السياسة الحديثة، إنه خلخلة من منظور أرستقراطي، لقيم "التمدن" كلها بدءا من الموضوعية العلمية ومطلب الحقيقة المجردة وصولا إلى المساواة والتقدم، مرورا بحقوق الإنسان والمواطن، وأخلاق التراحم والعطف، وحقوق المرأة.ولخص "نيتشه" أفكاره الفلسفية في كتابه: "هكذا تكلم زرادشت" الذي قال عنه إنه "دهليز فلسفته". ويعتبر هذا الكتاب بحق علامة من علامات الفلسفة الألمانية، فعلى الرغم من مرور أكثر من مائة عام على تأليفه إلا أنه لازالت لأفكاره صدى كبير، لدرجة أن البعض يعده من أعظم مائة كتاب في تاريخ البشرية. وقد أثرت أفكار هذا الكتاب في مجالات إنسانية عدة كالحرب، والسياسة، والفن، فعلى سبيل المثال: كان بعض الجنود في الحرب العالمية الأولى يضعونه في حقائبهم، ويرى البعض أن أفكاره عن "الإنسان المتفوق" مثَّلت الأساس الذي قامت عليه الأيديولوجيا النازية فأشعلت الحرب العالمية الثانية، كذلك امتد أثر هذا الكتاب إلى الأعمال الفنية، فكان من أبرزها مقطوعة الموسيقار "ريتشارد شتراوس" التي حملت نفس اسم الكتاب، وفيلم "أوديسة الفضاء" ﻟ "ستانلي كوبريك".
مشاركة :