هوس المعجبين بالفنانين... سلاح ذو حدين

  • 8/27/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كم من مرة تناهت إلى مسمعنا قصص ترتبط ارتباطا مباشرا بمعجبين لفنانين كثيرين يظهرون مدى حبهم لهذا المطرب أو ذاك بطرق وأساليب خارجة عن المألوف. فمن منا لم يسمع بـ«مهووس نانسي» و«مهووس مايا» و«مهووسة إليسا» وغيرها من الألقاب التي ترافق المعجبين عادة بمطربهم المفضل. وبعض هؤلاء المعجبين لا يتوانى عن المبالغة أحيانا بتصرفاتهم للفت انتباه النجم ولو تطلب منه الأمر إطلاق الرصاص عليه. وما حصل مع الفنان راغب علامة في أواخر التسعينات خير دليل على ذلك. فلقد كان يومها يحيي حفلا غنائيا في الأردن فأطلق عليه أحد المعجبين 4 رصاصات، واحدة منها أصابت قدمه إصابة مباشرة، فنقل على إثرها إلى المستشفى. وبحسب وزارة الداخلية الأردنية تبين أن مطلق النار هو أحد معجبيه المعروفين. وصرح علامة عقب محاولة اغتياله: «إنه أحد المعجبين بفني أعرفه بالشكل لأنه التقط صورا تذكارية كثيرة معي». أما أحد المعجبين بالفنانة مايا دياب فهو لم يتوانَ عن تحويل شكله الخارجي إلى صورة طبق الأصل منها تعبيرا عن حبه الكبير لها، وظهر معها في أحد إطلالاتها التلفزيونية. وأحدث ما جرى في هذا الإطار فقد واكبناه مؤخرا مع الفنانة إليسا. فما قامت به إحدى المعجبات تجاهها وعلى العلن تسبب بإزعاجها إلى حد جعلها ترد على المعجبة عبر «تويتر» طالبة منها التوقف عن القيام بهذه الأمور قائلة لها: «رجاء توقفي». وكانت المعجبة قد نشرت فيديو عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم الشفرة لتحفر عبارة «إليسا بحبك» على يدها. وسجلت مراحل حفر هذه العبارة على يدها حتى تلطخت يدها بالدماء. وعلّقت المهووسة على الفيديو مستعينة بأغنية ناصيف زيتون «حبك عامل لي إدمان ماشي بدمي الشريان» وتابعت: «بحبك من كل قلبي أنت سعادتي وأحلى شيء بحياتي إليسا، وأصعب شعور إنو الواحد يحس فيه بيحب حدا اكتر من 8 سنين وما يعرف هل حدا بهل حب مجنونتكِ زهراء المرشدي». وما كان من إليسا إلا أن حاولت تهدئة هذه المعجبة متوجهة إليها بالقول: «أعرف كم تحبيني وأنا أحبك كثيرا ولكن إيذاء نفسك لن يساعد في إثبات وجهة نظرك. توقفي لأنه لن يجعلني مرتاحةً، وسأنزعج لرؤية شخص ما يؤذي نفسه». وانهالت عليها التعليقات غير المؤيدة لما فعلته، معتبرة أن هذا التصرف يعرضها لأذية نفسها ويزعج الآخرين. تتكرر مشاهد اقتحام المعجبين خشبة المسرح التي يقف عليها مطربه النجم في حفل يحييه. فيحاول التقرب منه قدر المستطاع وبث إعجابه به. وتأتي ردود فعل المطربين أحيانا سلسة تتفاعل مع المعجب بهدوء كي لا تحدث بلبلة معينة، فيما يعتمد غالبية النجوم تثبيت حواجز حديدية إضافة إلى أخرى بشرية مؤلفة من رجال أمن و«بودي غاردز» لتفادي حصول مثل هذه الأمور معهم أثناء أدائهم وصلاتهم الغنائية في حفلة معينة. ففي إحدى الحفلات التي كانت تقدمها نانسي عجرم في جرش دفع هوس أحد معجبيها الشباب، وهو دون العشرين من العمر إلى تحدّي الأمن الأردني بمحاولته التسلّل من خلف المسرح متسلقاً الأعمدة الحجريّة ببراعة. وليُفاجئ رجال الأمن وفرقتها الموسيقيّة بوجوده في أعلى المسرح الأثريّ. فهرعوا إلى المكان وطالبوا منه النزول فوراً، ثمّ اقتادوه إلى خارج المسرح. عند ذلك توقّفت نانسي عن الغناء من وقع ما حدث، كي تطمئن نفسها إلى سلامة الوضع، قبل أن تتابع أداء أغنيتها الثالثة. ولمّا أنهت تلك الأغنية، فاجأت نانسي الجمهور بطلبها إلى رجال الأمن الأردنيين أن يأتوا بالمعجب إلى المسرح، وهتف الآلاف من محبّيها الحاضرين بكلمة: «جيبوه، جيبوه، جيبوه». وبالفعل استجاب الأمن لطلبها، بعد أن أحرجته بتوقّفها عن الغناء، وأحضر إليها المعجب غير مصدّق بأنّه نجح في نيل مراده بالتقاء نجمته المفضّلة نانسي عجرم فقبّل يديها بعفويّة من شدّة حبّه وتأثّره. لكنّ نانسي لم تكتفِ بالتصوير معه فقط، بل عانقته شاكرة له محبّته، وبقلب الأمّ طلبت منه ألا يُجازف بحياته الغالية مرّة ثانية لأجل أي أحد حتّى لو كانت هي. يعتبر بعض الفنانين المعجبين بهم بأنهم مصدر قوة لهم. فهم يتابعونهم بشغف ويلاقونهم في حفلاتهم وأحيانا كثيرة يرسل وراءهم الفنان نفسه لإحداث أجواء حماسية في مقابلة تلفزيونية يجرونها. كما يعترفون بأن الأمر يتسبب لهم أحيانا بمواقف حرجة هم بغنى عنها ولذلك يحاولون قدر الإمكان التعامل معها بهدوء. فخسارة قاعدتهم الشعبية تضعف من مكانتهم على وسائل التواصل الاجتماعي حيث حمى المنافسة بين النجوم على أشدها لإظهار الأعداد الهائلة من المعجبين (فولوويرز) التي يمتعون بها. ويرى الأخصائي الاجتماعي دكتور عبدو قاعي بأن الشعور بالإعجاب تجاه شخص ما في أي نوع من العلاقات يزود متلقيه بالسعادة وبالثقة بالنفس. فكيف إذا كبر حجمه ليلامس الملايين كما نشهد اليوم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي ألغت الحدود والحواجز بين البشر؟ ويوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وما دام الموضوع يدور حول هذا المحور أي الإعجاب العادي يبقى الأمر طبيعياً. ولكن عندما يتخطى ذلك ليصبح هوسا فيتعلق صاحبه بأحد ما مشهورا كان أو شخصا عاديا بشكل يتخطى فيه الحدود الطبيعية يتحول إلى مرض يجب اتخاذ الحذر منه». ويرى دكتور قاعي بأن الفنان بشكل خاص أو أي وجه مشهور يثبت استمراريته ومشواره المهني من خلال معجبيه الذين يحفزونه على تقديم الأفضل. وبحسب رأيه فإنهم يطيلون عمر مهنته فيصبحون أحد العناصر الأساسية لنجاحاتهم ولشعورهم بالاكتفاء والفرح. ويضيف: «هناك تاريخ طويل وغني بين النجوم والمعجبين بهم. وإذا عدنا إلى زمن الفن الجميل أيام أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وسعاد حسني وغيرهم، فسنستذكر قصصا كثيرة حول معجبين متيمين بهم إلى حد الإزعاج. وهؤلاء المهووسون موجودون في كل زمن وهم عادة ما يعانون من فراغات عاطفية يحاولون تعبئتها كل على طريقته».ويعد مقطع الفيديو المتعلق بالفنان المصري تامر حسني الذي عاد ليتم التداول به على وسائل التواصل الاجتماعي بعد مرور أكثر من عام على تصويره، أحد أطرف المواقف المتعلقة بهذا الموضوع. ويأتي ليكون بمثابة نموذج حي عما يمكن أن يعاني منه فنان ما بسبب هوس أحد معجبيه. ويظهر تامر حسني فيه أثناء إحيائه حفلاً في مهرجان «هلا فبراير» في الكويت وهو يهرول على الخشبة محاولا الاختباء وراء أحد العازفين في فرقته الموسيقية بسبب إحدى المعجبات التي اعتلت المسرح فجأة لتحاول تقبيله.

مشاركة :