غيب الموت، أمس الأحد، حجاب بن نحيت، بعد رحلة طويلة من الحضور اللافت في محطات متنوعة، بدأت بالشعر، والطرب، وانتهت بالتجارة، وحقق شهرة واسعة في جميع هذه المحطات.دخل الراحل عالم الفن الذي عشقه في سن مبكرة، وكان يملك موهبة فذة في هذا الجانب، حيث نجح في أول اختبار له وهو في سن الخامسة عشرة، ليلج عالم الطرب من أوسع أبوابه، ويحقق التميز والتفرد والريادة، قبل أن تتشكل في بلاده ملامح هذا الفن، متسلحاً بموهبة شعرية فذة، وصوت ساحر، وألحان شجية، فكانت جل - إن لم تكن جميع أغانيه - من كلماته وألحانه وأدائه، واستحق معها أن يطلق عليه «رائد الفن» بعد أن تسيد الساحة الفنية الشعبية في بلاده منذ الستينات الميلادية وحتى اعتزاله الغناء في منتصف السبعينات، ودخوله عالم التجارة بامتلاكه سوقاً تجارية كبيرة حملت اسمه شرق العاصمة السعودية الرياض.قدم الراحل أعمالاً فنية بعيدة عن الإسفاف والبذاءة، وأجاد تقديم ما يمكن تسميته بـ«الأغنية القصصية»، فكانت أغلب أعماله الغنائية التي يؤديها بصوته ومن كلماته وألحانه لها دلالات أخلاقية.كانت بداية ظهور الشاعر حجاب بن نحيت في عام 1964، حيث طرح أول أغانيه عبر أغنية «يا بوي أنا»، وسجلها بعقد مالي اعتبر في وقتها الأعلى لفنان سعودي، من خلال أجهزة التسجيل على الأقراص البلاستيكية (الأسطوانات)، وحققت الأغنية شهرة واسعة وذاع صيت مؤديها بالبلاد ليستمر على نهجه في مساره الفني باختيار الكلمات الجيدة ذات الدلالات والألحان الشجية والأداء الساحر والراقي. ومثل قلة من الشعراء المبدعين، الذين سجل التاريخ أنهم دخلوا في باب «رثاء النفس»، فقد رثى حجاب بن نحيت، وهو الذي اشتهر بإجادته الشعر النبطي أو الشعبي، نفسه، قبل وفاته أمس بقصيدة بالفصحى تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.ترك الراحل حجاب بن نحيت سيرة عطرة في كل محطاته، وركضه في مضمار الحياة طيلة أكثر من سبعة عقود منذ خروجه من قريته مركز الفوارة في منطقة القصيم التي ولد بها عام 1944، وحتى وفاته أمس بعد مرض لم يمهله طويلاً، وجمع بين أصالة البداوة ورقة الحضارة، وتسيد الساحة الفنية الشعبية وسط الجزيرة العربية، في وقت لم تتشكل فيه بعد ملامح الفن في بلاده.وعبر الفنان السعودي صالح السيّد لـ«الشرق الأوسط»، عن حزنه لرحيل الشاعر والفنان حجاب بن نحيت، ووصفه بأنه أحد مؤسسي الفن الشعبي في بلاده، وساهم في تحقيق الريادة والحضور في ذلك، مشيراً إلى أن الراحل نجح خلال رحلته مع الفن في تقديم الألوان البدوية وأظهرها للمتلقي، منذ الأسطوانات حتى ظهور التلفزيون والمسرح الغنائي، والتسجيلات بالتقنيات الحديثة، معتبراً أن الراحل مثل مدرسة خاصة استفادت من كونه شاعراً وملحناً ومؤدياً مميزاً، كما ابتدع ما يمكن تسميته بـ«الأغنية القصصية» التي حقق من خلالها حضوراً وتفرداً.ولفت الفنان السيد أنه شارك الفنان الراحل في رحلته الفنية من خلال تأدية أغانٍ قدمها من كلمات الراحل، مشيراً إلى أنه أنهى مؤخراً مجموعة من الأعمال بتأدية أغاني وكلمات الراحل التي تميز بها.
مشاركة :