أبدى محمود البدوي، المحامي بالنقض والدستورية العليا، وعضو الفريق الوطني لمناهضة العنف ضد الأطفال، انزعاجه الشديد من تصاعد وتيرة العنف الأسري والمجتمعي الملحوظ بحق الأطفال، والتي زادت وتيرتها بدءا من أحداث يناير 2011 وحتى الآن.وقال البدوي إنه في ظل ما تذخر به مصر من بناء تشريعي غير مسبوق بالعديد من دول العالم، إلا أنه ما زال يصطدم بأفكار تكاد تكون تنكر كل تلك المكتسبات والحقوق التي حصل عليه الطفل المصري "على الورق فقط" ولعل واقعة مقتل طفلي الدقهلية (غرقًا) بمعرفة والدهما (وفقًا لما ورد بأقواله بمحاضر التحقيقات)، ما زالت تقض مضاجع كافة المهتمين بشأن حقوق الأطفال بمصر، ولم نستطع أن نفيق من هول صدمتها حتى كانت واقعة أكثر بشاعة وخسة وهي المتمثلة في ما شهدته محافظة الإسكندرية من جريمة بشعة هزت أركان المحافظة، وبعد أن تجرأت أم على قتل طفلتها الرضيعة شنقًا لبكائها المستمر، ثم واقعة أكثر بشاعة بمحافظة المنيا قامت فيها الأم بإلقاء طفليها بالترعة على خلفية مشاكل بينها وبين زوجها وبعد أن أرادت الكيد له عن طريق قتل طفلاه فمات واحد وأنقذت العناية الإلهية الآخر.وتابع: وقبلها ما زالت شاخصة بالأبصار واقعة قتل طفلي دمياط بمعرفة والدهما بعد تعديه عليهما بالضرب المبرح جراء قيامهما بسرقة بعض الأموال منه، وجميعها وقائع في حيز زمني ضيق جدًا نستطيع الجزم من خلاله على أن أطفالنا في مواجهة مباشرة مع موجه عاتية وغير مسبوقة من العنف المفرط والذي لا يحترم حقوقهم التي أكد عليها الدستور والقانون وكذا الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر في هذا الصدد.وأضاف خبير حقوق وتشريعات الطفل أن تلك الوقائع جاءت جميعها خلال فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين، ما يؤكد ما وصل إليه حال الطفل المصري من إنكار لحقوقه بواسطة من هم يفترض فيهم حمايته ورعايته والدفاع عنه، بل والنظر إليه (في بعض الحالات) على أنه كلأ مباح لكافة معدومي الضمير ومنتهكي حقوق الأطفال.وأكد أننا صِرنا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر والتقييم لكافة السياسات الحمائية الخاصة بالطفل بدءًا من محيطه العائلي وصولًا إلى المجتمع ككل، إذ أننا لسنا في حاجة إلى تعديلات تشريعية ومواد قانونية بل نحن بحاجة ماسة وملحة إلى الاعتراف ابتداءً بأن 40% من جملة التركيبة السكانية هم من فئة الأطفال وبأنهم أصحاب حقوق إنسانية ودستورية وقانونية، وبالتالي يجب توفير الحماية اللازمة لهم في كافة الدوائر المحيطة بهم.وطالب البدوي أيضًا مؤسسة الرئاسة بضرورة تبني حملة رسمية ومجتمعية تهدف إلى نشر الوعي المجتمعي الداعم لحقوق الطفل والهادفة إلى نشر مفاهيم التربية الإيجابية للأطفال وخاصة في محيط الأسرة أولًا، ثم ننتقل منها إلى المجتمع رويدًا رويدًا وصولًا إلى تحقيق هدف أكبر نطمح إليه بأن نكون وسط مجتمع (صديق للطفل وجدير به) فعلًا وليس قولًا، ما يتطلب أيضًا إرادة سياسية داعمة لحقوق الطفل وهو ما توافر فعلا بدعم رئاسي صريح بدء من 2014 وحتى الآن ثم توحيد أطر التعاون البناء والفاعل والحقيقي بين كافة الأفراد والجهات والهيئات التي هي على تماس مع قضايا الطفل المصري، وهو حلم نتمنى تحقيقه ونرى أن تحقيقه وإن كان صعبا، إلا أنه ليس مستحيلا.
مشاركة :