لا يزال المستهلكون يفضلون زيارة المتاجر التقليدية على نحو منتظم على رغم النمو المضطرد الذي تشهده سوق التجارة الإلكترونية، ما يحتّم على تجّار التجزئة إعادة التفكير بنموذج أعمالهم بغية مواصلة أحدث التوجهات في القطاع. ووفقاً لأحدث تقارير «استطلاع آراء المستهلكين حول العالم» الصادرة عن شركة «برايس ووترهاوس كوبرز»، لا تزال هناك رغبة متنامية لدى المتسوّقين لخوض تجربة زيارة المتاجر التقليدية، إذ أشار 44 في المئة من المشاركين في الاستطلاع، إلى قيامهم بالتسوق في المتاجر التقليدية على نحو أسبوعي. ولفتت الدراسة التي تُعنى بتقويم السلوكيات والعادات والتوقعات الخاصة بالتسوق لدى أكثر من 22 ألف مستهلك في أكثر من 27 موقعاً حول العالم، إلى النمو المتواصل الذي شهدته النسبة المئوية للمتسوقين ممن يرتادون المتاجر التقليدية على نحو منتظم خلال الأعوام الأربعة الماضية، ما يبرهن على إمكان بقاء المتاجر التقليدية في العصر الرقمي وازدهارها. وقال الرئيس التنفيذي لقسم التحسينات في شركة «إيه إم دي أوبتيموس» وعضو المجلس الاستشاري لـ «معرض المتاجر الذكية» مارك جونسون، إن «قطاع التجزئة يشهد تطوراً ملحوظاً. ولكي يتمكن اللاعبون الرئيسيون في القطاع من الحفاظ على حضورهم، يتعين عليهم اعتماد الابتكارات القائمة على التكنولوجيا للارتقاء بكفاءتهم وإنتاجيتهم». وأضاف أن «تجار التجزئة مطالبون بالتفكير وبلورة فهم معمق لسبل توظيف التكنولوجيا المتقدمة بما يعود بالفائدة على زبائنهم، إذ قد ينظر البعض إلى التكنولوجيا كوسيلة لحل المشكلات، لكن يمكن هذه التقنيات في المقابل أن تزيد من تعقيد تلك المشكلات». وتابع أن «الحل الرئيس هنا يتمثل في بلورة فهم وافٍ لتحديد أي من التقنيات الناشئة يمكن أن تكون ملائمة بالنسبة الى التاجر وزبائنه، وهو ما يشكل جزءاً أساسياً من مسيرة التحول الرقمي». واعتبر مدير قسم المبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة «تي إس سي أوتو آي دي تكنولوجي الشرق الأوسط» مقدوم محمد، أن «تجار التجزئة اكتشفوا أنهم يستطيعون الاستفادة من التكنولوجيا في جعل استراتيجياتهم وعملياتهم التشغيلية أكثر سلاسة، فضلاً عن دورها في تحقيق عائدات كبيرة على الاستثمارات». وأضاف أن «الضغوط المتنامية لتوحيد البيانات بدءاً من إدارة المخزون ومروراً بالتسعير ووصولاً إلى تحسين سلاسل التوريد، تتطلب تأمين وصول سهل إلى البيانات وأدوات التحليل بما يتيح للشركات العمل على نحو أكثر كفاءة». وأشار مدير قسم التسويق والعمليات في شركة «إكسارك» بليك أرمسترونغ، إلى «الدور المهم الذي تلعبه تقنية التعرّف بالتردد اللاسلكي (RFID) في تحديث قطاع التجزئة، وإحداث نقلة نوعية في الكفاءة التشغيلية لسلاسل التوريد». وأضاف أن «هذه التقنية تساهم في شكل فاعل في زيادة المبيعات وتعزيز مشاركة الزبائن، كما تساعد في تحسين مراقبة عمليات تدفق البضائع من المصانع إلى الموزعين وصولاً إلى منصات البيع، فضلاً عن الدور الذي تلعبه في أتمتة عمليات إدارة المخزون، فضلاً عن تحسين معدلات توافر المنتجات ودقة جرد المخزون بنسبة تصل إلى 98 في المئة». من ناحية ثانية، شدّد الرئيس التنفيذي للشؤون التقنية في شركة «إنتغريتد يونتس» منيب جانغوا، على «أهمية أن يقوم تجار التجزئة التقليديون باستكشاف بيئة المعلومات المكثفة للأعمال لكي يتمكنوا من منافسة منصات الأعمال الإلكترونية». وأضاف: «ينبغي لمتاجر التجزئة التقليدية التكيف مع الظروف المتغيرة في الأسواق وإنجاز عملية التحول الرقمي قبل أن تجد نفسها متأخرة عن منافساتها». ولفت إلى أنه «على رغم عدم وجود تقنية موحّدة تلائم أذواق الجميع، إلا أن ثمة حقيقة واحدة مؤكدة وهي أن تجارة التجزئة الرقمية تركّز على الزبائن بالدرجة الأولى. ومن هنا، فإن جعل العروض التجارية متكيفة مع الواقع الراهن يشكل السبيل الأمثل لتحقيق الازدهار في المستقبل، ولا شك أن ذلك سيشكل نقلة نوعية في قطاع التجزئة وسيعود بنتائج مذهلة».
مشاركة :