الرمثا: ماجد الأمير مدينة الرمثا الأردنية لا يفصلها إلا عشرات الأمتار عن مدينة درعا السورية، لدرجة أن القنبلة التي تسقط في درعا يسمع دويها في الرمثا. واليوم يتابع أهالي الرمثا التطورات المتسارعة على الجبهة السورية وما يدور عن توجيه ضربة عسكرية، وسط خشية من تأثيرات تلك الحرب عليهم. ويطالب أهالي الرمثا الحكومة الأردنية بالعمل بشكل سريع على تأمينهم بوسائل وقاية من احتمالات تأثير أسلحة كيماوية عليهم في حال تطورت الحرب هناك. وانتقد النائب عن مدينة الرمثا، عبد الكريم الدرايسة، ما وصفه بأنه غياب أي دور للحكومة في توعية الناس بمخاطر ما قد يحدث جراء تأثيرات الضربة العسكرية المحتملة. وقال «لا يوجد أي دور للحكومة الأردنية في هذه المدينة الحدودية، فضلا عن غياب أي استعدادات من السلطات الرسمية لاحتمالية الحرب». وطالب الحكومة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بتوفير كمامات للوقاية من الأسلحة الكيمائية «لأن منطقتنا تبعد أمتارا عن مدينة درعا السورية، إلى جانب مستشفى ميداني عسكري». ويقول «لا توجد أي حماية للمدينة، ونحن في الرمثا مأزومون من الوضع، بل الناس يعيشون حالة خوف وهلع بانتظار ما ستؤول إليه الأمور». ويطالب النائب الدرايسة الحكومة بتنظيم حملة إعلامية وتوعية القاطنين في المناطق الحدودية من أجل التعامل مع التطورات التي قد تحدث في حال وجهت ضربة عسكرية إلى سوريا من قبل الولايات المتحدة. ويقطن مدينة الرمثا ما لا يقل عن مائة ألف أردني، ولجأ إليها خلال العامين ونصف العام الأخيرة من عمر الأزمة السورية خمسون ألف سوري، مما تسبب في ضغط اقتصادي واجتماعي على سكان المدينة. وبحسب النائب الدرايسة فإن «السكان المحليين تضرروا اقتصاديا خاصة أن اللاجئين الجدد محترفون اقتصاديا فسيطروا على سوق العمل والتجارة، وحل السوريون مكان أهل الرمثا، بل إن غالبية العاملين في المهن من السوريين». ويشير الدرايسة إلى أن «إغلاق الحدود شل الحياة الاقتصادية في المدينة الحدودية التي كانت تعتاش على التجارة البينية بين البلدين»، ويقول إن «أكثر من ألف سائق كانوا يعملون في قطاع استيراد البضائع توقفوا عن العمل منذ بداية الأزمة ولم يقدم لهم أي تعويض أو بديل، فهم الآن بلا عمل». ويصف مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في صحيفة الرأي الدكتور خالد الشقران الوضع في مدينة الرمثا بـ«المأساوي» من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية بسبب توقف النشاط التجاري في المدينة الحدودية التي كانت تعتمد على التجارة مع سوريا. وأشار الشقران، وهو من سكان الرمثا، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما يقارب 80 في المائة من سكان مدينة الرمثا يعملون في التجارة بين الأردن وسوريا، وهذه توقفت جراء الحرب في سوريا وإغلاق المركز الحدودي بين البلدين». ويصف الوضع في مدينة الرمثا اليوم بأنه «تسوده حالة من الترقب لما سيجري في سوريا وهذه الحالة السائدة لدى المواطنين». ويشير إلى أن «هناك إقبالا غير مسبوق على شراء المواد التموينية»، ويصف الحكومة بـ«الغائبة» لعدم استماعها لمطالب الأهالي في مثل هذه الظروف الاستثنائية. وفي جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» في الرمثا، طالب الأهالي الحكومة بالاستماع إلى مطالبهم. وقال المواطن علاء الزعبي إن «الوضع بات مخيفا، ويجب على الدولة أن تبادر إلى طمأنة المواطنين»، مطالبا بزيارات ميدانية للمدن والقرى والمجاورة للحدود السورية لرفع معنويات السكان. وتمتد الحدود الأردنية مع سوريا 378 كم، تبدأ من منطقة تل شهاب إلى أقصى الشرق حتى لواء الرويشد. واستغرب قائد قوات حرس الحدود بالإنابة العميد الركن غالب الحمايدة، في تصريحات نشرت أمس، ما نُقل عن نزوح لأهالي الشمال أو القرى المتاخمة للحدود نحو مناطق أكثر أمنا. وقال «أطمئن الشعب الأردني خاصة القرى على الحدود والواجهة الشمالية: أنتم في حماية القوات المسلحة، ولا تستمعوا إلى الشائعات المغرضة التي تهدد نسيجنا والمنظومة الاجتماعية وتضعف الجبهة الداخلية وتخدم الخارج». وقال العميد الحمايدة «نحن ندافع عن حدودنا وأراضينا ضمن مواقعنا الدفاعية، والقوات المسلحة لن تشارك في أي عمل عسكري»، مكررا في حديثه ما أكدته الحكومة الأردنية «لن نكون منطلقا لأي عمل عسكري ضد سوريا». وتشير تقديرات رسمية إلى أنه في حال شن الضربة العسكرية فإن تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن سيزداد بطريقة لن تستطيع معها الحكومة الأردنية بمفردها التعامل مع الأعداد التي يتوقع أن تصل يوميا إلى ما يقارب 20 ألف لاجئ سوري. ومن جهته، أبدى خالد أبو زيد، محافظ اربد، شمال المملكة، دهشته من الأسئلة حول نزوح أردنيين في قرى الشمال إلى مناطق أخرى وسط الأجواء الحذرة والترقب بسبب احتمال توجيه ضربة غربية لسوريا. وقال أبو زيد، في تصريحات صحافية «لا نزوح بالمطلق من قرى الشمال»، واصفا الحياة اليومية للناس بـ«الاعتيادية» و«الطبيعية». وأكد محافظ إربد «نحن موجودون في الرمثا على الواجهة الشمالية والمتاخمة للشريط الحدودي»، لافتا إلى أنه يزور الرمثا بشكل دوري، كما أن المتصرف موجود في المكان طوال الوقت. ويبدو أن اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، شمال شرقي عمان، هم الأكثر حماسة لتوجيه ضربة عسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، معتبرين أن إضعاف النظام وإسقاطه هو أملهم الوحيد في العودة إلى ديارهم والتخلص من «عذابات اللجوء». ويقول لاجئون إن «التخلص من نظام الأسد ينهي العنف الدائر في بلادنا ويضع حدا لآلة القتل»، ويشدد على أن «نظام الأسد دمر البلاد وقتل العباد حبا في السلطة».
مشاركة :