كتب اللفتنانت البريطاني إدوارد هالس لوالدته بعد عيد الميلاد في العام 1914 يقول إن التآخي ساد الأجواء لفترة وجيزة أثناء الحرب العالمية الأولى وتبادل طرفا المعركة مظاهر الود «بكل طريقة صادقة ممكنة... لو كنتُ شاهدتُ هذا في فيلم سينمائي لأقسمت أنه مزيف». ويحتفي الناس بذكرى مرور مئة عام على هذه اللحظة، لأنها تمثل انتصاراً للإنسانية قاسماً مشتركاً بين البشر على الوحشية التي ألمت بأوروبا، حيث التقت قوات اقتتال استمر على مدار أربعة أشهر لينشد الجنود الترانيم ويتبادلون الهدايا ويلعبون الكرة في المنطقة المحرمة الفاصلة بين مواقعهم. ولا يعرف الكثيرون أن بعض الجنود البريطانيين سيُعاقبون فيما بعد بسبب ساعة من المودة قضوها مع أعدائهم. وفي واقعة أخرى لا تُذكر كثيراُ تكررت هذه الهدنة الشهيرة في العام التالي، وبسببها مثل أحد زملاء هالس الضباط أمام القضاء العسكري. وبخلاف هالس الذي قتل في العام 1915 نجا الكابتن ايان كوهون من الحرب، وقال إنه تعرّض للعقاب العسكري لأنه كرّر تبادل السيجار بمناسبة عيد الميلاد مع العدو الألماني، آنذاك، وسمح للطرفين بدفن قتلاهم الكثيرين. وكتب في العام 1915 يقول: «كان الميجر جنرال (لورد كافان) حانقاً»، أراد قائده أن يعرف سبب عصيان أوامر محددة بعدم تكرار تبادل الودّ مع الألمان في العام 1914. وكتب أيضاً «تحدث رجالنا مع الألمان وتبادلوا السيجار والسجائر وغيرها لمدة ربع ساعة، وعندما انتهى الوقت أطلقت صافرة وعاد الجانبان إلى خنادقهم». واتهم كوهون بالإضرار بالنظام السوي والانضباط العسكري من خلال «الموافقة على هدنة مع العدو». واستمعت محاكمته التي استمرت خمس ساعات يوم 17 كانون الثاني (يناير) 1916 إلى شهادة القائد العام البريطاني آنذاك، الجنرال دوجلاس هيغ. ورغم إدانته، اقتصر الحكم على توبيخ كوهون الذي شعر أن الجيش يتفهّم روح عيد الميلاد، وكتب يقول «إن كل من يعلم حقائق القضية يقول إن انعقاد المحكمة العسكرية أصلاً كان أمراً مشيناً».
مشاركة :