إعداد: إبراهيم باهو «هذا ليس بسلام، إنها هدنة لعشرين عاماً»، تلك كانت كلمات فرديناند فوش، الجنرال والكاتب العسكري الفرنسي القائد الأعلى لجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، عندما وقع على هدنة كومبين التي أنهت الحرب العالمية العالمية الأولى بين الحلفاء والألمان في مثل هذا اليوم من عام 1918 بعد نحو 4 أعوام من الحرب، وصدق فوش بتلك الكلمات لأن الحرب العالمية الثانية بدأت بعد نحو عشرين عاماً من الأولى.وقت الهدنة التاريخية في الخامسة مساءً داخل إحدى مركبات السكك الحديدية في غابة «كومبين»، بالقرب من مدينة كومبين بإقليم واز شمال فرنسا، وسميت الهدنة بهذا الاسم نسبة إلى مكان توقيعها. وتعد الحرب العالمية الأولى، أو كما يسميها الأمريكيون «الحرب الأوروبية»، من أعنف حروب العالم، إذ راح ضحيتها نحو 9 ملايين جندي من الطرفين، والملايين من السكان.جمعت الحرب مجموعتين من الدول المتعارضة، هما قوات الحلفاء وهم «الوفاق الثلاثي: المملكة المتحدة، فرنسا والإمبراطورية الروسية»، في مواجهة «الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا».توسعت هذه التحالفات وكبرت مع ازدياد دخول العديد من الدول للمشاركة في هذه الحرب، فإيطاليا واليابان والولايات المتحدة انضموا إلى الحلفاء، بينما انضمت الدولة العثمانية ومملكة بلغاريا لتحالف الإمبراطورية الألمانية، وفي النهاية فإن أكثر من 70 مليون من العسكريين من بينهم 60 مليوناً من الأوروبيين احتشدوا للمشاركة في واحدة من أكبر الحروب في التاريخ.بدأت الحرب في 28 يوليو/تموز 1914 بعد شهر من اغتيال وارث العرش النمساوي الأرشيدوق فرانز فرديناند، عندما غزت الإمبراطورية النمساوية المجرية مملكة صربيا، والإمبراطورية الألمانية بلجيكا ولوكسمبورج، قبل أن تمضي الأخيرة قدماً لغزو فرنسا، ما جعل المملكة المتحدة تعلن الحرب على الإمبراطورية الألمانية.وبعد توقيع الهدنة التي أنهت المأساة، نزل المدنيون في المدن الكبرى والقرى الصغيرة الممتدة من فرنسا إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، مروراً بأستراليا ونيوزيلندا، إلى الشوارع احتفالا بالهدنة، وتمتع أطفال المدارس في كل مكان بعطلة.وفي لندن دُقت أجراس ساعة «بيج بين» لأول مرة منذ صيف 1914 كما ملأت الجماهير المبتهجة ميدان «ترافلجار» بالعاصمة البريطانية لإقامة احتفال صاخب دام ثلاثة أيام، أما في أمريكا فقد بدأ الاحتفال على الساحل الشرقي في وقت مُبكر من الصباح حيث أضاءت السلطات تمثال الحرية لأول مرة منذ دخول الحرب. وفي ألمانيا وصلت أنباء الهدنة إلى السكان الذين كانوا في حالة عقلية مكتئبة ومضطربة، واعترفت الحكومة بالهزيمة.
مشاركة :