ومع ترديد رضا الثاني، موال «سابقًا» وكنا سابقًا وعملنا سابقا، فإنه يحاول رضا كونه في فضاء باريس وبرج إيفل أمام قوس النصر، فعليه ان يخبرنا ويخبر العالم ماهو نموذجه ومشروعه فيقفز لفكرة جهنمية تنتشله من كربته فيقول فرحا متباهيا بزهو العرش المنتظر القادم: «نريد أن نرى النموذج الفرنسي مثلاً - تضمن تعايشًا بين الجميع الفكر القائم على المساواة والتعايش كان موجودا في ايران حتى ما قبل انقلاب الملالي». في الحقيقة لم نكن نعلم أن ايران كانت جنة عدن قبل نظام الملالي، ولكن رضا بهلوي الثاني يتوق للنموذج الفرنسي، في زمن لم يعد أحد يراه نموذجا للاحتذاء اصلا فقد مرت عجلة التاريخ طويلاً بتجارب غنية ومتنوعة ومهمة اكثر من مدينة باريس نفسها، باريس الكومونة كنموذج آخر من التاريخ الفرنسي. الثورة البرجوازية الفرنسية خانت شعاراتها وافكارها عن الاخاء والحرية والعدالة، فكان على مستعمراتها البعيدة أن تكون شاهد عيان على تلطخ يدها بالدم. ولكي يبدو رضا بهلوى الثاني شعبويًا حبيبًا للشبيبة فما عليه إلا ان يدعو العالم من خلال تلك المقابلة التاريخية!! بالدعوة الى إجراء استطلاع رأي سياسي مركزًا على مخزون الشباب المنتفض بأنهم مع ابناء الشعب الايراني سوف يختارون طريق الحرية والمساواة، هنا في هذا الحيز من الدعاية للذات، يحاول رضا تسويق نفسه كرجل المستقبل البديل بقوله: «لو قمت باجراء استطلاع رأي بين ابناء الشعب الايراني فسوف تجدهم يؤيدون الحرية والمساواة ويحلمون بدستور يضمن لهم جميع هذه القيم. ويلبي طموحات الشباب الايراني. لدينا قطاعات كبيرة من الشباب لا يتوافقون ولا يمكنهم التعايش مع النظام الحاكم في طهران». تضحكنا تلك البديهيات من نوع الدستور والطموحات ورفض توافق وتعايش الشباب مع نظام طهران !!. نقول حقا لقد اكتشـف رضــا بهلوى الثاني نظرية جديدة في الثورة والانفجـارات الثورية والوضـع الثوري بين الشبيبة الايرانية. نجدها تلك النظرية في المقولات الشعبوية المثيرة للعواطف، حتى بدا رضا بهلوى مدافعًا ضروسًا عن «ثورة الجياع» في ايران بقوله: «في نهاية اليوم حينما تكون المعدة خاوية وهناك حالة من الحرمان وشعور بأنه لا توجد فرص حقيقية للحياة فسوف يبكى الشعب من اجل الحرية، وهم يعلمون جيدًا أن الحرية لها شروط، وثقتي كبيرة أن المواطن الايراني سوف يتحمل مسؤولية الحفاظ على هذه الحدود». يقدم نفسه لنا رضا واعظا يحمل الوصايا القادمة كمسيح ايراني، وينسى أن الجيل الشاب بمثل رفضه نظام الملالي يرفض بقوة اكثر نظام السلالة وانماط العبوديات القديمة والحديثة من انظمة الاستبداد والتسلط، ونظام والده من قبل لم يكن مع نظام الملالي إلا وجهان لعملة واحدة! والانكى والغريب أن ابن البلاط والتاج والنعمة المستدامة بين حياة البذخ وفنادق الخمسة نجوم في المنفى يتحدث عن «معدة وحرمان الانسان الايراني». هذا الاكتشاف العظيم في علم السوسيولوجيا عن مقولات الاستياء والسخط والقهر الاجتماعي وكيف تنتج انتفاضات وثورات براءة اختراع لرضا. دون شك نحن نشكر رضا الثاني كونه علّمنا وأرشدنا لطريق جديد ولتصورات قادمة وأفق مستقبلي لمسيرة انتفاضة ديسمبر 2017، وتنبيهنا لشروط الحرية وحدودها، متسترًا خلف القلق وخشيته من انفلات تلك الثورة نحو الفوضى والانتقام في مرحلة إنتقالية. في الجزء الثاني من المقابلة يطرح نفسه الامبراطور الصغير كداعية سلام ومشروع تنموي بين شعوب المنطقة ورجل مهتم بموارد وثروة المنطقة المهدورة، ونحن نفهم كيف تم إهدار الثروة في عهد والده وأين ذهبت الاموال الطائلة في الخارج، ويبدو أن الجميع صار يتباكى على حال المنطقة متناسيا أن نظام الملالي في سياساته الرعناء يستكمل نهجا عبثياً قريباً في اوجهه من نظام الشاه سابقا، غير أن الشاه الابن لا يرى في السابق إلا وجهًا ناصعًا لنظام والده المحبوب شعبيا!! فتعالوا نقرأ كيف امتطى رضا صهوة حصان عجوز غير قادر على الخبب فكيف بإمكانه الجري سريعًا مع متغيرات العصر، حيث استطرد قائلا «إن العداء الايراني للشعوب المجاورة يهدر موارد المنطقة»!!! متحدثًا عن ملفات تتعلق بمصير ومستقبل شعوب المنطقة مثل الموارد المائية والبيئية. نحتاج الى تعاون حقيقي بين شعوب المنطقة نحتاج الى تكنولوجيا للتنفيذ ( للأسف كل شي مجمد ). هكذا تكلم زرادشت !! متحسّرًا على أن الجمود هو سيد الموقــف، ولن يحرك ذلك الجليد المتجمد إلا فارس الحــلم الشبابي، الامبراطور الصغير حين تفوه في المقابلة بحماس: «قلتـها سابقًا وما زلت أكثر تمسكًا بما قلت ليست إيران بحاجـــة الى السلاح النووي ولا الى هذا الهوس العسكري».
مشاركة :