طاقات مهدرة

  • 8/30/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تتنازع الشعوب في حقيقة رمز سياسي أو شخصية مؤثرة، وتتطرف في تناول مسيرته بين الغالي الذي يكاد يُلحقه بالذين صنعوا التاريخ، والجافي الذي لا يتورع عن وضعه في مصاف هتلر وموسوليني ولينين وستالين، يصعُب جدا ارجاع هذه الشخصية الى حجمها الطبيعي من دون خسائر مادية ومعنوية! فإرجاع هذه الشخصية الى حجمها الطبيعي سيجعل المنصف هدفا ومرمى لكلا الفريقين.. فالغالي سيصب جام غضبه على هذا المنصف لأنه يتصور أنه قلل من حجم وعظمة الشخصية بإنزالها عن الدرجة التي تقرّبها من درجة صناع التاريخ! والجافي سيصب جام غضبه على هذا المنصف لأنه يتصور أنه عظّم ورفع الشخصية المتنازع في حقيقة حجمها إلى درجة لا تستحقها على الإطلاق! هذه المعضلة هي التي يعاني منها كل شخص يريد الكلام عن الحجم الطبيعي للشخصيات المؤثرة في العالم.. فحقيقتهم ضاعت بين المتصارعين على صياغة ملامح مصطنعة لهم تخالف حقيقتهم! فهناك من يضخّمهم ويحاول صياغة عظمة مصطنعة لهم لأنه استطاع أن يرسّخ في أذهان الجماهير أن مدح وتعظيم هؤلاء مطّرد مع ذم وتحقير مخالفيهم.. لذلك هو لا يكل ولا يمل عن مدحهم صباحَ مساء لأنه يشعر أثناء مدحهم بأنه يسب ويحقّر مخالفيهم بشكل غير مباشر! فمدحهم يعطيه مساحة للبوح عن مكنونات نفسه تجاه أعداء رموزه من دون أن يقع تحت طائلة القانون! وهناك فريق على العكس من الفريق الأول يبالغ في ذم رموز الفريق الأول ويكاد يجرّدهم من كل فضيلة…لأنه على يقين من أن مدحهم وتعظيمهم بهذا الشكل المبالغ فيه لا يُرادان لذاتهما وإنما لتمرير أجندات تصب في مصلحة أحزاب سياسية عُرِف لها تاريخ من التلوّن وغير مأمونة الجانب! فأصبح ذمهم عند هذا الفريق بمنزلة الذم المباشر لهذه الأحزاب، ومساهمة مباشرة لتقليل شعبيتها وفرصها الانتخابية! وهكذا ضاعت حقيقة أغلب الرموز السياسية في العالم، لأن أغلب من يتناولون شخوصهم لا يريدونها لذاتها وإنما لتمرير غايات وأجندات معينة من خلالها! عبدالكريم دوخي المجهول a_do5y@

مشاركة :