حتى هذه اللحظة لم يحظ قانون الجامعات الحكومية والخاصة بالرعاية والاهتمام الكافيين من مجلس الأمة والحكومة، رغم استمرار الصرف السخي على التعليم الجامعي الذي وصل إلى أكثر من مليار دينار سنوياً، والرقم قابل للزيادة مع فرضية زيادة أعداد الطلبة الخريجين من الثانوية العامة، والرهان على قدرتها على إدارة هذا الملف سيتوقف على مدى قدرتها على إنشاء كيانات حكومية وأهلية غير ربحية، والذي لا تبدو بوادره تلوح في الأفق القريب. المفهوم الذي تناولته في المقال السابق حول الفهم الحقيقي للجامعات الخاصة والأهلية غير الربحية على غرار جامعة (برنستون، وهارفارد، وستانفورد، ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا) بأن يخصص لها قانون أو يفرد لها مواد محددة ضمن مشروع تنظيم العمل بالجامعات، يحدد نشاطها الأكاديمي والبحثي أسوة بالجامعات المرموقة عالمياً، هذا المفهوم يجب النظر فيه. والتخطيط الحكومي حول مستقبل التعليم الجامعي تكتنفه الكثير من الضبابية فيما يخص الجامعات الحكومية المزمع إنشاؤها، والبدائل المتاحة إن كانت تتضمن إنشاء جامعة خاصة أو أهلية بالمفهوم غير الربحي الذي من شأنه المساهمة في تغيير مسار التعليم بدولة الكويت، وينقذ الأجيال القادمة من شبح الدراسة بالجامعات التجارية والضعيفة، سيغلق الباب على تجار التعليم. إذاً جدية الحكومة والمجلس على المحك نحو تحسين الأداء الجامعي، وعليهما فور انعقاد مجلس الأمة القادم أن يتقدما بمشاريع قوانين وبرامج تشغيلية واضحة المعالم تحاكي متطلبات التنمية واحتياج سوق العمل، وتراعي متطلبات جودة التعليم العالمي الذي تأخرت عنه الكويت كثيراً. تابعنا خلال الفترة السابقة بعض القرارات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم العالي، والتي لاقت استحسان الشارع الكويتي (تفعيل لائحة الغش، وقرار الحصول على الآيلتس، ومكافحة الشهادات المزورة والوهمية، وتنظيم الإجازات الدورية، وتجديد قائمة الجامعات المعترف فيها)، إلا أن هذه القرارات تنظيمية ولا تدخل ضمن رؤية تحسين جودة الأداء الجامعي. خلال العامين القادمين ستواجه الكويت أزمة قبول لن تسطيع جامعة الكويت والتطبيقي والجامعات الخاصة القائمة حالياً مواجهتها، ولن يكون بمقدور وزارة التعليم العالي التراجع عن قراراتها التنظيمية في ظل غياب الاستراتيجيات والبرامج التشغيلية، لذلك ليس من المستبعد أن ترمي الحكومة نفسها في أحضان القطاع الخاص وبالطريقة التي يريدها، وساعتها تكون الطيور طارت بأرزاقها والمحاسبة شبه مستحيلة حالها حال الكثير من القرارات التي اتخذتها الوزارة. الاستعداد المبكر نحو آلية استثمار وفرة المباني الجامعية الجديدة أو القائم منها يحتاج إلى الإسراع في إصدار قانون يسد الفراغ التشريعي، وإلى خطة تشغيل تبدأ فورا وبلا تأخير من خلال جذب الكوادر الأكاديمية المميزة والطواقم الإدارية والفنية المساندة كي لا تكون حال الجامعات الجديدة كحال مستشفى جابر. للعلم إذا تصفحت قائمة تصنيف الجامعات في العالم فلن تجد أي جامعة ربحية حظيت بأي مركز متقدم، وفي حساب النقاط بين المركزين 1000 و1100 مع أفضل 100 جامعة ستجد الفارق كبيرا بينهما، والمقارنة تفقد قيمتها في الكثير من أساسيات التقييم الجوهرية. ودمتم سالمين.
مشاركة :