إعداد: عبير حسينرفعت القيادة المركزية الأمريكية مؤخراً السرية عن «تقارير استجوابات» أجرتها خلال الوجود العسكري الأمريكي في العراق، وألقت الضوء فيها على قيس الخزعلي الذي يعد واحداً من أبرز الشخصيات السياسية العراقية المقربة من طهران، وعلى حجم التورط الإيراني في الشأن الداخلي العراقي عبر تدريب وتسليح ميليشيات خلال حرب العراق. وانفردت صحيفة «وول ستريت جورنال» بتقارير الاستجوابات التي رفع عنها السرية كجزء من محاولة دراسة تاريخ الحرب على العراق، إلا أنه لم يتم توزيعها رسمياً من قبل الحكومة الأمريكية، ونشرت تقريراً مطولاً كتبه محرراها للشؤون السياسية مايكل جوردون وبن كيسلنج، استعرضا خلاله حجم التورط الإيراني في الشأن الداخلي العراقي، وكيفية تقديمها الدعم المالي للميليشيات الطائفية وتزويدها بمتفجرات متطورة الصنع نفذت بها عشرات العمليات داخل المدن والمحافظات العراقية، وتأثير هذه التدخلات المتزايدة بعد رحيل القوات الأجنبية عن العراق 2011 في العملية السياسية العراقية. ويستعرض التقرير اعترافات الخزعلي التي أدلى بها للقوات الأمريكية بعد إلقاء القبض عليه 2007، ومن ثم الإفراج عنه 2009 بعد تعهد الميليشيا التي ينتمي إليها بإلقاء السلاح. وتضمنت اعترافاته تلقيه تدريبات عسكرية في 3 قواعد إيرانية منها قاعدة«الإمام الخميني»، ولقاؤه قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، إضافة إلى شهادته على وجود أعضاء من حزب الله اللبناني داخل طهران لتدريب الميليشيات الطائفية العراقية على «حرب المدن». وتبقى أهم اعترافاته بمسؤوليته عن «تفجير كربلاء» الذي قضى فيه 5 جنود وقدم لإفادته الكاملة عن الدعم والتخطيط الإيراني للعملية والتي كانت تهدف إلى أسر جنود أمريكيين لمقايضتهم بآخرين.يعد نشر هذه التقارير جزءاً من سياسة إدارة ترامب الحازمة تجاه إيران. وأشارت «وول ستريت جورنال» إلى أن «عصائب أهل الحق» مدرجة على القائمة الأمريكية للكيانات الإرهابية. كما يتوقع أن تلقى هذه التقارير بكثير من التحديات على مستقبل الخزعلي السياسي بعد النجاح الذي حققته جماعته بالفوز ب 15 مقعداً في البرلمان العراقي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو الماضي، والتي وإن كانت «غير مؤثرة» بالنسبة لإجمالي عدد المقاعد، لكنها «لافتة للنظر»، فبعد مقعد واحد حصل عليه تيار الخزعلي في الانتخابات السابقة نجح في مضاعفته 15 مرة هذا العام، كما أن تحالفه مع أحد التيارات ربما يرجح كفتها على أخرى. وأشارت الصحيفة إلى الخزعلي قائلة: «إنه شخصية سياسية في قلب الدراما العراقية، فعلى الرغم من إعلانه قبل فترة أنه ليس مديناً لإيران بشيء، إلا أن هذا لا ينفي الدعم الهائل الذي حصلت عليه ميليشياته من طهران». وتبدأ «تقارير الاستجوابات» بالإشارة إلى التنافس الأمريكي الإيراني على النفوذ في العراق طوال فترة الحرب وما بعدها، مشيرة إلى سعي طهران الدائم للتأثير في الحكومة في بغداد والتي يهيمن عليها «الشيعة»، وتستعرض التقارير أشكالاً مختلفة من الدعم الإيراني للميليشيات الطائفية التي هاجمت القوات الأمريكية للضغط عليها لمغادرة البلاد، وهو ما حدث في العام 2011 بعد فشل باراك أوباما في التوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي في التوصل إلى اتفاق يسمح للقوات الأمريكية بالبقاء. وتضيف «وول ستريت جورنال» ملاحظتها بأن الميليشيات المدعومة من إيران توقفت عن مهاجمة القوات الأمريكية التي عادت إلى العراق عام 2014 لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي إذ اتفقت المصالح الأمريكية والإيرانية على محاربته والذي ربما يكون الاتفاق الوحيد بينهما. وفقاً لتقرير الاستجواب في 18 يونيو 2007، قال الخزعلي إن الحرس الثوري الإيراني قدم له تدريبات في 3 قواعد عسكرية في طهران، وانه شاهد هناك أعضاء من حزب الله اللبناني يقدمون خبرتهم في «الحرب الحضرية» أو «حرب العصابات»، لأن الضباط الإيرانيين تنحصر خبرتهم في الحروب التقليدية. وأكد الاحتياطات الأمنية الهائلة التي تتخذها طهران لإخفاء تدريبها للميليشيات الطائفية في محاولة مستمرة منها لمواجهة الاتهامات التي تعتبرها سبباً في عدم استقرار العراق. واعترف الخزعلي بعد إلقاء القبض عليه بمسؤولية «عصائب أهل الحق» عما يقرب من 6000 هجوم في العراق، بما في ذلك الهجوم على معسكر الصقر في أكتوبر 2006، واغتيال قائد عسكري أمريكي في النجف، وإسقاط مروحية ويستلاند لينكس البريطانية في 6 مايو 2006، والهجوم على السفير البولندي في أكتوبر 2007. لكن أبرز هجوم شاركت فيه الحركة كان عملية مجلس محافظة كربلاء في يناير 2007 عند اقتحام مبنى المحافظة وبداخله وحدة أمن أمريكية مشتركة قتل على إثرها جندي أمريكي، واختطف أربعة آخرون قتلوا لاحقاً.
مشاركة :