أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين، فقد أحدثت هذه التقنية طفرة نوعية في الاتصالات، وأصبح من الممكن للأفراد التواصل مع بعضهم البعض بغض النظر عن المسافات التي تفصلهم. وفي الوقت ذاته أصبحت سلبياتها تهدد أمننا الوطني، وذلك من خلال استعانة بعض الجماعات بشبكات التواصل الاجتماعي كأداة لنشر الفكر المتطرف والتأثير على الرأي العام. أدت التطورات التكنولوجية إلى خلق جيل جديد من المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي في العمليات الإرهابية، فقد أصبح العالم الافتراضي بمثابة حياة ثانية للشباب، وكثرت الجرائم الإلكترونية هذه الأيام، حيث بدأ الأفراد في استعمال هذه الوسائل بشكل سلبي، ما أدى ، بفعل هذا التطور، إلى إعادة تعريف مفهوم الإرهاب، فقد تغير نمط الإرهاب من الإرهاب التقليدي إلى الإرهاب الذي لا حد له، والعابر للأوطان. اليوم أصبح من الصعب السيطرة على تحركات وخطط هذه الجماعات، بعد أن تمكنوا من استغلال شبكة الإنترنت لترتيب أفكارهم من خلال العالم الافتراضي. وقد تم تقدير الهجمات الإرهابية التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بنحو 90% . وقد أصبحت التنظيمات الإرهابية شبكية، وليست هرمية، كما أصبحت لها إمكانية اتخاذ القرارات في الفضاء الإلكتروني لتنفيذ عملياتها الإرهابية. والخطورة هنا، تكمن في أنه أصبح بإمكان فرد واحد العمل كمنظمة إرهابية. من ناحية أخرى، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تهديدا للأمن الوطني للشعوب والدول، وذلك بفعل استخدام بعض الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي في القرصنة وفبركة المعلومات ونشر الأفكار الهدامة بين الرأي العام. وفي إطار آخر، تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في شن حروب نفسية يتم من خلالها تغيير المعلومات ونشر الشائعات بهدف توريط شخصيات عامة. أما في بعض المواقف، فإن الجماعات قد تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي منبرا للتأثير على الاستقرار الداخلي للدول، وهو ما حدث في العديد من دول الخليج. وقد أعطت مجهولية المصدر التي منحتها شبكة الإنترنت للأفراد دافعا قويا إلى الجماعات لنشر المعلومات الخاطئة والعمليات الإرهابية والترويج للأفكار الخاطئة واستغلال الأشخاص في العمليات الإجرامية. وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأحزاب السياسية، والمنظمات غير الحكومية، وقراصنة الإنترنت. وبمساعدتها، بدأ بعض الأفراد في توجيه الاتهامات ونشر الشائعات عن الآخرين ما قد يؤدي إلى الانقسام المجتمعي، كما تتيح هذه الوسائل سهولة الحصول على المعلومات التي يتم استخدامها في الأغراض التي قد تمس أمن الدولة واستقرارها كصنع الأسلحة. وتمثل هذه العمليات الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل منها أداة هدامة تهدد السلم الاجتماعي وتخل بالأمن الوطني. عندما يأتي الكلام إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأمن الوطني، فإننا نتحدث عن التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي لهذه الوسائل، كما أن كثرة الاستمرار في استخدام هذه التكنولوجيا أمر ضار بالمجتمعات لأنه غير آمن ويعرض الأشخاص إلى مخاطر كثيرة؛ لأن وسائل التواصل الاجتماعي لا تؤثر على الأفراد فحسب، بل إن تأثيراتها تصل إلى الحكومات والدول. استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يزداد يومًا بعد يوم، ومن المهم أن تقوم الدول بالحفاظ على وتيرة المجتمع المتغيرة.. فالمجتمعات ليست على استعداد لتحمل عواقب إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي سوف تؤدي إلى سلوكيات دخيلة على المجتمع، فإن لم تكن هناك ضوابط على وسائل التواصل الاجتماعي، فسوف تتراكم التداعيات. هناك حاجة إلى تغيير الأنماط التدميرية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تدمر مجتمعات بأكملها. * باحثة بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»
مشاركة :