القصة القصيرة عند كل الشعوب أشبه بطفلة بضفيرتين وتنورة قصيرة

  • 8/31/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

محمد رمصيص، أديب وناقد من المملكة المغربية، وأستاذ جامعي، وباحث أكاديمي في الموروث الشعبي، قدم للمكتبة العربية عديداً من الإصدارات الأدبية التي تطرح الأسئلة حول النقد والقصة والموروث والثقافة.. كان لمجلة اليمامة معه هذا اللقاء: * الناقد الأدبي محمد رمصيص..حبذا لو تعرفنا بسيرتك الأدبية والنقدية؟ - محمد رمصيص ناقد أدبي مغربي، حاز على جائزة النقد بالمغرب سنة 2014 عن كتابه «قضايا القص الوامض بالمغرب». أصدرت كتباً نقدية أخرى تتوزع بين نقد الرواية والشعر والقصة...قبل أسبوع فقط صدر لي كتاب«قلق الكتابة» وهو عبارة عن تأملات نقدية في الكتابة الأدبية، عضو اتحاد المغرب، نائب رئيس بيت الأدب، وأستاذ باحث في الموروث الشعبي. * كونك من المختصين؛ ما رؤيتك لمجال القصة القصيرة: العبرية، العربية، اللاتينية؟ - أتصور أن القصة القصيرة طفلة بضفيرتين وتنورة قصيرة تماماً.. ترفض أن تكبر. تعمل كل احتياطات الحمية كي لا تصاب بالسمنة أو الترهل. القصة بهذا المعنى تريد أن تقول الكل بالجزء وأن تعبر بالحبر كما بالمحو.. طبعاً القصة القصيرة تتأثر بالتربة الثقافية التي أنتجتها. في السياق العربي تغذت على فن الخبر كما المقامة وسواهما بخلاف القصة اللاتينية التي تأثرت أولًا بالواقعية السحرية لاعتبار موضوعي وهو هيمنة الضباب طوال اليوم أمر يجعل الرؤية بالعين المجردة ملتبسة وهو عامل جعل الواقع يتجاور مع الأسطورة في محكياتهم، وقس على ذلك القصة العبرية... ليس هناك وصفة سحرية أو أوامر فوقية . * في لقاء لكم قلت إن هناك فقراً نقدياً لمجال القصة القصيرة بالمغرب، ما المعوقات؟ وكيف يمكن التخلص من ذلك؟ - سبق لي أن قلت هناك متابعة نقدية أقل للقصة القصيرة بالقياس للمتابعة النقدية للرواية مثلًا والأمر طبيعي إذا نظرت لِكم الجوائز العربية والعالمية التي أسندت للرواية. أما كيف يمكن التخلص من هذا الوضع فليس هناك وصفة سحرية أو أوامر فوقية.. إذا وفرنا الشرط الموضوعي للقصة القصيرة سوف تنتعش كما الرواية سواء بسواء. * لكم دراسة عن الكتابة والصحراء نشرت بمجلة سعودية، حبذا لو تحدثنا عنها؟ - صحيح نشرت دراسة لعلاقة الصحراء بالكتابة وخلصت إلى أنهما معاً مجالان شاسعان يصعب ارتيادهما دون دليل.. فدخولهما كالخروج إلى رحلة صيد إن لم تتوافر لك العدة اللازمة قد تجد هلاكك في أول منعطف. يتشابهان في القسوة والتمنع والهبة والبهاء. لحظة الوجود بالصحراء أو على ورق الكتابة تسقط كل الأقنعة، حيث نواجه ذواتنا دون رياء. قسوة المكان توازيها برودة الورقة وحياديتها القاتلة، لكن بالإلحاح على رفقتهما والإصرار على معاشرتهما تصير الكتابة ملاذاً والصحراء مأوى للتأمل والإنتاج الرمزي تماماً كما الكتابة فسحة لغوية مخصوصة وموطن نوعي لاستضافة الذات. * كيف تنظر للثقافة في زمن السوشيال ميديا؟ - أعتقد أن «السوشيال مديا» توفقت في كسر الاحتكار الذي كانت المنابر الورقية تمارسه على الكتاب وأصبح النشر متاحاً للجميع وتجاوزنا مشكلة القدرة الشرائية المتواضعة لكنها في الوقت نفسه فسحت المجال للنشر الرديء والمتدني من الأعمال؛ الشيء الذي جعل المحاباة تطغى على النقد في الوقت الذي كان من الممكن أن تعمل على وجود الناقد والمبدع معاً في فضاء افتراضي واحد والتفاعل الموضوعي. في تصوري الخاص، المشكل في الاستعمال وليس في الأداة. * هذا السؤال يقودنا لمعرفة موقفكم من الكتاب الرقمي؟ - أعتقد الكتاب الرقمي نتيجة حتمية للتطور التقني الذي قطعته الحضارة الإنسانية وإن كنت أفضل الكتاب الورقي كباحث، حيث التواصل الحسي بالورق والحبر. ما زلنا لم نتخلص بعد من اللحظة الواقعية وننتقل كلياً للحقبة الافتراضية وعموماً الكتاب الرقمي في تكامل مع الكتاب الورقي وليس هناك مفاضلة. * عوداً لموضوع القصة في المغرب، ماذا تقصد كما في كتابكم (أسئلة القصة القصيرة بالمغرب) مرحلة التأسيس والتجنيس؟ - القصد بمرحلة التأسيس-ونحن نتحدث عن القصة القصيرة بالمغرب-هو تلك اللحظة التي تخلص فيها الكتاب المغاربة من الاقتباس والتقليد وتأسيس صوت خاص بهم، أنت تعرف النشأة المتأخرة للقصة القصيرة بالمغرب نحو منتصف الأربعينيات من القرن العشرين.. وعلى كل حال تأخر تبلور صوت القص المغربي أعتبره شخصياً عاملًا إجابياً بحيث منحها فرصة للاطلاع على القصة بالمشرق والغرب ومن ثم استثمر تقنيات وطرق عرض وأساليب معالجة متعددة في ذات الوقت الذي انفتحت القصة المغربية على مضامين مغايرة كسؤال الاغتراب والموت والتخلف وما شابه ذلك.. إذن يمكننا اعتبار الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين هي مرحلة التأسيس أما مرحلة التجنيس فهي مرحلة مغربة القضايا والتقنيات والوسائط التبالغية وتجاوز أسئلة تأسيس هوية مغربية للقصة، بل هي مرحلة تجاوز أسئلة الشكل إلى أسئلة الهوية وبالتالي الرصد النقدي لأعطاب المجتمع متوسلة في ذلك مرجعيات مختلفة كالوجودية والواقعية النقدية وغيرهما..مرجعيات سرعان ما أخلت مكانها لكتابة تجريبية يتجاور فيها الشعر بالسرد. فضلًا عن غرابة دلالتها وغموضها، تجربة ترجمت لنا عزلة الذات وعدم اكتراثها بفعل التلقي، مع وجوب الإشارة إلى أن التحقيب أعلاها ليس قطعياً ولا نهائياً، فإن كان قصاصو المرحلة الثانية/التجنيس يكتبون قصصهم تحت هاجس أحلامهم القومية فإن قصاصي عقد التسعينيات جعلوا من الذات مركز الكتابة والوجود خلافاً لهواجس كتاب مرحلة التأسيس الذين كانوا يعملون على مغربة القصة ليس إلا...

مشاركة :