شؤون وشجون من مؤلفات السجون (3) أحمد عبدالرحمن العرفج شؤون وشجون من مؤلفات السجون (3) Arfaj555@yahoo.com مُنذُ أَيَّام، وأنا أتعمَّد ذِكر النَّمَاذِج؛ والمُؤلَّفَات والإصدَارَات، التي كَتَبَهَا أَصْحَابهَا، وهُم خَلف القُضبَان، وفِي غَيَاهِب السّجُون. وقَد تَعمَّدتُ أَنْ أَستَعرض نَماذِج كَثيرة، وشَوَاهِد وَفيرَة، حَتَّى لَا يَعتَقد مُعتَقِد؛ أَنَّ الأَمْر كَان بمَحْض الصُّدفَة، أَو فِعلاً مِن أَفعَال الشّذُوذ، بَل ذَكرتُ الشَّوَاهِد الكَثيرة، لأُثبِت أَنَّ الأَمر -وأَعنِي الكِتَابَة والتَّألِيف فِي السِّجن- أَصبَح ظَاهِرَة مِن ظَوَاهِر المُبدعين والمُؤلِّفين؛ الذين سُجِنُوا، لذَلك دَعوني أُوَاصِل الاستشهَاد؛ ببَعض إنتَاج هَؤلاء، الذين أَرسلوا لَنَا إبدَاعَاتهم ومُؤلَّفاتهم؛ مِن صَندوق بَريد السِّجن..! مَثلاً: يُعتَبَر الشَّاعِر الكَبير الرَّاحِل «أحمد فؤاد نجم»؛ أَكثَر شَاعِر أَلقَت بِهِ السُّلطَات المِصريَّة، فِي عهُودهَا المُختَلِفَة -السَّابِقَة- فِي غَيَاهِب السّجُون، حَيثُ بَلَغَت فَترَات سِجنه؛ مَا يُقَارب الثَّمانية عَشر عَامًا..! ويُروَى أَنَّ أَحَد ضُبَّاط السِّجن؛ كَان مِن هُوَاة الأَدَب، فشَجَّع «أحمد فؤاد نجم» عَلَى الكِتَابَة، ونَسَخَ لَه قَصَائِده عَلَى الآلَة الكَاتِبَة، وأَرسلهَا إلَى وزَارة الثَّقَافَة، والتي كَانَت تُقيم -آنذَاك- مُسَابقَة شِعريَّة، فَاز بِهَا دِيوانه -الذي حَمَل اسم «صُور مِن الحيَاة فِي السِّجن»- بالجَائِزَة الأُولَى، وكَانَت مُقدّمة الدِّيوَان بقَلم الرَّاحِلَة «سهير القلماوي»، فأَصبَح وهو فِي السِّجن شَاعِرًا مَشهورًا، بَعد أَنْ نَشَرَت وزَارة الثَّقَافَة الدِّيوَان عَام 1962..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: لَديَّ الكَثير مِن الأَمثِلَة، ولَكن مسَاحة اليَوم لَا تَكفِي لمَزيدٍ مِن الشَّوَاهِد، فاكتفينَا بالشَّاعِر «أحمد فؤاد نجم»، كَمَا يَكفي مِن القلَادَة مَا أَحَاط بالعُنق، أَمَّا بَقيَّة أَعضَاء الجَسَد، فأتْركهَا لَكُم..!!
مشاركة :