ناصر محمد العمري يغلب على هذا العصر سمة «التسارع» في مختلف أوجه الحياة فلا نكاد نستطيع الإلمام بالمنجزات العلمية والثورات التقنية والتطبيقات المختلفة حتى تظهر أخرى كون «الميديا» تتوالد بسرعة عجيبة ومتزايدة وهذا التوالد خلق إنساناً نهماً يبحث عن فتح جديد دوماً ويصاب بالشبع سريعاً. أكثر حقل يجسد هذه الحالة هو المنصات الاجتماعية حيث لا أحد اليوم يتذكر الماي سبيس نهائياً فيما يعاني فيسبوك أمام تويتر، والمنتديات اليوم لا تحظى إلا بالقليل من الاهتمام والأمر نفسه ينطبق على المدونات. وعند مقارنة الإقبال على واتسآب كوسيلة حديثة سنجد أنها اليوم التطبيق الأكثر استخداماً يحدث هذا رغم أن عمر تلك المنصات قصير جداً فدورة حياة الماي سبيس تكاد لا تذكر. بوادر هذا التسارع والصراع تظهر جلية في طريقة استخدامنا لهذه المنصات الاجتماعية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن من يتناقشون وينشرون على فيسبوك وتويتر أصبحوا يفعلون ذلك بدرجات أقل مُقارنة بأي وقت مضى، وهذا يدفعنا نحو التساؤل هل اقتربت لحظة نهاية هذه المنصات الاجتماعية؟ حيث يبدو بأن عنصر «الجدة» الذي يعني كون هذه المنصات الاجتماعية أمرا جديدا يرغب الجميع في تجربته، قد أوشك على نهاية مُدة صلاحيته، ومما يؤكد أن التحول بين تلك المواقع والوسائط يبدو متسارعاً هو أن المنصات ذات البُعد البصري مثل Instagram وPinterest تحظى بإقبال كبير مقارنة مع نظيراتها وفي ظل هذا السلوك الذي عليه إنسان اليوم الذي يتميز بشغف دائم نحو الجديد فإنه من المتوقع أن لا يدوم الأمر طويلا مع هذه المنصات الاجتماعية الجديدة أيضا، حيث من المتوقع أن يصاب الفرد من جديد بالضجر من كثرة استخدامه لها فيبدأ رحلة بحث عن بدائل عنها. بسبب سرعة تغير حاجات إنسان هذا العصر ورغباته بشكل سريع وحرص المنتجين على تغذية هذا السلوك وتأكيده. يحدث هذا على نحو متساوٍ بين مختلف أنواع منصات التواصل سواء منصات تواصل اجتماعية التي تحتاج إلى تسجيل كـ Skype أو تلك المنصات المفتوحة التي لا تحتاج إلى تسجيل مثل الـ youtube حيث يمكن مشاهدة محتواها دون تسجيل فيها والمغلقة بشكل مُحكم كـ LinkedIn، وحتى الخدمات التي تقدمها الهواتف تعاني نفس المشكلة فرسائل SMS اليوم مهجورة أمام الواتسآب والمنصات المتوفرة حصريا على الهواتف الذكية «SnapChat، WeChat، Kik…» تتصارع مع بعضها من أجل البقاء. وهناك دراسات تشير إلى أن البريد الإلكتروني سيذوق من نفس الكأس التي يتجرعها البريد العادي حيث جيل اليوم يضحك مقهقهاً من بدائية طرق الحب التي جسدتها أغنية «ابعت لي جواب وطمني» حيث شعار إنسان العصر «نتلهف لماهو جديد دوماً».
مشاركة :