على وقع التحضيرات الروسية لحسم معركة ادلب، المعقل الاخير للمعارضة السورية، ادى تفجير بسيارة مفخخة امس في مركز مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى مقتل مدني وإصابة 17 آخرين على الأقل. ووقع التفجير قرب مبنى المجلس المحلي في أعزاز الحدودية مع تركيا، وألحق أضرارا بالعديد من السيارات في محيط المكان. ولم تتبن أي جهة التفجير، في حين قال شاهد إن الانفجار استهدف اعتصاما للمطالبة بانتخابات محلية جديدة. إلى ذلك، انفجرت عبوة ناسفة داخل سيارة تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (النصرة) في بلدة سراقب بريف إدلب الشرقي، ما تسبب في إصابة القيادي في الجبهة المصنفة ارهابية أحمد فؤاد الشيخ ديب، وهو قائد قطاع البادية التابع للهيئة. وبالتزامن مع انفجار سراقب، وقع انفجار آخر في بلدة الدانا شمالي إدلب متسببا بإصابة أربعة مدنيين. ولم تتبن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرين. وكانت النصرة شهدت عشرات محاولات الاغتيال التي طالت قيادييها، وطالما شكلت الجبهة ملفاً شائكاً في النزاع السوري، وها هي توشك أن تكون عرضة لهجوم لقوات النظام، كما انها على خلاف مع تنظيم داعش الارهابي ومع فصائل معارضة اخرى احتربت معها، لكنها ما زالت تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، لاسيما مدينة إدلب، مركز المحافظة، وخان شيخون وجسر الشغور، كما تسيطر على أبرز المعابر التجارية مع مناطق النظام أو بتركيا شمالاً ما يؤمن لها دخلا كبيرا. وظهرت النصرة في يناير عام 2012، وقد شكلت في بداياتها امتدادا لدولة العراق الاسلامية، فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. وفي أبريل 2013، رفضت الاندماج مع تنظيم داعش وبايعت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. وقد أعلن زعيمها السوري ابو محمد الجولاني في يوليو 2014 طموحه لتشكيل «امارة اسلامية» مماثلة للخلافة التي أعلنها داعش. ووفق المرصد السوري لحقوق الانسان فإن نحو 25 ألف مقاتل في صفوفها حالياً 80 بالمئة منهم سوريون، اما الاجانب فيشكلون الجزء الباقي ويتحدرون بشكل أساسي من الأردن والسعودية وتونس ومصر، فضلاً عن دول في جنوب آسيا. واليوم امام النصرة خياران لا ثالث لهما، إما ان تحل نفسها وتندمج مع بقية الفصائل وتتخلى عن فكرة الجهاد، او تتعرض لهجوم سيكون كارثيا على المدنيين في ادلب. وتطلب روسيا من تركيا إيجاد حل لإنهاء وجودها، وبالتالي تفادي هجوم واسع على المحافظة، وبالفعل، تدور حاليا مفاوضات بين تركيا وهيئة تحرير الشام بهدف تفكيك الأخيرة، وفق المرصد السوري. وقد أعلنت تركيا رسمياً في نهاية أغسطس تصنيف الهيئة منظمة إرهابية. ومن شأن حل الهيئة بأمر من تركيا أن يحرمها جزءا كبيرا من قوتها، ويعني استبدال حكم هيئة تحرير الشام بحكم تركيا. أوراق سياسية وعسكرية في سياق آخر، أعلن القائد العام لحركة أحرار الشام، التي تدعمها تركيا جابر علي باشا استعداده لأي معركة في محافظة إدلب، معتبرا أن الفصائل تملك الكثير من الأوراق السياسية والعسكرية والأمنية تحتاج لاستثمارها، مشيرا إلى أن إدلب لن تكون كغيرها من المناطق. وقال القيادي المعين حديثا على رأس «أحرار الشام» إن الروس لا يمكن الوثوق بهم، فمشروعهم لم يتغير وهو اعادة تأهيل الاسد. وأكد علي باشا أن «معركة الشمال ستكون جحيما على الروس ولن تكون كباقي المناطق». وتعتبر تصريحات علي باشا الأولى بعد تعيينه لقيادة «أحرار الشام» خلفًا للقيادي حسن صوفان. وتنضوي «أحرار الشام» حاليا في «الجبهة الوطنية للتحرير»، التي تتلقى دعما عسكريا ولوجستيا من تركيا. معركة حاسمة وفي هذا الاطار، علق الكولونيل المتقاعد ريك فرانكونا، محلل الشؤون العسكرية بشبكة «سي أن أن» على معركة إدلب المرتقبة، وقال انها ستكون حاسمة وستستمر حتى النهاية، فلن يستسلم الثوار باعتبار أنه لم يتبق مكان آخر في سوريا يمكنهم الانتقال إليه، وليس أمام المقاتلين الا خيار الاستسلام أو القتال حتى الموت. إلا أن فرانكونا رأى أن «الثوار لن يتمكنوا من الصمود». «الجدار» الروسي إلى ذلك، بدأت روسيا امس مناورات عسكرية في البحر المتوسط، تحت مسمى «الجدار» تحديا للولايات المتحدة. وقال قائد القوات البحرية الروسية، الأميرال فلاديمير كورولوف، إن 26 قطعة بحرية و34 طائرة تشارك في هذه المناورات التي تتضمن صد هجمات تشنها الطائرات والغواصات ومكافحة القرصنة وإنقاذ السفن المنكوبة. وأضاف أن الهدف الحقيقي من إجراء المناورات محاولة منع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من ضرب مواقع النظام، ومنع إقامة منطقة حظر جوي في سوريا. وجرى الحديث مؤخرا عن إمكانية إقامة اميركا منطقة «حظر جوي»، فوق مناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديموقراطية». وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قال إن الولايات المتحدة تعتبر هجوم النظام على إدلب «تصعيدا خطيرا للصراع»، موجها انتقادات لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، «لدفاعه عن الهجوم». وتزامن كلام بومبيو مع بدء ممثل الولايات المتحدة الخاص الجديد بشأن سوريا، جيمس جيفري، امس، جولة على دول الجوار السوري تشمل كلاً من إسرائيل والأردن وتركيا، حيث سيؤكد أن الولايات المتحدة سترد على أي هجوم بالأسلحة الكيماوية يشنه النظام السوري. غير ان الولايات المتحدة تبدو على استعداد لتقبل انتصار عسكري لنظام الأسد، بالرغم من التحذيرات الرمزية الموجهة إلى دمشق وموسكو. وقال الباحث في معهد «هادسون» للدراسات في واشنطن جوناس باريلو بليسنر إن هذه «التحذيرات الشفهية» في تباين مع واقع سوريا اليوم حيث يتقدم الأسد ميدانيا، في حين أن الإدارة الأميركية لا تزال تعطي الأولوية لمفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة». (ا ف ب، رويترز، الاناضول)
مشاركة :